بروكسل
قالت ‘‘هيومن رايتس ووتش’’ اليوم الخميس، إن السلطات التركية رحلت آلاف السوريين كما أنها تضغط عليهم لمغادرة البلاد نحو منطقة تل أبيض الحدودية بريف محافظة الرقة، شمالي سوريا، الخاضعة لسيطرة أنقرة وفصائل مسلحة معارضة مدعومة منها، ضمن ظروف إنسانية ‘‘مزرية’’.
وأشار تقرير المنظمة الحقوقية، إن نسبة الاعتقالات والترحيل ازدادت خلال العامين السابقين، وأن أبحاثها توصلت إلى أن تركيا غالباً ما تجبر السوريين على التوقيع على استمارات “العودة الطوعية”، موضحة أن السلطات التركية لم ترد على رسالة وجهتها إليها المنظمة حيال نتائج أبحاثها ومعلوماتها.
وقال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: ‘‘العودة الطوعية التي تنفذها تركيا إلى “المناطق الآمنة” غالباً ما تكون عودة قسرية محفوفة بالمخاطر ويشوبها اليأس، وتعهد تركيا بإنشاء مناطق آمنة يظل بلا معنى، إذ يجد السوريون أنفسهم مجبرين على خوض رحلات خطرة هرباً من الظروف اللاإنسانية في تل أبيض’’.
وكشفت مصادر مطلعة لـ ‘‘رايتس ووتش’’ إحصائيات العبور من تركيا إلى سوريا، التي تظهر تناقضات البيانات المنشورة على صفحات فيسبوك لإدارات المعابر الحدوديّة الثلاثة (تل أبيض وباب السلامة وباب الهوى) التي تصنف العائدين.
وذكر التقرير أن المسؤولين الأتراك نجحوا في الضغط على إدارتي باب السلامة وتلّ أبيض حتى لا تنشرا أرقام المرحلين، فعمدت إدارة المعبرين إلى اعتبار جميع عمليات العبور أنها “عودة طوعية”.
وزادت تركيا عدد السوريين الذين تُعيدهم عبر معبر تل أبيض خلال عام 2023، حيث قالت تركيا إنها تهدف إلى تحويل مناطق شمال سوريا الواقعة تحت سيطرتها، بما فيها تل أبيض، إلى ‘‘مناطق آمنة’’، لكن في الواقع هذه المناطق تزخر بالانتهاكات الحقوقية، وفق ما جاء في التقرير.
وتسيطر القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة المدعومة منها، منذ عام 2019، على مدينتي سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض في شمال شرقي سوريا، حيث أدت العملية إلى تهجير نحو 300 ألف شخص، وفق تقارير حقوقية محلية.
وكان الرئيس التركي طيب رجب أردوغان، أعلن في أيار / مايو 2022، عن خطة لإنشاء ‘‘منطقة آمنة’’ في الأراضي التي تخضع لسيطرة قوات بلاده شمالي سوريا، وبناء منازل لاستيعاب ما يصل إلى مليون سوري يعيشون في تركيا.
إلا أن ‘‘رايتس ووتش’’ قالت بأنها وثقت انتهاكات حقوقية خطيرة وجرائم حرب محتملة ارتكبتها بشكل أساسي جماعات محليّة مسلّحة مدعومة من تركيا في هذه المناطق ‘‘الخارجة عن القانون وغير الآمنة’’، مشددة على أن أفراداً من القوات المسلحة وأجهزة المخابرات التركية متورطين في الانتهاكات والإشراف عليها.
كما ذكر تقرير المنظمة، إجراءها لقاءات مع سبعة مُرحلين إلى تل أبيض، وقالت إن ستة منهم كانوا يحملون تصاريح حماية مؤقتة عندما كانوا يعيشون في تركيا، ما يفترض أن يوفر حماية قانونية للاجئين السوريين من الإعادة القسريّة إلى سوريا، حيث قالوا إنهم أجبروا على توقيع استمارات عودة ‘‘طوعيّة’’.
ويشدد التقرير على أن ‘‘تركيا طرف في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية اللاجئين لعام 1951. وعليه، ووفقاً للقانون العرفي الدولي، فهي ملزمة باحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية الذي يحظر إرجاع أي شخص إلى مكان قد يواجه فيه حقاً خطر التعرض للاضطهاد أو التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو تكون فيه حياته مهددة.