دير الزور
لا يزال كابوس فلول الفصائل الإيرانية جاثماً على صدور السوريين. فبينما كانت تلك الفصائل تشكل قوة مهيمنة في بعض المناطق قبل سقوط النظام السوري السابق، إلا أن وجودها المستمر على شكل خلايا نائمة يعيد إلى الأذهان مشاهد العنف والتهجير، مما يزيد من معاناة المواطنين الذين عانوا طويلاً من ويلات الحرب.
وتواصل هذه الخلايا تنفيذ عمليات تخريبية تهدف إلى عرقلة جهود الإعمار والاستقرار، خصوصاً في المناطق الوسطى والشرقية من سوريا. ورغم أن الحرب انتهت عسكرياً في بعض المناطق، إلا أن الخوف لا يزال يهيمن على السكان المدنيين بسبب نشاط تلك الفصائل، المدعومة والموجهة من جهات خارجية، ما يجعل الحياة اليومية صعبة وغير آمنة.
شهادات من قلب المعاناة
ليلى الحسن، امرأة تبلغ من العمر 43 عاماً من مدينة تدمر، تصف الوضع قائلة لموقع “963+”: “عندما تحررت أراضينا من هيمنة النظام البائد والفصائل الإيرانية، كنا متحمسين للعودة إلى حياتنا الطبيعية. لكن سرعان ما اكتشفنا أن الأمور ليست كما كنا نأمل. لا يزال عناصر هذه الفصائل مختبئين بيننا، يرتكبون عمليات اختطاف وابتزاز كما كانوا يفعلون أثناء سيطرتهم السابقة”.
وتضيف الحسن: “قبل أيام، تم اختطاف أحد جيراني من قبل مجموعة مسلحة ادعت أنها تتبع الأمن العام للحكومة الجديدة، لكننا اكتشفنا لاحقاً أنها تابعة لفصيل إيراني سابق هدفه جمع الفدية والمال. نحن نعيش في رعب دائم، ولا نعرف متى سيأتي الدور علينا. حتى الأطفال لم يعودوا قادرين على اللعب بحرية بسبب الخوف المستمر”.
أما سامي النجم، شاب في العشرينات من عمره ينحدر من دير الزور، فيتحدث لـ”963+” عن الإحباط الذي يشعر به: “كنت أحلم بمستقبل أفضل بعد انتهاء الحرب، خصوصاً بعدما فقدت العديد من أصدقائي خلال الصراع. لكن عندما ظننت أن الأمور ستتحسن، فوجئت بأن عناصر الفصائل الإيرانية لا تزال تتجول في أنحاء مدينتي، مما أعادني إلى دوامة الخوف نفسها”.
ويضيف النجم: “عندما أشاهد أحدهم، أتذكر المجازر والخوف الذي عشناه خلال فترة سيطرتهم. أريد أن أتعلم وأبني مستقبلي، لكن وجود هؤلاء الفلول يجعل ذلك مستحيلاً. نحن بحاجة إلى الدعم والمساعدة للتغلب على هذا الكابوس الذي يعكر صفو حياتنا”.
رؤية حقوقية للوضع الراهن
الناشط الحقوقي علي الصالح، أحد أبناء دير الزور والعامل في مجال حقوق الإنسان، أكد لـ”963+” أن “وجود فلول الفصائل الإيرانية يمثل تحدياً كبيراً للمجتمع المدني ولجهود إعادة الإعمار. هذه الخلايا تزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية وترتكب انتهاكات مستمرة بحق المدنيين”.
ويضيف الصالح: “على الرغم من انتهاء الحرب عسكرياً في بعض المناطق، إلا أن وجود هذه الفصائل يعني أن السلام الحقيقي لا يزال بعيد المنال. يجب على المجتمع الدولي أن يتحرك لدعم السوريين في مواجهة هذا التحدي. إن تعزيز الأمن المدني ودعم حقوق الإنسان هما السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في البلاد”.
اقرأ أيضاً: “الحرس الثوري” الإيراني: الأوضاع في سوريا لن تبقى على حالها – 963+
وكان مسؤول في “الحرس الثوري” الإيراني، قال الإثنين الماضي، إن الأوضاع لن تبقى على حالها في سوريا، وذلك في أول تعليق لـ”الحرس” بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وذكر قائد “الحرس الثوري” حسين سلامي في مؤتمر صحفي، أن “العوامل التي لا مجال لذكرها الآن جعلت الأعداء يحققون بعض النتائج في سوريا، لكن الوضع لن يبقى على حاله هناك”، وفق ما أفادت وكالة “تسنيم” الإيرانية للأنباء.
الوضع في سوريا بعد سقوط النظام السوري لا يزال معقداً، حيث يستمر كابوس فلول النظام والفصائل الإيرانية في التأثير على حياة المدنيين. إن القصص التي يرويها الأهالي تعكس معاناتهم ورغبتهم في حياة طبيعية وآمنة. ومن الضروري أن يتم دعم جهود المجتمع المدني والعمل على تحقيق الأمن والاستقرار، حتى يتمكن السوريون من بناء مستقبل أفضل بعيداً عن شبح العنف والانتهاكات.