ضاعفت إيران المخصصات المالية لقواتها المسلحة ثلاث مرات في الموازنة العامة للدولة لعام 2025، مما أثار تكهنات حول الأسباب الكامنة وراء هذه الزيادة الكبيرة، وسط تصاعد التوترات الإقليمية والتهديدات الإسرائيلية بضرب منشآت نووية إيرانية.
وأكد عضو البرلمان الإيراني، أحمد بخاشيش أردستاني، أن مضاعفة المخصصات المالية للقوات المسلحة الإيرانية في موازنة 2025 لا تعني بالضرورة الاستعداد لمواجهة عسكرية محتملة. وأوضح أن الهدف الرئيسي من هذه الزيادة هو تعزيز القدرات الدفاعية لإيران، مشيرًا إلى أن “تطور الأحداث في المنطقة يتطلب منا أن نكون مستعدين لأي سيناريو، ولكن ذلك لا يعني أننا نتجه نحو الحرب”.
من جانبها، ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية أن إسرائيل قد توجه خلال الأشهر القليلة المقبلة ضربات جوية لمنشأتي فوردو ونطنز النوويتين في إيران، بهدف تعطيل البرنامج النووي الإيراني ومنع طهران من امتلاك أسلحة نووية. كما نقلت الصحيفة عن مسؤولين عسكريين إيرانيين تأكيدهم أن أي ضربة جوية إسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية ستؤدي إلى “حرب شاملة تشعل المنطقة بأكملها”.
الموقف الإسرائيلي من تعزيز إيران لقدراتها العسكرية
من جانبه، أكد الباحث الفلسطيني في الشؤون الإسرائيلية، عادل شديد، أن الأوساط الأمنية والعسكرية في إسرائيل تنظر بقلق بالغ إلى الزيادة الكبيرة في الميزانية العسكرية الإيرانية. وأوضح في تصريحات لموقع “963+” أن هناك عدة أسباب لهذا القلق، أبرزها “اعتبار إسرائيل لإيران تهديداً استراتيجياً جدياً، بالإضافة إلى الضغوط التي تعرضت لها الجماعات المتحالفة مع إيران، مثل حزب الله اللبناني”.
وأضاف شديد، أن إسرائيل تدرك أن إيران بحاجة لتعزيز قدراتها العسكرية الهجومية والدفاعية، خاصة بعد الضغوط التي تعرضت لها حلفاؤها في المنطقة. وأشار إلى أن “الحروب الخارجية لم تعد كافية لحماية إيران أو ردع التهديدات عنها، مما يجعلها بحاجة إلى تعزيز قواتها المسلحة داخلياً”.
وحول إمكانية تنفيذ إسرائيل لضربة جوية مدمرة، أوضح شديد، أن المتغير الحاسم في هذه المعادلة هو الموقف الأميركي. وقال: “إسرائيل، رغم قوتها العسكرية، لن تتمكن بمفردها من توجيه ضربة مدمرة للبرنامج النووي الإيراني، خاصة أن المواقع النووية الإيرانية منتشرة على مساحات شاسعة وفي مناطق جبلية، مما يصعب تدميرها بالكامل”.
وأضاف أن إسرائيل قد تحتاج إلى دعم أميركي، خاصة فيما يتعلق بمنظومة الدفاع الجوي لمواجهة أي رد إيراني محتمل.
اقرا أيضاً: إيران تضاعف مخصصات القوات المسلحة ثلاثة مرات في موازنة 2025 – 963+
تأثير زيادة الميزانية العسكرية على الداخل الإيراني والمنطقة
في السياق ذاته، أشار الباحث وجدان عبد الرحمن، المختص في الشأن الإيراني والعربي، إلى أن تعزيز الميزانية العسكرية الإيرانية قد لا يؤثر بشكل مباشر على إسرائيل أو الوجود الأميركي في المنطقة، لكنه سيترك تداعيات كبيرة على الداخل الإيراني ودول الجوار.
وأوضح عبد الرحمن في تصريحات لـ”963+” أن “النظام الإيراني يسعى من خلال تعزيز قدراته العسكرية إلى السيطرة على الأوضاع الداخلية والاستعداد لمواجهة ضربات محتملة، وقد يستخدم هذه القدرات في توجيه ضربات لدول تحتوي على قواعد أميركية أو تواجد إسرائيلي”.
كما حذر المختص في الشأن الإيراني، من أن أي تصعيد عسكري من جانب إيران قد يؤدي إلى زعزعة استقرار النظام الإيراني نفسه. وقال: “إذا تعرضت المنشآت النووية الإيرانية لضربات إسرائيلية، سيكون أمام النظام خياران كلاهما صعب. الخيار الأول هو الرد على إسرائيل، مما قد يؤدي إلى ضربة إسرائيلية-أميركية واسعة النطاق تهدد بقاء النظام. أما الخيار الثاني فهو عدم الرد، مما سيؤدي إلى إضعاف صورة النظام داخلياً وزيادة السخط الشعبي ضده”.
وأكد عبد الرحمن أن إيران تواجه تحديات كبيرة رغم تعزيز ميزانيتها العسكرية، حيث أصبحت قدراتها الدفاعية مكشوفة أمام إسرائيل بسبب خسائرها الإقليمية الأخيرة. وأوضح أن “إيران فقدت العديد من حلفائها في المنطقة، مثل حماس والجهاد الإسلامي، كما تواجه تحديات داخلية متزايدة، مما يجعلها في موقف دفاعي أكثر من أي وقت مضى”.
استراتيجية إيرانية في مواجهة التهديدات
في هذا الإطار، أكد حسن راضي، مدير المركز الأحوازي للإعلام والدراسات الاستراتيجية، أن زيادة المخصصات العسكرية تعكس مخاوف النظام الإيراني من التهديدات الخارجية، خاصة من قبل إسرائيل والولايات المتحدة.
وأوضح راضي لـ”963+” أن “إيران تعتمد بشكل كبير على القوة العسكرية لضمان استمرارية نظامها، وتسعى إلى توسيع نفوذها الإقليمي عبر دعم الجماعات المسلحة الموالية لها”.
كما أشار إلى أن هذه الزيادة المالية تهدف إلى تطوير الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، مما قد يزيد من التوترات في المنطقة. وأضاف: “الملف النووي ليس الوحيد الذي يثير القلق، بل إن هناك ملفات أخرى، مثل التدخلات الإيرانية في شؤون الدول المجاورة، والتي قد تؤدي إلى تصعيد خطير في الأشهر المقبلة”.
وفي ظل هذه التطورات، تبدو المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة من التوترات، حيث ستحدد الأسابيع والأشهر القادمة ملامح المواجهة بين إيران وإسرائيل، سواء عبر تصعيد عسكري مباشر أو من خلال المفاوضات الديبلوماسية، التي قد تلعب دوراً محورياً في تحديد مسار الأحداث.