دمشق
لم تشفع صُوَرُ القتل والخراب في لجم الصراع في سوريا طوال سنواتٍ مضت، دفعَ خلالها الشعب السوري الثمن غالياً، حيث تتشابك المعطيات السياسية والأمنية والاقتصادية لتعطي صورة “قاتمة” للمشهد العام في البلاد بعد 13 عاماً على احتجاجاتها التي اندلعت منتصف آذار/مارس من العام 2011.
وما يختصر المشهد بلسان أممي، هو إقرار المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، أن نحو 16 مليون و700 ألف شخص في سوريا بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، وهو أكبر عدد من المحتاجين منذ بدء الصراع. فضلاً عن وجود أكثر من خمسة ملايين لاجئ يعيشون فى البلدان المجاورة وأكثر من سبعة ملايين نازح داخل البلاد.
ولا يبدو بحسب بيدرسون أن أفق الحل مفتوح في المدى القريب، وهذا ما تعكسه مجريات الأمور على الأرض. إذ أن الصراعات تتصاعد في المنطقة وتنعكس على الوضع في سوريا. وإلى حين إرساء أسس الحل السياسي، دعا المبعوث الأممي اليوم الجمعة في الذكرى السنوية لاندلاع الاحتجاجات، إلى الاهتمام باللاجئين والنازحين السوريين الذين يفتقرون إلى الظروف اللازمة لعودة آمنة وكريمة، على حدّ تعبّيره.
وإلى حينه، تستمر المؤشرات السلبية والقاتمة في كافة المجالات خلال العام المقبل، وتمتدّ لتشمل بظلالها الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية والتسرّب المدرسي. فبحسب أرقام منظمة اليونيسف، يعاني أكثر من 650 ألف طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية المزمن، بزيادة قدرها حوالي 150 ألف طفل خلال السنوات الأربع منذ عام 2019. ويتسبب سوء التغذية المزمن، أو التقزم، في أضرار لا يمكن علاجها بالنسبة للنمو البدني والمعرفي للأطفال، مما يؤثر على قدرتهم على التعلم والإنتاج وما يمكن أن يكسبونه من أجور لاحقا في مرحلة البلوغ.
والملفت أمام هذا الأرقام، هو تراجع التمويل الإنساني إلى أدنى مستوياته، ما يحرم السوريين عموماً والأطفال خصوصاً من تأمين مستلزمات الرعاية الأساسية. وهذا الأمر ينسحب على تأمين الحق في التعليم. إذ أن نحو 5.5 مليون طفل في سن الدراسة هم الآن خارج المدارس.
ومع التضييق المالي، ساعدت اليونيسف في العام الماضي نحو 15.8 مليون شخص، من بينهم 10 ملايين طفل، وقدّمت لهم والإمدادات الأساسية في جميع أنحاء سوريا. ومن بين الأشخاص الذين تم الوصول إليهم، تأثر 5.6 مليون شخص بالزلازل. وشمل ذلك 3.2 مليون طفل.
كذلك، قدّمت اليونيسف وشركاؤها خدمات التغذية الأساسية إلى أكثر من 3.1 مليون شخص. وفي جميع أنحاء سوريا، تم الوصول إلى ما يقرب من 560 ألف طفل، وتلقى ما يقرب من 300 ألف منهم خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي.
وأمام الصعوبات التي تواجه تقديم المساعدات لمحتاجيها، تؤكّد اليونيسف أنها تحتاج خلال العام الجاري إلى نحو 401.7 مليون دولار لتوفير الخدمات الأساسية المهمة لنحو 8.5 مليون شخص، بمن فيهم 5.4 مليون طفل. وتتمثل أكبر متطلبات التمويل في مجالات المياه والصرف الصحي والصحة والتعليم، بينما لا تزال الحماية تمثل أولوية كبرى.