خاص ـ ربيع دمج/ دبي
في العام 2004 عرضت قناة “أم بي سي دراما” أول مسلسل تركي مدبلج إلى اللغة العربية كان وقتها “إكليل الورد” الذي تدور أحداثه ضمن إطار سياسي لتكرّ بعدها سبحة الأعمال التركية المدبلجة بعضها حقق نجاحات كبيرة واستثنائية أبرزها: نور وسنوات الضياع ووادي الذئاب والعشق الممنوع وعاصي وغيرها من الأعمال.
كان عدد من النقاد الفنيين وحتى الممثلين العرب والمخرجين قد توقعوا بعدم استمرارية هذه الأعمال ووصفوها بأنها “فقاعة صابون” ستزول يوماً ما، لكن هذه التوقعات لم تتحقق بل على العكس تطورت الأعمال التركية وباتت معروفة في أرجاء العالم العربي بما فيها مصر عرّابة الفن في المنطقة.
بعد نجاح التجربة التركية قررت مجموعة “ام بي سي”، الاستثمار في هذه الأعمال التي تحقق جماهيرية واسعة تخطّت العالم العربي، وكانت الفكرة هي شراء “فورما” عمل تركي وتحويله إلى نص عربي، والبداية كانت مع مسلسل “عروس اسطنبول” الذي تحوّل في العام 2019 إلى “عروس بيروت” وكان من بطولة كارمن بصيبص وظافر العابدين، حققت النسخة المعرّبة نجاحاً كبيراً فقررت شركة “ميديا برودكشن” التابعة لقناة “ام بي سي” الخوض في تجربة ثانية فكان “ستيليتو” النسخة المعرّبة من “جرائم صغيرة” وكانت التجربة الأولى لنجمات سوريات حققن نجاحات لافتة في أعمال محلية.
لكن السوق بات يتطلب هذه النوعية من الأعمال والنجم الذكي هو من يعرف كيف يختار الموجة للوصول إلى شاطئ الأمان، وحقق العمل النجاح المدوي خاصة بضمه أسماء مثل كاريس بشار وديمة قندلفت وريتا حرب وقيس الشيخ نجيب وغيرهم.
ثم بعده توالت الأعمال مثل “الثمن” و”كريستال” ومؤخراً “الخائن” وحالياً أعمال التصوير قائمة في اسطنبول لمسلسل “حب للإيجار” بعدما حققت النسخة التركية نجاحاً على منصة “شاهد” التابعة لمجموعة “ام بي سي”.
هذه الأعمال ساهمت في انتشار الفنانين
رغم النجاح الذي تحققه هذه الأعمال وتعود بالأرباح على الشركة العربية المنتجة لها إلا أن بعض نجوم الدراما العربية ومعهم بعض النقاد خاصة السوريين واللبنانيين منهم يقولون إنها لا تشبه واقعنا في المنطقة.
وفي حديثه لـ”963+” قال النجم السوري خالد القيش الذي كان له مشاركة في مسلسل “عروس بيروت الجزء الثاني” وتجارب سابقة في دبلجة أصوات أبطال أتراك خاصة دور السلطان سليمان القانوني في “حريم السلطان” إن “هذه الأعمال ساهمت في انتشار الممثل السوري عربياً وبات المشاهد العربي يعرفه أكثر، فضلاً عن أنها قدمت له عائد مالي وفتحت الباب أمامه للمشاركة في العديد من الأعمال خاصة أن منصة شاهد هي الأولى عربياً”.
ويضيف النجم السوري: “نعم هناك انتقادات وبعضها صحيح لكن يجب أن نرى الجوانب الإيجابية لهذه الأعمال التي يحبها الجمهور وهو من يقرر ما يتابع وما لا يتابعه”.
وتقول جينا أبو زيد وهي ممثلة لبنانية شابة بدأت مسيرتها الفنية منذ ثلاث سنوات حين عملت في بعض الأعمال الدرامية المحلّية لكنها لم تلفت النظر ولم تصبح اسماً معروفاً إلا بعد تأديتها شخصية أمل في مسلسل “الخائن” وحققت إعجاب المشاهدين العرب: “كممثلة أفضل المشاركة في أعمال مشتركة منبثقة من نصوص تشبهنا ونصوص جديدة، لكن لا يمكن إنكار أهمية هذه الأعمال المعرّبة بالنسبة للممثل، فهي تمنحه مساحة انتشار سريعة”.
وتضيف لـ “963+” أن “الأعمال التركية والكورية والهندية المعرّبة ظاهرة ليست جديدة وكانت معروفة سابقاً بالـSoap Opera”.
“هي موضة لا يجب محاربتها”
الكاتبة السورية نور الشيشكلي لها وجهة نظر في هذا الموضوع خاصة أنها بدأت مسيرتها في كتابة الدراما منذ العام 2007 وقدمت العديد من الأعمال، لاقى معظمها نجاحاً كبيراً، وتقول: “هذه موضة وفي كل فترة نشهد موضة جديدة في عالم الفن لذا لا يجب أن نحاربها أو ننتقدها. نترك الخيار للمشاهد ليقرر”.
وتضيف لموقع “963+” أن “وجود هذه الأعمال لا يعني أن النصوص العربية ستزول، على العكس ستشتد المنافسة وسيعطي كل كاتب طاقته، لماذا نحارب هذه الأعمال؟ دعونا نتفق أنها ستكون آنية لفترة ولن تهدد الدراما السورية أو المصرية وحتى الخليجية”.
عدد من الفنانين في لبنان أو سوريا كانت لهم آراء مناهضة لهذه الأعمال لكنهم ما لبثوا أن عدلوا عنها ربما نتيجة نصائح من مقربين لهم كي لا يدخلوا في سجالات قد تضر مصلحتهم لاحقاً.
الممثل والكاتب اللبناني طارق سويد، يرى أن “هذه الأعمال ناجحة جداً وقدمت ممثلين لبنانيين إلى العالم العربي بوقت سريع كانوا سيحتاجون إلى عشر سنوات كي يعرفهم العالم العربي، كذلك قدمت لهم أجور مرتفعة في وقت تدفع لهم بعض شركات الإنتاج المحلية أجوراً زهيدة”.
حرب التصريحات بين الممثلين والنقاد الداعمين للأعمال المعرّبة خاصة التركية وبين زملائهم المناهضين لها لا تنتهي، الفريق الثاني يعتبر أن هؤلاء يستفيدون مادياً من هذه الأعمال ولا يهمهم القيمة الفنية ولا تاريخهم. ففي تصريحات سابقة للفنانة سلافة فواخرجي وصفاء سلطان وعابد فهد قالوا علنا إن “هذه الأعمال لا تقدم لهم ولن تضيف أي قيمة على مشوراهم الفنّي”.
الأعمال التركية تعود إلى الستينات
وسط تلك الآراء تظهر وجهة نظر يمكن وصفها بالمعتدلة يشرح أسبابها الناقد الفنّي والأستاذ الجامعي في كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية الدكتور محمود الزيباوي، فيقول: “في البداية أود لفت النظر بشكل سريع إلى أن الأعمال التركية العربية ليست جديدة كما يظن البعض، فهي بدأت منذ منتصف الستينات حتى منتصف السبعينات من القرن الماضي حيث أنتجت مئات الأفلام التركية – السورية -اللبنانية، الفن التركي عاد إلى الساحة العربية في العام 2005 وتعتبر قناة الـ ام بي سي، أول من ساهم في إعادة انتشاره على الخريطة العربية، وللصدفة حققت نجاحاً جماهيرياً ما لفت نظر القائمين على شركات الإنتاج وتحديداً الشركات التابعة لمجموعة أم بي سي للاستفادة من هذا الوضع والدخول في تعريبها وبعد نجاح التجربة الأولى تابعت الشركة في إنتاج أعمال ثانية”.
ويعتبر الزيباوي في حديثه لـ “963+” أن “هذه الأعمال تؤمن دخلاً للفنان اللبناني والسوري بشكل عام وسط الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه الدولتان، لذا لا يجب تصويب السهام على الممثل، هذا العمل مصدر رزقه حتى شركات الإنتاج يهمها الربح وهذا أمر بديهي لكن باعتقادي بدلاً من تخصيص مبالغ وميزانيات ضخمة لإنتاج عمل معرّب يمكن إنتاج أربع مسلسلات يستفيد منها جميع الممثلين، وبالتالي تحرّك سوق العمل الفني باعتبار سيعمل فيها تقنيون عرب وأيضاً حين تصور هذه الأعمال داخل دولة عربية ستساهم في دعم السياحة والاقتصاد فيها، بمعنى الأقرباء أولى بالمعروف”.