حلب
شيع المئات من سكان بلدة جنديرس بريف مدينة عفرين، شمال غربي سوريا، اليوم الخميس، جثمان الفتى الكردي أحمد مده الذي قُتل أمس الأربعاء، على يد رجل سوري ينحدر من ريف محافظة إدلب وكان يعمل لدى والد الضحية في مخبّزه الخاص.
وأثار مقتل الفتى الكردي البالغ من العمر 16 عاماً طعناً بالسكين على يد رجل سوري ينحدر من إدلب ويدعى يامن إبراهيم، سخطاً شعبياً تزامن مع احتجاجات من السكان الأكراد في منطقة عفرين، التي تسيطر عليها تركيا منذ منتصف آذار/مارس من العام 2018 رفقة فصائل من “الجيش الوطني السوري” المدعوم من أنقرة.
وأفاد مراسل “963+” في عفرين، أن القاتل كان يعمل في مخبزٍ تعود ملكيته لوالد الضحية. وقد أقدم على قتل الفتى الكردي إنتقاماً من والده إثر خلاف بينهما اندلع قبل نحو أسبوع وعلى إثرها ترك العمل لديه.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي في سوريا بمقتل الفتى الكردي، حيث أثارت هذه الجريمة حالة من الغضب بين الأكراد الذين طالبوا بمحاسبة القاتل، بعدما أعادت هذه الحادثة إلى الأذهان، مقتل 5 شبانٍ أكراد برصاص مسلحين من فصيل “أحرار الشرقية” المدعوم من تركيا في بلدة جنديرس يوم 20 مارس من العام الماضي عشية العيد القومي للأكراد وهو “النوروز”.
وشهدت المناطق ذات الغالبية الكردية في شمال شرقي سوريا، اليوم الخميس، فعاليات منددة بـ ‘‘الجريمة’’ مطالبين المجتمع الدولي بالتدخل وضرورة وضع حد لجرائم مماثلة تتكرر في مدينة عفرين، وفق ما تشير بيانات منظماتٍ أممية بينها لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا و”هيومن رايتس ووتش” التي اعتبرت في تقريرها الأخير الذي صدر يوم 29 شباط/فبراير الماضي أن تركيا هي “سلطة احتلال” ومسؤولة عن “جرائم حرب” أرتكِبت في المدينة.
ودعا “المجلس الوطني الكردي” وهو عضو في “الائتلاف السوري” المعارض، في بيان، تركيا و”الحكومة المؤقتة” التابعة للائتلاف والتي تدير مناطقٍ تقع شمال غربي سوريا، بـ ‘‘ضبط الأمن والأمان وإنهاء كافة الانتهاكات، واتخاذ مواقف حاسمة تجاه كل الانتهاكات والمظالم’’.
كما دعا “المجلس الوطني” المجتمع الدولي للقيام بدوره القانوني والأخلاقي تجاه منطقة عفرين.
وتتكرر مثل هذه الجرائم في مدينة عفرين منذ سيطرة تركيا وفصائل “الجيش الوطني” عليها في 18 مارس من عام 2018، وهو ما أدى لتهجير أكثر من 300 ألف من سكان المنطقة الأصليين، وفق بيانات الأمم المتحدة.
والاثنين الماضي، اتهمت لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا، تركيا، بارتكاب جرائم حرب في شمال شرقي سوريا وغربها، حيث الغالبية الكردية والمناطق التي تخضع لسيطرة قوات “سوريا الديموقراطية” التي تستهدفها أنقرة باستمرار جواً وبرّاً.
وسبق أن وصفت منظمات دولية بينها “هيومن رايتس ووتش” التواجد التركي في عفرين بـ “الاحتلال”، حيث حملتها مسؤولية الانتهاكات التي تحصل فيها، وفق آخر تقريرٍ صادرٍ عنها.
وحمّلت “هيومن رايتس ووتش” تركيا في تقريرها الذي صدر أواخر فبراير الماضي، مسؤولية بعض الانتهاكات وجرائم الحرب المحتملة المرتكبة في سوريا، معظمها ضد الأكراد في شمالي سوريا.
وذكر تقرير المنظمة الأممية أن “السكان الأكراد تحمّلوا وطأة الانتهاكات لأنه ينظر إليهم بسبب علاقاتهم المفترضة مع القوات التي يقودها الأكراد والتي تسيطر على مساحات شاسعة من شمال شرق سوريا”، في إشارة إلى قوات “سوريا الديموقراطية” المعروفة اختصاراً بـ “قسد”.
وقال آدم كوغل، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط لدى المنظمة الدولية إن “المسؤولين الأتراك ليسوا مجرد متفرجين على الانتهاكات، بل يتحمّلون المسؤولية باعتبارهم سلطة الاحتلال، وفي بعض الحالات، كانوا متورطين مباشرة في جرائم حرب مفترضة في ما تسميه تركيا منطقة آمنة”، وهي المنطقة التي تسيطر عليها تركيا وتشمل أجزاء من محافظات حلب والرقة والحسكة، ومعظم سكانها من الأكراد.
وأضاف كوغل أن “الانتهاكات الحالية ستستمر، بما فيها التعذيب والإخفاء القسري ضد الذين يعيشون تحت السلطة التركية في شمال سوريا، ما لم تتحمل أنقرة نفسها المسؤولية وتتحرك لوقفها”.
واعتمدت المنظمة في تقريرها على شهادات 58 محتجزاً سابقاً وضحايا للعنف الجنسي وأقارب وشهود على الانتهاكات وممثلين عن منظمات غير حكومية وصحفيين ونشطاء وباحثين، إذ “أبلغت نساء كرديات محتجزات عن تعرضهن للعنف الجنسي، بما فيه الاغتصاب واحتجاز أطفال لا تتجاوز أعمارهم ستة أشهر مع أمهاتهم”.