خاص – بروكسل
رغم السياسيات التي تتّبعها الدول الأوروبية للحد من التغيّر المناخي وتفادي ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الحرائق والجفاف والفيضانات، وما إلى ذلك من تداعيات للتغيّر المناخي، إلاّ أن إجراءات التكيّف لا تواكب تواكب المخاطر المتزايدة بسرعة، وذلك بحسب الوكالة الأوروبية للبيئة، التي نشرت يوم الإثنين، تقريرها الذي يقيّم مخاطر المناخ، ورأت فيه أن الحرارة الشديدة والجفاف وحرائق الغابات والفيضانات، كما شهدتها الأعوام الأخيرة، سوف تتفاقم في أوروبا حتى في ظل سيناريوهات الانحباس الحراري العالمي المتفائلة، وسوف تؤثر على الظروف المعيشية في مختلف أنحاء القارة.
ورأت الوكالة أن سياسات أوروبا وإجراءات التكيف لا تواكب المخاطر المتزايدة بسرعة. وفي كثير من الحالات، لن يكون التكيف الإضافي كافياً. وبما أن العديد من التدابير الرامية إلى تحسين القدرة على التكيف مع تغير المناخ تتطلب وقتاً طويلاً، فقد تكون هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة حتى بشأن المخاطر التي تعتبر غير حرجة بعد.
ويتعرض جنوب أوروبا بشكل خاص لخطر حرائق الغابات وتأثيرات الحرارة وندرة المياه على الإنتاج الزراعي والعمل في الهواء الطلق وصحة الإنسان. وتهدد الفيضانات والتآكل وتسرب المياه المالحة المناطق الساحلية المنخفضة في أوروبا، بما في ذلك العديد من المدن المكتظة بالسكان.
وبحسب التقرير، هناك 36 خطراً مناخياً رئيسياً بالنسبة لأوروبا ضمن خمس مجموعات واسعة: النظم البيئية، الغذاء، الصحة، البنية التحتية والاقتصاد والتمويل. ويتطلب أكثر من نصف المخاطر المناخية الرئيسية التي تم تحديدها في التقرير المزيد من الإجراءات الفورية، وثمانية منها ملحّة بشكل خاص، وذلك في المقام الأول للحفاظ على النظم البيئية وحماية الناس من الحرارة، وحماية الناس والبنية التحتية من الفيضانات وحرائق الغابات وتأمين قدرة أوروبا على البقاء.
وفي ما يخصّ النظم البيئية، تتطلب جميع المخاطر في مجموعة النظم البيئية تقريباً إجراءات عاجلة أو أكثر، مع تقييم المخاطر التي تتعرض لها النظم البيئية البحرية والساحلية على أنها خطيرة بشكل خاص. علماً أن هذه المخاطر لديها إمكانات كبيرة للانتقال إلى مجالات أخرى بما في ذلك الغذاء والصحة والبنية التحتية والاقتصاد.
على مستوى الغذاء، وصلت المخاطر الناجمة عن الحرارة والجفاف على إنتاج المحاصيل إلى مستوى حرج في جنوب أوروبا. لكن بلدان أوروبا الوسطى معرضة للخطر أيضاً. وعلى وجه الخصوص، تشكل فترات الجفاف الطويلة التي تؤثر على مناطق واسعة تهديداً كبيراً على إنتاج المحاصيل والأمن الغذائي وإمدادات مياه الشرب.
بالنسبة للصحة، فإن الحرارة هي المحرك الأخطر والأكثر إلحاحاً للمخاطر المناخية على صحة الإنسان. والمعرضون للخطر الأكبر هم مجموعات سكانية محددة، مثل العاملين في الهواء الطلق المعرضين للحرارة الشديدة، إلى جانب كبار السن والأشخاص الذين يعيشون في مساكن سيئة البناء في المناطق ذات تأثير الجزر الحرارية الحضرية القوية أو التي لا تتوفر فيها فرص كافية للتبريد. وتقع العديد من أدوات الحد من المخاطر المناخية على الصحة خارج نطاق السياسات الصحية التقليدية، مثل التخطيط الحضري ومعايير البناء وقوانين العمل.
على صعيد البنية التحتية، تزيد الظواهر الجوية المتكررة والمتطرفة من المخاطر التي تهدد البيئة المبنية والخدمات الحيوية في أوروبا، بما في ذلك الطاقة والمياه والنقل. وفي حين تمت إدارة مخاطر الفيضانات الساحلية بشكل جيد نسبياً في أوروبا، فإن ارتفاع منسوب مياه البحر والتغيرات في أنماط العواصف يمكن أن تسبب آثاراً مدمرة على الناس والبنية التحتية والأنشطة الاقتصادية. وفي جنوب أوروبا، تسبب الحرارة والجفاف مخاطر كبيرة على إنتاج الطاقة ونقلها والطلب عليها. تحتاج المباني السكنية أيضًا إلى التكيف مع الحرارة المتزايدة.
على مستوى الاقتصاد والمال، يواجه الاقتصاد والنظام المالي في أوروبا العديد من المخاطر المناخية. على سبيل المثال، من الممكن أن تؤدي الظواهر المناخية المتطرفة إلى زيادة أقساط التأمين وتهديد الأصول والرهون العقارية، وزيادة الإنفاق الحكومي وتكاليف القروض. أيضاً، إن جدوى صندوق التضامن الأوروبي مهددة بالفعل بشكل خطير بسبب الفيضانات وحرائق الغابات المكلفة في السنوات الأخيرة. ويمكن لتأثيرات المناخ المتفاقمة أن تؤدي إلى توسيع فجوات التأمين الخاص وجعل الأسر ذات الدخل المنخفض أكثر عرضة للخطر.