لا يزال الحوار الكردي – الكردي في سوريا مستمراً رغم التحديات، حيث تسعى الأطراف الكردية للوصول إلى تفاهمات تخدم القضية الكردية في ظل مستقبل ديموقراطي لسوريا. وتتمحور النقاشات بين أحزاب الوحدة الوطنية الكردية والمجلس الوطني الكردي حول صياغة رؤية سياسية موحدة، مع تشكيل وفد كردي مشترك للتفاوض مع الإدارة الجديدة في دمشق وتعزيز الشراكة الوطنية.
واقع سياسي جديد
مع انسحاب المجلس الوطني الكردي من الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، برزت ملامح جديدة للواقع السياسي الكردي. في هذا السياق، صرح فيصل يوسف، المتحدث باسم المجلس الوطني الكردي (ENKS)، لموقع “963+” قائلاً: “انسحابنا من الائتلاف لم يكن تنفيذاً لشروط، بل جاء انطلاقاً من رؤية سياسية تتماشى مع المرحلة الجديدة التي تشهدها سوريا بعد سقوط النظام ورحيله. نحن اليوم أمام واقع سياسي يتطلب إعادة بناء العملية السياسية على أسس ديموقراطية، ونعمل مع القوى الوطنية لضمان مستقبل يحقق تطلعات جميع السوريين، بما في ذلك حقوق الشعب الكردي”.
من جهتها، أكدت الناطقة باسم حزب الاتحاد الديموقراطي (PYD) وعضوة اللجنة التحضيرية للمؤتمر القومي الكردي، سما بكداش، أهمية الحوار، مشددة على أنه ضرورة ملحة قائلة: “نحن جميعاً نعلم أن الشرق الأوسط وسوريا تمر بمرحلة تقرير المصير، وهي مرحلة حاسمة للشعوب كافة، لما لها من تأثير سياسي وأمني واقتصادي، فضلاً عن انعكاساتها على التوازنات الدولية والإقليمية. لقد كان للشعب الكردي دور محوري في إنشاء النظام القائم وحماية المناطق”.
كما دعت بكداش في تصريحات لـ”963+” إلى تعزيز الوحدة الوطنية مؤكدةً أن “هناك حاجة ماسة إلى موقف موحد يضمن حصول العرب والأكراد وكافة المكونات السورية على حقوقهم، مما يستوجب من اللجنة التحضيرية تكثيف الجهود لإرساء الحوار والوحدة في أقرب وقت ممكن، مع ضرورة إشراك جميع الأطراف لضمان نظام ديمقراطي مستقبلي”.
اقرأ أيضاً: مصادر: الحوار الكردي الكردي في سوريا يستأنف قريباً – 963+
رغم البطء.. الحوار مستمر
بعد تعثره لفترة طويلة، شهد الحوار الكردي – الكردي في روجآفا كردستان تطوراً ملحوظاً، حيث تبذل جهود حثيثة لتحقيق وحدة الصف الكردي لمواكبة التطورات الكبرى في سوريا. ومن أبرز تلك الجهود، اللقاء الذي جمع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق، مسعود بارزاني، وقائد قوات سوريا الديموقراطية، الجنرال مظلوم عبدي، في هولير بدعم أميركي وأوروبي، مما أعطى دفعة قوية لاستئناف الحوار بين أحزاب الوحدة الوطنية الكردية والمجلس الوطني الكردي.
وفي هذا الإطار، صرح نصر الدين إبراهيم، السياسي الكردي وسكرتير الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)، لـ “963+” قائلاً: “رغم البطء في تحقيق التقدم النهائي، إلا أن الحوار مستمر بخطى جادة نحو الهدف المنشود. إن انسحاب المجلس الوطني الكردي من الائتلاف السوري المدعوم من تركيا، شكل خطوة إيجابية لاقت ترحيباً من قبل أحزاب الوحدة الوطنية الكردية والشارع الكردي عموماً”.
كما أشار إبراهيم إلى أن تأجيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر القومي الكردي المزمع عقده في روجآفا كردستان، لحين موافقة المجلس الوطني الكردي على الانضمام إليه، يعد “خطوة إيجابية وحسن نية لتعزيز نجاح الحوار الكردي – الكردي”.
دور القوى الخارجية في دعم الحوار
لعبت الولايات المتحدة دوراً محورياً في رعاية الحوار الكردي-الكردي في سوريا منذ عام 2019، بهدف توحيد الصف الكردي وتعزيز الاستقرار في المنطقة. وقد بدأ هذا الدور عبر تشجيع قائد “قسد” على إطلاق مفاوضات مع المجلس الوطني الكردي، تحت إشراف البعثة الديبلوماسية الأمريكية في شمال شرقي سوريا.
وفي عام 2020، وبدعم ورعاية أميركية، دعا عبدي إلى مفاوضات بين القوى الكردية السورية لتحقيق توافق سياسي وإداري وعسكري بين الأطراف المعنية. كما سعت فرنسا إلى دعم الحوار وتسريع وتيرته، خاصة في ظل التطورات السياسية والعسكرية في سوريا.
وفي هذا السياق، أوضح نصر الدين إبراهيم أن “الدور الأميركي، بالتعاون مع الفرنسيين، كان حاسماً في دفع عجلة الحوار الكردي-الكردي منذ عام 2019، من خلال تقديم الدعم السياسي واللوجستي، وتنظيم اللقاءات بين القيادات الكردية بهدف تحقيق توافق يضمن حقوق الأكراد ويساهم في استقرار المنطقة”.
اقرأ أيضاً: بعد الانسحاب من الائتلاف.. إلى أين يتجه المجلس الوطني الكردي؟ – 963+
الخطط المستقبلية وتوقعات المرحلة القادمة
تسعى القوى الكردية إلى الإسراع في إنجاح الحوار الكردي – الكردي، وتشكيل وفد مشترك للذهاب إلى دمشق برؤية سياسية موحدة لحل القضية الكردية في سوريا. كما تعمل على إقناع المجلس الوطني الكردي بالانضمام إلى اللجنة التحضيرية للمؤتمر القومي الكردي.
وفي هذا الصدد، ذكر نصر الدين إبراهيم أن القوى السياسية الكردية تراقب التطورات المتعلقة بكلمة زعيم حزب العمال الكردستاني في تركيا، عبد الله أوجلان، والتي وصفها بأنها “مشروع سلام لحل القضية الكردية في تركيا”، مشيراً إلى أن لهذه الكلمة تداعيات بارزة على الساحة الكردية في روجآفا كردستان والمنطقة الكردستانية عموماً.
وأضاف إبراهيم: “يجب الاستعداد لما ستؤول إليه الأوضاع لاحقاً، خصوصاً فيما يتعلق بالموقف الرسمي للدولة التركية، التي لا تزال تحتل ثلاث مناطق كردية في سوريا، بدعم من الفصائل السورية المسلحة”.
ورغم التحديات والبطء في التقدم، يواصل الأكراد جهودهم لتحقيق توافق سياسي يخدم مستقبل القضية الكردية في سوريا. وبينما تبقى العوامل الإقليمية والدولية ذات تأثير كبير على مسار الحوار، تتجه الأنظار إلى مدى قدرة الأطراف الكردية على تجاوز الخلافات وتحقيق وحدة موقف سياسي يساهم في مستقبل ديموقراطي لسوريا.