خاص – ربيع دمج/ دبي
في العام 1987 حقق مسلسل “ليالي الحلمية” نجاحاً مدوياً في العالم العربي أثناء عرضه في موسم رمضان، فكانت الشوارع في عدد من الدول العربية تخلو من المارة، الأمر الذي دفع صناع العمل من كاتبه أسامة أنور عكاشة ومخرجه إسماعيل عبد الحافظ وحتى التلفزيون المصري لإنتاج عدة أجزاء منه امتدت إلى خمسة، ليكون بذلك أطول مسلسل عربي من حيث عدد الحلقات ومن حيث النجاح والمتابعات.
نجاح أجزاء ليالي الحلمية لا سيما الجزء الثاني فتح الباب على صناع الأعمال الأخرى بالذهاب إلى أجزاء ثانية في حال نجحت الأولى وهذا ما حصل مع مسلسل “رأفت الهجان” (إنتاج العام 1988) بطولة محمود عبد العزيز وإخراج يحي العلمي والقصة مأخوذة من ملفات المخابرات المصرية.
لكن قبل تلك الفترة كانت معظم الأعمال الدرامية والكوميدية العربية تقتصر على 13 أو 15 حلقة كأقصى حد.
لكن منذ سنتين عادت فكرة الأعمال القصيرة تتصدر واجهة الدراما لأن الجيل الجديد من المشاهدين بات يشعر من التململ من المط والتطويل في الاحداث دون داع. وهذه الأعمال حققت نجاحات وكلفة أقل على شركات الإنتاج.
في هذا التقرير الخاص عن الأعمال القصيرة وهل تحقق نجاحاً على حساب الأعمال الطويلة وتحديداً ذات الأجزاء المتعددة، يجيب عدد من أهل الفن عن رأيهم في الموضوع.
الأعمال القصيرة تقلل من مخاطر فشل العمل
وفي البداية مع الناقد الفني المصري طارق الشناوي الذي يقول لموقع “963+”: “ظاهرة الأعمال ذات الحلقات المحدودة مهمة جداً لأنها تتجنب الملل وتسّهل على الكاتب الحشو غير الملزم ففي الماضي كان على السيناريست كتابة 30 حلقة عدد أيام شهر رمضان بهدفٍ تجاري بحت وهي طبعاً الإعلانات المرفقة بكثافة مع كل حلقة، وفكرة الأعمال القصيرة أطلقتها المنصات مثل نتفلكس وشاهد وغيرها لأن هناك كثافة في الأعمال المنتجة على مدار السنة والمشاهد لم يعد لديه الحيل لمتابعة حلقات طويلة مع العلم أن هناك أعمالاً فيها أجزاء وحلقات طويلة”.
يضيف الشناوي: “اليوم شركات الإنتاج بدأت تفكر في ذكاء تماماً كما تفعل الشركات التركية إذ تقوم بتصوير بعض الحلقات من عمل وتذيعها وحين تتأكد من نجاحها جماهيرياً تتابع في إنجاز حلقات وأجزاء منه”.
ويلفت الشناوي إلى أن هذه السنة الأعمال المصرية بشكل خاص نجحت في اللون الكوميدي وهناك اتجاه من نجوم لهذا اللون منها على سبيل المثال مسلسل كامل العدد +1 لدينا الشربيني وأشغال شقة الذي يسيطر على كافة المسلسلات المصرية، والمشاهد بشكل عام لم يعد ذوقه محدوداً بنمط واحد من الدراما فهو يشاهد الكوميدي والأكشن والرعب التي أيضا باتت جزءاً مهماً من الأعمال العربية حتى في منطقة الخليج وليس مصر فحسب.
ولاد بديعة كان 15 حلقة لكن نجاحه حوّله لـ30 حلقة
من جهته يقول الممثل والكاتب السوري يامن الحجلي الذي يحقق مسلسله “ولاد بديعة” نجاحاً مدوياً ليس في سوريا ولبنان فحسب وإنما في الكويت والإمارات العربية المتحدة وحتى بين الجمهور العربي في دول الاغتراب، يقول لـ”963+”: “في البداية كان العمل مكتوباً لـ15 حلقة ولكن منذ عرض الحلقة الأولى منه حقق نجاحاً وتفاعلاً إيجابياً خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي لم يكن متوقعاً وهذا الأمر تكرر مع الحلقات التالية وهو ما دفعنا كصناع عمل لتوسيع رقعة الأحداث وإضافة حلقات جديدة وبالتالي الدخول في حقبة زمنية جديدة وتطوير للأحداث ونحن حتى الساعة نصور الحلقات وتقوم المخرجة رشا شربتجي بمتابعة المونتاج وعرض الحلقة في اليوم التالي، وهنا أقول إنه أحياناً حسب الظروف وأحداث العمل تقوم الشركة المنتجة بإطالة العمل أو خلق أجزاء له وهذا يتوقف على مدى نجاحه”.
الأعمال التي تنجح في الجزء الأول تفشل غالباً في الأجزاء الأخرى
الكاتبة الدرامية الفلسطينية رند حديد والتي كتبت الجزء الثاني من مسلسل كسر عضم وهي أيضاً المسؤولة عن مراجعة نص مسلسل تاج لكاتبه عمر أبو سعدة تقول “جرت الفكرة في العالم أن أي مسلسل يحقق نسبة مشاهدة عالية أن يتم تنفيذ أجزاء أخرى منه ولكن في بعض الأحيان كانت هذه الأعمال عالمياً أو عربياً تفشل لأن الكاتب والمخرج لم يقدرا على خلق صيغة درامية وترابط وتشابك في الأحداث فيصبح العمل مملاً وفيه حشو بالمشاهد والموسيقى دون أي مبرر، لذا فكرة العمل القصير تكون عادة أصعب على الكاتب لأنه سيحصر أفكاره وأحداثه وحواراته ضمن إطار محدد، وبالنسبة إلى مسلسل كسر عضم الذي حقق جزئه الأول نجاحاً كبيراً مع كاتبه الأصلي، لكن شركة الإنتاج قررت بعد سنتين إنجاز جزء ثان له ولكن فكرة المنتج هي أن يحمل نفس الاسم ولكن ليس بالضرورة أن يكون تكملة لأحداث الجزء الأول حتى إن الأبطال اختلفوا في الجزء الجديد وظهرت أسماء جديدة وحتى الأحداث أصبحت جديدة”.
وتضيف: “نعم صحيح المشاهد غالباً بات يمل في السنوات الأخيرة من فكرة الأجزاء ليس لديه وقت لمتابعة الأعمال الطويلة باستثناء ربات المنازل والأعمار الكبيرة التي لا تكون لديها مشاغل هي التي تتفرغ لتخصيص وقت طويل لمشاهدة حلقات وأجزاء طويلة”.