خاص – بيروت
بدأت مرحلة ما بعد القرن التاسع عشر وبفعل انطلاق عجلة التصنيع وتزايد انبعاثات الوقود الأحفوري، بتسجيل مسار انحداري لمستوى نظافة البيئة المحيطة. إذ أن التطوّر السريع في مجال التصنيع، كان له أثمان باهظة على الغلاف الجوي ودرجة حرارة الأرض، وتالياً على صحة الإنسان.
فالغازات الضارّة، وفي مقدّمها ابنعاثات الميثان، وصلت بحسب وكالة الطاقة الدولية، إلى مستوى قياسي مرتفع في عام 2023 بالرغم من مجموعة من التعهدات من قطاعي النفط والغاز لكبح تسريبات البنية التحتية. وتقول الوكالة أن هذا الغاز مسؤول عن قرابة ثلث الزيادة في درجات الحرارة العالمية منذ الثورة الصناعية.
النشاط البشري في مجال الصناعة وإطلاقه الانبعاثات الناجمة عن استعمال الوقود الأحفوري سيشكّل “نقطة تحوُّل في العام 2024″، وفق ما أعلنه تيم غولد كبير خبراء اقتصاد الطاقة في وكالة الطاقة الدولية، اليوم الأربعاء 13 مارس /آذار الجاري، إذ اعتبر ان “الانبعاثات الناجمة عن عمليات الوقود الأحفوري لا تزال مرتفعة بشكل غير مقبول”.
وبحسب الوكالة، فإن إنتاج واستخدام الوقود الأحفوري أدى إلى إطلاق أكثر من 120 مليون طن متري من الميثان في الغلاف الجوي العام الماضي، وهو ارتفاع طفيف عن عام 2022. وظلت انبعاثات الميثان قرب هذا المستوى منذ عام 2019، وفقا لآلية تتبّع الميثان العالمية التابعة للوكالة.
وأشارت الوكالة في تقريرها يوم الأربعاء، إلى أن تسربات الميثان الكبيرة الناتجة عن تسريبات البنية التحتية للوقود الأحفوري قفزت 50 بالمئة في عام 2023 مقارنة مع 2022. ومن مصادر التسريب الضخمة، والتي اكتشفتها الأقمار الصناعية، انفجار بئر في كازاخستان لمدة استمرت أكثر من 200 يوم.
والتأثيرات السلبية لارتفاع درجات الحرارة بفعل الاحتباس الحراري الذي يعززه انبعاث غاز الميثان، سيرفع حرارة كوكب الأرض بنحو 1.5 درجة مئوية عما كانت عليه قبل تسارع الصناعات وما نتج عنها من انبعاثات. وهناك دراسات تشير إلى احتمال بنسبة 66 بالمئة بأن نتجاوز هذه العتبة من الآن حتى العام 2027.
وكنتيجة لتغيير حرارة الأرض، بات هناك ما يُعرَف بظاهرة “النينو”، وهي ظاهرة تتّصف بتسجيل مناخات أكثر سخونة وبتغيير في المناخ. ويرجَّح أن تتسبّب هذه الظاهرة بجعل العام 2024 أكثر الأعوام سخونة في العالم.
ويقول آدم سكيف، رئيس قسم التنبؤات بعيدة المدى في مكتب الأرصاد الجوية في المملكة المتحدة، إن تسجيل رقم قياسي جديد لدرجات الحرارة العالمية في العام 2024 معقول بالتأكيد. ويعتمد ذلك على مدى ضخامة ظاهرة النينو، فظاهرة النينو الكبيرة في نهاية العام 2013، تمنح فرصة كبيرة بأن يكون لدينا رقم قياسي جديد في درجة الحرارة على المستوى العالمي في عام 2024.
يشار إلى أنه في قمة الأمم المتحدة للمناخ التي عقدت العام الماضي في دبي، اتفقت نحو 200 دولة على خفض انبعاثات غاز الميثان بسرعة وبشكل كبير، إضافة إلى الالتزام السابق الذي تعهدت به أكثر من 150 دولة بخفض انبعاثات الميثان العالمية بما لا يقل عن 30 بالمئة عن مستويات عام 2020 بحلول نهاية هذا العقد.
كما التزمت عشرات من شركات النفط طوعاً بخفض الانبعاثات من خلال شراكة النفط والغاز للميثان التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة. ومع ذلك، لا تزال البلدان والشركات محجمة بشكل كبير عن الإبلاغ عن حجم انبعاثاتها من غاز الميثان من عمليات النفط والغاز مقارنة بالتقديرات الأحدث لوكالة الطاقة الدولية.