مذكرة اعتقال هي الأولى بحق بشار الأسد بعد سقوط النظام السوري المخلوع، أصدرها القضاء الفرنسي بتهمة تورطه في جرائم حرب وقتل وتنفيذ هجمات متعمدة ضد المدنيين، في قرار هو الثاني من نوعه بعد مذكرة مماثلة صدرت أيضاً عن باريس في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، لكن الأمر بات مختلفاً بحسب ما يراه الكثيرون خاصة أن رئيس النظام السوري السابق فقد الحصانة التي كانت تحميه من أي ملاحقة قضائية أمام المحاكم الدولية.
وأصدرت السلطات القضائية الفرنسية، الاثنين الماضي مذكرة توقيف ضد بشار الأسد، وجاء إصدارها بعد طلب إضافي من النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب، فيما أكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، في منشور عبر منصة إكس، أن “جرائم النظام التي شوهدت فظاعتها في سجن صيدنايا، لن تمر دون عقاب”.
التوقيف أصبح ممكناً
مجيد بودن، أستاذ القانون الدولي في باريس قال لموقع “963+” إن الجرائم الدولية الكبرى كجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية هي من اختصاص محكمة الجنايات الدولية في لاهاي إلى جانب محاكم تعتمد مبدأ الولاية القضائية العالمية مثل القضاء الفرنسي والمحاكم في بريطانيا وألمانيا وبلجيكا وكندا واسبانيا وغيرها.
وفيما يتعلق بمذكرة اعتقال بشار الأسد، أكد بودن أن بطاقة التوقيف الثانية الصادرة عن القضاء الفرنسي ضد رئيس النظام السوري المخلوع ستتحول إلى الانتربول الدولي والذي سيعتمد بدوره عليها لإلقاء القبض على بشار الأسد وهو ما أصبح ممكناً في الوقت الراهن.
وأوضح بودن، أن بطاقة التوقيف التي صدرت حديثاً والمشابهة لمذكرات اعتقال بحق رؤساء عدة دول لها فاعلية كبرى في الحد من تحركات بشار الأسد خلال الفترة المقبلة.
وحملت المذكرة الفرنسية بشار الأسد، مسؤولية مقتل صلاح أبو نبوت، وهو مواطن فرنسي – سوري يبلغ من العمر (59 عاماً)، توفي عام 2017 إثر قصف منزله من قبل مروحيات تابعة لقوات النظام المخلوع، واعتبر القضاء الفرنسي أن بشار الأسد أمر بالهجوم ووفر له الوسائل.
وقال نجل صلاح أبو نبوت، “هذه القضية تشكل نتيجة نضال طويل من أجل العدالة التي آمنّا بها منذ البداية أنا وعائلتي، على أمل محاكمة وتوقيف المرتكبين أينما تواجدوا”.
حكم تاريخي
ويرى بسام الأحمد المدير التنفيذي لمنظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، أن الحكم الصادر بحق الأسد هو من الأحكام التاريخية ضد رئيس نظام سابق ارتكب جرائم وانتهاكات واسعة وشديدة القسوة.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ “963+”، “عدم وجود الأسد على رأس السلطة في سوريا كان عاملاً مهماً بتسريع صدور قرار التوقيف عن القضاء الفرنسي”.
واعتبرت المحكمة الفرنسية بحسب وثائق التحقيق، أن الرئيس السوري الهارب، لم يعد يتمتع بالحصانة الشخصية، التي كانت ستحميه من أي إجراءات قانونية أمام ولايات قضائية أجنبية، وذلك وفقاً للقانون الدولي القائم على أساس الاحترام المتبادل للسيادة.
وأصدر القضاء الفرنسي 14 مذكرة اعتقال بحق مسؤولين في النظام السوري المخلوع منذ بدء التحقيقات عام 2018، بينهم ثلاثة مسؤولين حُكم عليهم غيابياً في باريس بالسجن المؤبد بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وهم علي مملوك المدير السابق لمكتب الأمن الوطني، وجميل حسن المدير السابق للمخابرات الجوية، وعبد السلام محمود المدير السابق لفرع التحقيق في المخابرات الجوية.
العدالة الانتقالية
ودعا الكاتب والسياسي السوري، علي الأمين إلى ضرورة التسريع في تنفيذ مبدأ العدالة الانتقالية في سوريا من خلال تشكيل محاكم وهيئات خاصة تخضع للرقابة بالدرجة الأولى ومعايير تستند إلى القانون الدولي.
وأكد الأمين لموقع “963+”، على أهمية أن تشمل المحاكمات كافة المتورطين بجرائم ضد السوريين وكذلك كل من شجع هذه الجرائم وعمد إلى إنكارها أو إخفائها في محاولة لطمس الحقائق.
وكانت قد صدر أمر توقيف بحق بشار الأسد في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، بعد هجوم شنته قوات النظام السوري المخلوع بالأسلحة الكيميائية على الغوطة الشرقية بريف العاصمة دمشق عام 2013 ما أسفر عن مقتل أكثر من ألف شخص معظمهم نساء وأطفال.