بروكسل
طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير لها اليوم الخميس، بمحاسبة تركيا و”الجيش الوطني” الموالي لها لارتكابهما “جرائم حرب”، بمحيط سد تشرين جنوب شرقي منبج في محافظة حلب.
وقالت المنظمة إن الغارة التي شنها تحالف تركيا و”الجيش الوطني السوري” بطائرة مسيّرة وأصابت سيارة إسعاف تابعة لـ “الهلال الأحمر الكردي” في 18 كانون الثاني/يناير الجاري، في شمال سوريا، هي جريمة حرب مفترضة.
ونقلت عن شهود إن الغارة أصابت سيارة إسعاف كانت تنقل فتاة مدنية جُرحت في غارة سابقة بمسيّرة في اليوم نفسه استهدفت متظاهرين قرب سد تشرين. فيما أفادت وكالة أنباء أن الهجمات يومها قتلت ستة مدنيين، بينهم ممثل كردي معروف، وجرحت قرابة 16 آخرين.
وأضافت المنظمة أن أربع هجمات على الأقل شنها تحالف تركيا والجيش الوطني السوري خلال يناير، أصابت متظاهرين قرب هذا الموقع، مسفرةً عن مقتل 20 وجرح 120 آخرين، وفقاً لقوات سوريا الديموقراطية التي يقودها الأكراد والمدعومة من الولايات المتحدة والتحالف الدولي الذي تقوده ضد تنظيم “داعش” في سوريا والعراق المجاور.
قالت هبة زيادين، باحثة أولى في شؤون الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “أظهر الجيش الوطني السوري والقوات التركية نمطاً واضحاً ومقلقاً يتمثل في الهجمات غير القانونية ضد المدنيين والأعيان المدنية، ويبدو أن الطرفان يحتفيان بهذه الهجمات. بصفتها الداعم الرئيسي للجيش الوطني السوري، تركيا ملزمة بردع الانتهاكات التي يمارسها الجيش الوطني السوري، وإلا فإنها تخاطر بالتواطؤ في جرائمه”.
وأشارت إلى أن سد تشرين أصبح نقطة محورية للقتال بين تحالف تركيا والجيش الوطني السوري وقوات سوريا الديموقراطية منذ كانون الأول/ديسمبر الماضي، توقف السد عن العمل منذ 10 ديسمبر نتيجة تضرره أثناء الاشتباكات، ما حرم قرابة 413 ألف شخص من المياه والكهرباء في منطقتي منبج وكوباني.
منذ أواخر تشرين الأول/أكتوبر 2023، أدى القصف التركي على المناطق في شمال شرق سوريا إلى انقطاع المياه والكهرباء عن الملايين. كما أدت الغارات المتكررة على البنية التحتية المدنية إلى تدمير العديد من المرافق الأساسية، بما في ذلك محطات المياه والطاقة الكهربائية ومنشآت النفط ومحطات الغاز، ما أدى إلى تعطل المستشفيات والمخابز ومرافق المياه.
اقرأ أيضاً: مفتاح شرق الفرات.. لماذا تستميت تركيا على سد تشرين؟
وقالت المنظمة: إنه “لدى القوات المسلحة التركية والجيش الوطني سجل حقوقي مزرٍ في مناطق شمال سوريا الخاضعة للاحتلال التركي. وجدت هيومن رايتس ووتش أن فصائل الجيش الوطني ومجموعات أخرى، بما فيها عناصر القوات المسلحة وأجهزة الاستخبارات التركية، اختطفت واعتقلت واحتجزت أشخاصاً بينهم أطفال؛ وارتكبت العنف الجنسي والتعذيب بدون محاسبة تُذكر؛ وشاركت في النهب، وسرقة الأراضي والمساكن، والابتزاز”.
وأضافت: “يتطلب القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، من الأطراف المتحاربة انتشال الجرحى والمرضى ورعايتهم. تتمتع سيارات الإسعاف، كما المستشفيات، بحماية خاصة، ولا يجوز استهدافها في حال كانت تستُخدم لتقديم الرعاية الطبية من أي نوع، بما في ذلك علاج مقاتلي العدو. ينبغي السماح لسيارات الإسعاف ووسائل النقل الطبية الأخرى بالعمل وحمايتها في جميع الظروف”.
كما أن الهياكل، مثل السدود، هي أيضا أعيان محمية بشكل خاص بموجب القانون الإنساني الدولي. ينص القانون الإنساني الدولي على أنه ينبغي التعامل مع السدود والمنشآت المماثلة “بعناية خاصة” في النزاعات، لتجنب إطلاق مياه الفيضانات الخطيرة التي تؤدي إلى خسائر فادحة بين السكان المدنيين، بحسب المنظمة.
وأضافت: “حتى إذا استخدُم السد في عمليات عسكرية أو بالقرب منها، يجب أن تكون الهجمات متناسبة، ويجب اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب الأضرار العرضية المفرطة، فضلاً عن إصابة المدنيين أو فقدان حياتهم. وينبغي ضمان المرور الآمن لخدمات الطوارئ الطبية لتنفيذ عمليات الإجلاء لعلاج الجرحى وللموظفين لإجراء الإصلاحات الأساسية”.
قالت زيادين: “من غير المرجح أن يكون قصف سيارة إسعاف تحمل مدنيين جرحى على طريق مفتوح حادثاً. يبدو أنها جريمة حرب، ويجب محاسبة تحالف تركيا والجيش الوطني”.