خاص ـ دمشق
يسعى الكاتب والسيناريست السوري سعيد الحناوي إلى تقديم مادة متميزة ومختلفة في مسيرته إن كان على صعيد المسرح أو التلفزيون مستنداً في حكاياته على الواقع المعاش، وقصص من يقابلهم في المجتمع ليمتزج عنده الأدب والإبداع بحالات وشخصيات تشبهنا إلى حد كبير. الأمر الذي يكون أحد أهم عوامل نجاح أعماله.
ويظهر اختلافه من خلال المحور الرئيسي لحكاياته والتي يرتكز فيها على عناصر الدهشة والجذب، والواقع بسيناريو غير معقد، لغته بسيطة وواضحة يتلاقى عندها المشاهدون بمختلف شرائحهم.
وينافس الحناوي هذا العام بمسلسل “قطع وريد” تأليفه ويشاركه السيناريو محمود ادريس، وإخراج تامر إسحاق، وبطولة نخبة من نجوم الدراما السورية منهم سلوم حداد، شكران مرتجى، باسم ياخور، أنس طيارة وغيرهم.
وبهذا الصدد التقى موقع “963+” مع الكاتب سعيد الحناوي للحديث حول ملامح العمل الدرامي وبعض التفاصيل الفنية الأخرى.
_ بداية نبارك لك مسلسل “قطع وريد” هل تحدثنا عن ملامحه، وما الذي يميزه عن غيره؟
الحناوي: يبدو المسلسل بالمنظور العام أنه من النوع البوليسي، يتحدث عن الجريمة. لكنه في حقيقته عمل اجتماعي وبعيد عن ذلك، يتحدث عن مكنونات البشر ودواخلهم وقضاياهم، يبدأ بجريمة قتل ولكن من خلال هذه الجريمة تتكشف لنا حقائق كثيرة، وتزاح الأقنعة عن الوجوه المتستّرة بستار الإنسانية، لنكتشف أن الطمع والجشع أحد المقومات الأساسية للتآخي مع عالم الشيطان، ومن يتآخى مع هذا العالم يتجرد من الإنسانية ويصبح همه الوحيد المال والجاه والسلطة حتى على حساب كل من حوله وعائلته وأبنائه.
ونسلط فيه الضوء على الإنسان حين يصبح في لحظة ما أخطر من على الأرض، إن سار باتجاه مطامعه، واتبع شهوات الدنيا والسلطة والغرور. فمن خلال هذه الجريمة تتفرق عائلات ونكتشف مدى اهتزاز علاقة الآباء بالأبناء، ويتغير مسار الكثير من الشخصيات في الحياة.
_ إلى أي درجة اليوم تجد أن الجريمة والإثارة تكون مفتاحاً لجذب الجمهور؟
أرى أن أعمال الغموض والجريمة تجعل المشاهد شريكاً في عملية البحث والاستكشاف، ويصبح التشويق أعلى ويسعى المشاهد إلى المتابعة والتحليل والمشاركة باللعبة الدرامية.
_ نجوم كبار يشاركون بالعمل إلى أي درجة تتدخل باختيار الممثلين وهل تختار شخصية معينة خلال الكتابة؟
كل الكتّاب يتخيلون الشخصيات التي يكتبون لها، ويتم الحوار مع شركة الإنتاج ومع المخرج وبنسبة متفوقة تنجح ترشيحاتي، خاصة بما يتعلق بأبطال الحكاية الأساسيين، فالكاتب هو شريك بهذا الأمر، وأحياناً تنجح خيارات الكاتب كما تخفق في أحايين أخرى لأسباب مختلفة.
_ ما الذي يميز هذا العمل عن غيره حتى من نتاجاتك السابقة؟
أعتقد أن الحالة هنا مختلفة عن بعض الأعمال فهنا مجموعة حكايا ضمن حبكة درامية واحدة متصلة، تحمل مفاجآت متواصلة مع كل حلقة، وسيكون مختلفاً عن أعمالي السابقة من هذه الناحية.
وأوجه الشكر للكاتب محمود ادريس الذي شارك معي بالسيناريو وكانت له بصمة في هذا العمل، إضافة إلى بصمة المخرج تامر إسحاق بتحويله إلى مادة بصرية. ووجود بعض التعديلات على النص حيث كنا نقارب وجهات النظر للاتفاق على الصيغة النهائية. فحكايتنا متشعبة وغامضة. وأعد الجمهور بأن العمل سيحمل مفاجآت كبيرة فيما يخص الحقائق، وبما يمكن أن يتوقعه المشاهد الذي سيتابع العمل والذي نتوجه إليه بما نصنعه. فالكاتب لا قيمة له بدون الجمهور، وحكاياتي أستلهمها من حكايا الناس، ومن الشارع ومن الحياة اليومية، وأتابع دائما آراء النقاد والجمهور حول الأعمال، وأسعى إلى تقديم مادة جيدة ترضي نسبة عالية من الذوق العام.
_ الكتابة للتلفزيون لم تبعدك عن المسرح كيف هي علاقتك به اليوم بظل الظروف الحالية وكيف ترى مستقبل المسرح في سوريا؟
أنا مع المسرح دائماً، لا يمكن أن أبتعد عنه، وأشعر بالواجب دائما لتقديم عمل مسرحي كل عام تأليفا وإخراجا، وحتى في سنوات الحرب لم أتوقف، والآن يعرض لي مسرحية “حكي سليم ولازمو فهيم”. ومازال عرضها مستمراً منذ ما قبل سقوط النظام، وتم التعديل عليها بما يتناسب مع تطور الظروف. والدراما التلفزيونية لن تبعدني عن السرح ولو كان المسرح يجعلني أعيش بشكل مناسب ماديا لن أعمل بالدراما التلفزيونية. فالجمهور السوري يحب المسرح وشغوف به، ودائماً ما تكون عروضنا مكتظة بالجمهور.
فالمسرح في سوريا جيد نوعاً ما، وهناك العديد من المسرحيين الجيدين وأصحاب الشغف والمسرح بالنسبة لهم يمتلك خاصية تجعله باقياً لا يمكن أن يندثر.
_ لأي درجة تجد أن كاتب السيناريو لا يأخذ حقه تماماً بظل المنافسة الدرامية، وما الذي يحتاجه كتاب السيناريو اليوم؟
هناك إجحاف بحق كاتب السيناريو من مختلفة الجوانب، رغم أن أساس العمل هو النص، وأنا متعصب جداً للورق فإن كان النص جيداً ينجح العمل حتى بوجود مخرج عادي، فكيف إن كان النص جيداً والمخرج متميزا؟!.. أما إن كانت الحكاية سيئة مهما كان المخرج مبدعا فلن ينجح العمل.
وأكثر ما يحتاجه اليوم كتاب السيناريو هو شركات الإنتاج، والنصوص تحتاج إلى سوق وبظل الظروف الحالية وما سبقها هناك قلة بشركات الإنتاج وقلة بقنوات العرض، اذ أن وجود قنوات العرض تشجع المنتج للعمل.
_ كيف تقيم عجلة الإنتاج الدرامي السوري هذا العام؟
عام تلو الآخر نلاحظ تقدم الأعمال في سوريا وتطورها، ونجد مسلسلات مهمة، رغم قلة عدد شركات الإنتاج وهو سبب رئيسي في نقص الأعمال، وأنا أقف مع النوع على حساب الكم، فأن نجد خمس مسلسلات مهمة أفضل من وجود ثلاثين مسلسلا دون المستوى.
لا أضع نفسي بمكان تقييم الدراما السورية لكنها تصنع بصمتها في العالم العربي، وهي مطلوبة بقوة، ومنافِسة جيدة في سوق الدراما العربية.
_ ماهي مشاريعك المستقبلية؟
سأكشف الآن لكم حصرياً عن تحضيراتي لمسلسل بيئة شامية أعكف على كتابة حلقاته الأولى حالياً، وسيكون مختلفا تماما عن كل ما تم تقديمه سابقا في مثل هذا النوع من الأعمال، على مستوى الحكاية والشخصيات والحقبة الزمنية، وإن شاء الله تجري التحضيرات والاتفاق مع الجهة الإنتاجية التي تبّنت الفكرة ليكون جاهزاً في رمضان2026.