وصل رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، اليوم الأحد، إلى المملكة العربية السعودية، ما أثار تساؤلات حول الهدف من اختيار السعودية كأول وجهة رسمية له خارج البلاد، بينما التوقعات كانت تشير إلى أن الزيارة الأولى ستكون إلى تركيا كونها الداعم الأبرز لفصائل المعارضة السورية المسلحة في إسقاط النظام السوري السابق.
وهنأ الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع عقب توليه منصب رئاسة البلاد في المرحلة الانتقالية.
وكشف الشرع في 23 كانون الثاني/يناير الفائت، عن أن زيارته الخارجية الأولى ستكون إلى تركيا أو المملكة العربية السعودية. وكانت صحيفة “يني شفق” التركية قد نقلت الجمعة، عن مصادر ديبلوماسية، أنه من المتوقع أن يزور الشرع أنقرة خلال أسبوعين ويلتقي بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
اقرأ أيضاً: الشرع يصل السعودية في أول زيارة خارجية – 963+
لماذا السعودية؟
يقول الباحث والمحلل السياسي السعودي مبارك آل عاتي، أن اختيار السعودية كأول وجهة نابع من مكانة السعودية وثقلها العربي والدولي، “يريد الشرع أن يقول إن عمقه عربي والهوى السوري هو هوى عربي”.
ويضيف آل عاتي في تصريحات خاصة لـ”+963″، أن “الشرع يريد توجيه رسالة بأنه التوجه السوري سيكون نحو الدول العربية الوازنة والحريصة على مصلحة الشعوب والدول دون تدخل أو مقايضة أو ابتزاز”.
ويرى الباحث السعودي، أن الزيارة لن تُختزل فقط في إطار إرسال رسائل، ويعتقد آل عاتي أن هذه الزيارة “مفصلية وتؤسس لمستقبل العلاقات بين البلدين وستفتح آفاق كبيرة بين الشعبين والقيادتين وسترسم مستقبل العلاقات على الأقل خلال العقد القادم”.
ويدرك الشرع أهمية العلاقات السعودية الأميركية الاستراتيجية، وأهمية علاقة المملكة بالمجتمع الدولي والثقة التي تتمتع بها، “لذا يريد أن يستفيد من هذه العلاقات”، بحسب آل عاتي.
ومن جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية السوري خالد وليد سرحان، أن أسباب اختيار السعودية، يعود لكون المملكة “هي البوصلة السياسية والاقتصادية الأهم والأكبر في منطقة الشرق الأوسط، ومن ستدفع في نهاية المطاف نحو منع تحول سوريا إلى دولة فاشلة”.
ويقول سرحان في تصريحات خاصة لـ”+963″، إن “السعودية ستكون المساهم الأبرز في دعم عملية الانتقال السياسي بسوريا بشكل سلمي وسلس، وستلعب دوراً في إعادة الإعمار وتحقيق الانتعاش الاقتصادي”، موضحاً أنه “من الممكن أن يدفع الرياض نحو مشروع مارشال سوري خاصة بعد الرفع المؤقت للعقوبات الاقتصادية عن سوريا لمدة عام”.
و”مارشال” هو مشروع أطلقته الولايات المتحدة عام 1947، ساعد في إعادة بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، واليوم مع استمرار الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في سوريا، تصاعدات الدعوات لإطلاق خطة إعادة إعمار شاملة على غرار “مشروع مارشال” لبناء سوريا الجديدة.
اقرأ أيضاً: هل ستكون تركيا أول وجهة خارجية للشرع؟
ماذا يحمل الشرع في جعبته؟
حول ما يحمله الشرع في جعبته إلى السعودية، يقول سرحان: “الشرع يريد التأكيد على عمق سوريا مع محيطها الإقليمي العربي ويحاول في ذات الوقت خلق توازن استراتيجي مع تركيا”.
ويتابع الأكاديمي السوري، أن “دلالات الزيارة مهمة للتأكيد على الدعم الخليجي العربي في المساهمة بالمشاورات حول آليات وشكل مؤتمر الحوار الوطني السوري المزمع عقده في المرحلة المقبلة”.
ويضيف سرحان، أن “الشرع يريد التوصل إلى صيغة حل سياسي بناءاً على الاجتماع الوزاري الدولي في الرياض، واجتماع العقبة الأردنية أو يحاول خلق صيغة أكثر واقعية وبراغماتية تراعي التغيرات الجيوسياسية الحاصلة في سوريا بعد سقوط نظام الأسد المخلوع”.
واستضافت الرياض اجتماعاً شارك فيه وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إلى جانب ممثلين من أميركا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا. وأكد البيان الختامي للاجتماع على دعم الانتقال السياسي، وخيارات الشعب السوري، ومكافحة الإرهاب، ورفع العقوبات، وإعادة الإعمار.
كما انعقد في مدينة العقبة بالأردن اجتماع للجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا، صدر عنه بيان ختامي أشار إلى محاور رئيسية لدعم دمشق، وسط تباينات واضحة حول دور الإسلاميين وشكل النظام السياسي المستقبلي.
ويوضح آل عاتي، أن هناك الكثير في جعبة الشرع، منها “مؤتمر الحوار الوطني السوري، وضع الدستور السوري بشكل يحمي حقوق جميع المكونات، سحب السلاح من الفصائل المسلحة، وبناء سوريا مدنية وطنية قانونية مؤسساتية”.
ويزيد المحلل السعودي أن ملفات الزيارة التي ستؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ العلاقات بين البلدين “ستأخذ على عاتقها أيضاً بحث التعاون الاقتصادي والسياسي والتنموي وكل أنواع الدعم التي تحتاجها سوريا لكي تستقر وتعود دولة لكافة السوريين”.
اقرأ أيضاً: تركيا تكثف تحركاتها الديبلوماسية بين دمشق وبغداد.. عن ماذا تبحث؟
لا للهيمنة التركية
من جانبه، يوضح الباحث في الشأن التركي الدكتور بشير عبد الفتاح، أن الشرع اختار الرياض كأول وجهة خارجية، “إيماناً منه بالدور السياسي والاقتصادي للمملكة”، ويقول في تصريحات خاصة لـ”+963″: “دمشق حالياً تدرك أن تركيا لا تستطيع مساعداتهم مالياً، فتوجهوا للسعودية”.
ويشير عبد الفتاح، إلى أن تركيا كانت الداعمة لفصائل المعارضة في إسقاط نظام الأسد، “لذا تحاول أن تهيمن على القرار السوري، وهذا ما ترفضه الدول العربية، لأن سيادة واستقرار سوريا مسؤولية عربية في ظل هذه المرحلة الحساسة”، منوهاً إلى أن التحرك السعودي السريع نحو سوريا بعد سقوط نظام الأسد المخلوع جاء للحذر من “الهيمنة التركية”.
وسيؤدي دعم سوريا للمشروع العربي إلى ترحيب دول مثل السعودية ومصر ودول الخليج، في حين أن أي تحركات سورية في دعم المشروع التركي أو الإيراني على حساب المشروع العربي، ستضر بالعلاقات وتؤثر سلباً على الدور العربي في المنطقة، “لذلك على الشرع أن يكون واعياً للمرحلة” وفق عبد الفتاح.
وفي مطلع كانون الثاني/يناير الفائت، زار وزير الخارجية في الحكومة السورية المؤقتة، أسعد الشيباني، السعودية، في أول زيارة خارجية، على رأس وفد رسمي، ضم كل من وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات أنس خطاب، كما زار وفد سعودي رفيع المستوى دمشق، وعقد حينها لقاءات مع الشرع.