خاص ـ دمشق
في الوقت الذي يعاني فيه الشعب السوري من انهيار القدرة الشرائية للعملة وعدم التناسب بين الأكلاف المعيشية والصحية وحجم التضخّم مع الرواتب والأجور، وما يستتبعه ذلك من عدم قدرة الناس على تأمين احتياجاتها، ومن ضمنها العلاجات والأدوية، يتم العمل راهناً على تحسين شروط التأمين الصحي للجرحى العسكريين من قوات الحكومة. إذ يجري إعداد دراسة رفع حدود التغطية التأمينية المقدمة لمشروع جريح الوطن (جرحى العمليات الحربية) داخل المستشفيات العسكرية وخارجها، وذلك لمساعدة هؤلاء الجرحى في ظل التضخّم وارتفاع التكاليف الطبية، وفق ما قاله مدير عام هيئة الإشراف على التأمين رافد محمد لصحيفة محلية.
ويعاني السوريون، سيّما في مناطق سيطرة الحكومة، من ارتفاع أكلاف الدواء والعلاج في المستشفيات. وتزداد المعاناة بالنسبة لمرضى السرطان والأمراض المستعصية، إذ يحتاجون إلى علاجات مستمرة ليست كلفتها في متناول اليد بسبب تدنّي قيمة الرواتب.
ويلجأ الكثير من المواطنين إلى شراء الأدوية من الصيدليات بالحبّة أو بشريط يضم عدداً من الحبوب التي تكفي لبضعة أيام وليست لإنهاء العلاج المطلوب. فمن يحتاج دواءً لمدة شهر على سبيل المثال، يشتري عدداً أقل من الحبوب، ولا يتناول دواءه بانتظام، فالمهمّ بالنسبة للبعض هو تخفيف الألم ضمن الإمكانيات المادية المطلوبة.
ويزداد الضغط مع ارتفاع الأسعار الذي شهدته الأدوية خلال العام الماضي، على 3 مراحل. فرفعت الحكومة أسعار الأدوية أولاها في يناير 2023 بنسبة 50 بالمئة، ثم في آب/ أغسطس بنسبة 50 بالمئة، وبعدها في نهاية العام بين 70 و100 بالمئة. وهذه الارتفاعات تجعل معدّل ارتفاع أسعار الدواء بنسبة 1500 مرة مقارنة مع أسعارها ما قبل الحرب السورية في العام 2011.
ومع ذلك، تقول الحكومة أنها تحسِّن واقع القطاع الصحّي. ومن ضمن خططه، كانت عملية إطلاق وزارة الصحة للاستراتيجية الوطنية للرعاية الصحية الأولية 2023-2027، “والتي نهدف إلى تعزيز النظام الصحي الوطني لتأمين حصول الجميع على مجموعة أساسية من الخدمات الصحية، والاستجابة بكفاءة لشواغل الصحة والرعاية الصحية للمجتمعات، وحماية الناس من الفقر والمخاطر الاجتماعي”، بحسب وزير الصحة حسن الغباش.
إلاّ أن الواقع أقوى من التصوّرات. فبحسب ما قاله الغباش خلال أعمال الدورة الـ 154 للمجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، التي انعقدت في جنيف بسويسرا، في كانون الثاني/ يناير 2024، فإن سوريا “غير قادرة على إصلاح الأجهزة الطبية التي تخرج عن الخدمة. ومرضى السرطان يعانون من نقص الأدوية المنقذة للحياة والأدوات الطبية المخبرية والأدوات الخاصة بالعمليات الجراحية والمعدات الطبية للصور الشعاعية وغيرها”. وأعاد الغباش السبب إلى العقوبات المفروضة على الحكومة السورية.
ومع أن البلاد كانت في طريقها لوضع اللمسات الأخيرة على خطتها الحادية عشر للصحة والتغطية الصحية الشاملة لكل المواطنين السوريين إلى أبعد نقطة عن العاصمة دمشق، إلا أن الغباش يرى أن “الحرب الإرهابية التي عانت منها منذ أكثر من 12 سنة حولت أسلوب وإيقاع العمل في وزارة الصحة إلى الاستجابات السريعة لتلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة نتيجة تداعيات الحرب والإجراءات القسرية، وما تعرض له القطاع الصحي من سرقة ونهب وتدمير”.
وفي حين لا تستطيع الحكومة تأمين التغطية الصحية للمواطنين، تؤمِّن لجرحاها معاملة خاصة. ويذكر مدير عام هيئة الإشراف على التأمين رافد محمد، لصحيفة محلية، أنه يتم العمل حالياً على دراسة رفع حجم تغطية تكاليف عقديّ التأمين الصحي للجرحى، حيث يتم منح العقد الأول لمن لديهم نسب عجز (70-79بالمئة) من جرحى الجيش السوري وقوى الأمن الداخلي وجرحى القوات الرديفة، والعقد الثاني لمن لديهم نسب عجز (40-69بالمئة) من جرحى القوات الرديفة، ويُعتبر هذان العقدان الصادران عن المؤسسة العامة السورية للتأمين، وتديرهما شركة “ميدكسا” لإدارة نفقات التأمين الصحي من خدمات الرعاية الصحية الواسعة المقدّمة لكل جريح.
وبين محمد أن “الحد المالي لعقد التأمين الصحي الأول لإجراءات الاستشفاء داخل المشافي العسكرية 10 ملايين ليرة سورية، متضمنةً تغطية البدائل الصَناعية بحد مالي 1,5 مليون ليرة سورية، بينما الحد المالي للإجراءات خارج المشفى (الأطباء، المخابر، الصيدلة، مراكز الأشعة..) 300 ألف ليرة سورية، مضافاً إليها 100 ألف ليرة سورية لمن لديه دواء مزمن”.
وذلك مع عدم وجود أي نسبة تحمل يسددها المؤمّن له (الجريح)، باستثناء 10بالمئة عند دخول المشافي الخاصة خارج الشبكة الطبية وبسقف مالي 2,5 مليون ليرة سورية.
وبالنسبة للعقد الثاني أفاد مدير عام الهيئة أن الحد المالي للإجراءات داخل المشافي العسكرية 5 ملايين ليرة سورية متضمنةً تغطية البدائل الصناعية بمبلغ 1 مليون ليرة سورية، أما الحد المالي للإجراءات خارج المشافي 200 ألف ليرة سورية يُضاف إليها 100 ألف ليرة سورية في حال وجود داء مزمن. وذلك مع عدم وجود أي نسبة تحمل يسددها المؤمن له (الجريح)، باستثناء 25بالمئة عند دخول المشافي الخاصة خارج الشبكة الطبية.
ومشروع “جريح الوطن” كان قد بيّن أن البطاقة التأمينية الخاصة به تتيح لجرحى العجز التام من 80 إلى 100 بالمئة محفظة تأمينية شاملة ومستمرة تغطي مستلزماتهم المتعلقة بالإصابة الحربية وتبعاتها، بما يضمن حصولهم على خدمات الرعاية الطبية المناسبة، واستقرار حالتهم الجسدية والحركية والنفسية، وتوفير التكاليف والأعباء المادية عنهم.
أما بالنسبة لشريحة العجز تحت التام من 70 وحتى 79 بالمئة، فأشار المشروع إلى أن سقف التغطية السنوي داخل المشافي العسكرية يصل إلى 10 ملايين ليرة سورية، ويغطي كل ما يحتاجه الجريح من عمليات جراحية وإجراءات تشخيصية وعلاجية وحالات إسعافية وبدائل صناعية.
وذكر أن البطاقة التأمينية تتيح للجريح العلاج خارج المشافي العسكرية بسقف سنوي قدره 300 ألف ليرة يضاف إليها 100 ألف ليرة في حال وجود دواء لمرض مزمن، وفي حال اضطر الجريح لدخول مشفى خاص بحالة إسعافية فقط يتحمل نسبة 10 بالمئة من قيمة المبلغ لحد مالي يصل إلى مليونين ونصف المليون.
وبالنسبة لشريحة العجز الجزئي 40 وحتى 69 بالمئة، بين المشروع أن سقف التغطية السنوي داخل المشافي العسكرية يبلغ 5 ملايين ليرة، أما سقف التغطية السنوي خارج المشافي فيبلغ 200 ألف ليرة، مضاف إليه 100 ألف في حال وجود دواء لمرض مزمن، وفي حال اضطر الجريح لدخول مشفى خاص بحالة إسعافية فقط يتحمل نسبة 25 بالمئة من قيمة المبلغ لحد مالي يبلغ مليونين ونصف المليون.