خاص – أسعد الأسعد/إدلب
وصل علي لسن الزواج، لكنه كلما فكر في الأمر تذكر الأجر اليومي الذي يتقاضاه في عمله والذي لا يكفي لمصروفه الشخصي فكيف إذا تزوج؟ ليعزف مباشرة عن الفكرة ويطردها من دماغه.
يمضي علي ميري 22 عاماً، من سكان مدينة إدلب، يومه كاملاً منذ الصباح وحتى المساء في عمله بمهنة الحدادة, ليتلقى في آخر كل يوم مبلغ 100 ليرة تركية أي ما يعادل 3 دولار أمريكي.
هذا المبلغ، لا يكفي الشاب لشراء الخبز والطعام لعائلته، فهو يعين والده في مصروف المنزل.
وشهدت أركان الزواج وأهمها المهر المقدم للفتيات، تغيراً جذرياً، وارتفاعا كبيراً في مناطق شمال غربي سوريا.
مهور بالدولار
وزاد تدهور قيمة العملة المتداولة في تلك المنطقة، من مبلغ المهر الذي تطلبه العائلة لابنتها، خاصة أنه يتم تحديده بالدولار الأمريكي أو بغرامات من الذهب يتم الاتفاق عليها بين الطرفين.
تحديد المهر بعملة الدولار، بات يشكل عائقاً أمام الشباب المقبلين على الزواج، يقول ميري: “لا أستطيع ادخار شيء مما أجنيه من عملي، وعندما أذهب لخطبة فتاة تقوم عائلتها بطلب مقدم ومؤجل يصل لألفي دولار أمريكي، فمن أين سيكون لدي هذا المبلغ؟
ويشير الشاب إلى أن هذا المبلغ لن يكون الأخير بالنسبة لموضوع الزواج، “فهناك تكاليف كثيرة، مثل مصاريف الفرح والألبسة والذهب وتجهيز المسكن، وغيرها”.
وباستياء يقول: “هذا كله يدفعني لتأجيل فكرة الزواج إلى أجل غير مسمى، وبناءً على الظروف التي نعيش فيها، فلن أستطيع أن أتزوج أبداً”.
الذهب عائقٌ إضافي
تجبر العادات والتقاليد المنتشرة في شمال غربي سوريا تحديداً وعموم سوريا، الشاب المقبل على الزواج لشراء الذهب وتقديمه لزوجته، وتتراوح الكمية من منطقة لأخرى.
لكن في الوقت الحالي، يعتبر جلب الذهب من المستحيلات بالنسبة للشباب، خصوصاً مع ارتفاع سعره عالمياً وعدم تناسبه مع المردود البسيط الذي يتقاضاه الشباب في الأعمال التي يقومون بها.
ويشير عبد الرزاق بيوش، وهو صائغ ذهب في أحد أسواق مدينة إدلب، إلى أنه في المنطقة يختلف تحديد كمية الذهب للعروس من بلدة لأخرى.
ويضيف: “لكن وبشكل وسطي يجب على الشاب جلب 50 إلى 80 غرام من الذهب, سعر الغرام الواحد يتجاوز ال50 دولاراً بعد أن كان قبل أربعة أعوم بـ30 دولار”.
ففي تلك الفترة الزمنية، كان الشاب يستطيع أن يتزوج بمبلغ 3000 إلى 4000 دولار أمريكي، “أما الآن ومع غلاء الذهب وقلة فرص العمل والبطالة التي تعانيها فئة الشباب أصبح من النادر جلب الذهب المطلوب للزواج”، بحسب بيوش.
ويقتصر الشاب الراغب في الزواج على شراء (خاتم ومحبس وأسوارة)، ما يعادل ربع الكمية التي كانت تقدم للخطيبة في فترات سابقة، وفق ما قاله الصائغ.
ويضيف: “هناك بعض الشبان يشترون كمية أكبر من المذكورة بقليل لكن هذا النوع يكون مدعوماً من أحد أقاربه خارج سوريا”.
ورغم بلوغه الـ29 عاماً، إلا أن الشاب حمزة الزين من مدينة إدلب، نسي فكرة الزواج، فالذهب بات يشكل أكبر مشكلة له.
ويتقاضى الزين يومياً مبلغ 75 ليرة تركية في عمله، وبحسبة بسيطة يقول الشاب: “بما أن غرام الذهب تجاوز ال50 دولار أمريكي، فأحتاج لمرتب 15 يوماً من العمل حتى أتمكن من شراء غرام واحد من الذهب، هذا إن استطعت أن أدخر يوميتي كلها”.
الهجرة بدل الزواج
يجد الشباب السوريون طريق الهجرة إلى البلدان الأوروبية، رغم المخاطرة بالروح والمال، أمراً أسهل عليهم من الزواج وتأسيس عوائلهم ضمن المنطقة بسبب عدم تأمين مستقبلهم على حسب ما يقولون.
يقول مصطفى الزير 33 عاماً وهو شاب من مدينة إدلب: “أعرف الكثير من أصدقائي يعملون باليومية وتقدم بهم العمر إلا أنهم لم يتزوجوا”.
ويشير الزير، إلى أن بعضهم تمكن من الخروج إلى أوروبا، عبر بيع قطعة أرض أو بيت، “وهذه الحالة نادرة لأن معظم العائلات تعاني مادياً، إلا أن الهجرة تؤمن الحياة المستقبلية ليعود الشاب بعدها ويتزوج”.