كشفت صحيفة “ديلي صباح” التركية أن قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، يعتزم القيام بأول زيارة خارجية له إلى تركيا في الفترة المقبلة. وقد رأى مراقبون أن هذه الخطوة، إن صحت، قد تكون “غير موفقة”، مشيرين إلى أن الأولى بالشرع أن يبدأ بزيارة دولة عربية لتعزيز التصالح السوري مع المحيط العربي، بينما اعتبر آخرون أن الخطوة “متوقعة” نظراً لدور تركيا في دعم “هيئة تحرير الشام” للإطاحة بحكم الأسد.
زيارات وتعهدات
وفقاً للصحيفة، سيلتقي الشرع بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير الخارجية هاكان فيدان لبحث عدة ملفات، من بينها ملف قوات سوريا الديموقراطية (قسد). وحتى الآن، لم يصدر أي تعليق رسمي من الجانبين التركي أو السوري حول أنباء الزيارة.
وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ورئيس الاستخبارات التركية إبراهيم غالن قد زارا دمشق في وقت سابق، حيث التقيا بالشرع. واعتُبرت هذه اللقاءات إشارة واضحة لدعم أنقرة للمرحلة الانتقالية في سوريا بعد سقوط نظام الأسد.
من جهته، تعهد الرئيس التركي بدعم الإدارة السورية الجديدة في جهودها لإعادة بناء الدولة وصياغة دستور جديد، مؤكداً أهمية إعادة إعمار البلاد بعد 13 عاماً من الصراع، كما لوّح بإمكانية إطلاق عملية عسكرية جديدة ضد قوات سوريا الديمقراطية إذا استشعرت أنقرة تهديداً لأمنها القومي.
ردود أفعال متباينة
في تصريحات خاصة لموقع “963+”، أكد مدير مركز “جي إس إم” للأبحاث والدراسات، الدكتور آصف ملحم، أن زيارة الشرع إلى تركيا متوقعة وتأتي في إطار “رد الجميل”، مشيراً إلى أن “تركيا قدمت دعماً مالياً وعسكرياً كبيراً لهيئة تحرير الشام للإطاحة بالنظام السوري السابق، وهي الآن راعية للنظام السياسي الجديد”.
وأشار ملحم إلى أن توقيت الزيارة، الذي لم يُحدد بعد، قد يحمل دلالات، خصوصاً إذا تم بعد الاجتماع العربي في الرياض، حيث تدخلت الدول العربية والخليجية بقوة في الأزمة السورية.
واعتبر ملحم أن الشرع قد يسعى من خلال زيارته إلى نقل وجهة نظره بشأن هذا الاجتماع وكيفية التنسيق بين الطرفين.
على صعيد متصل، استضافت الرياض اجتماعاً شارك فيه وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، إلى جانب ممثلين من أميركا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا. وأكد البيان الختامي للاجتماع على دعم الانتقال السياسي، وخيارات الشعب السوري، ومكافحة الإرهاب، ورفع العقوبات، وإعادة الإعمار.
اقرأ أيضاً: محللون: اجتماع الرياض يرسم ملامح المستقبل
جدل حول الزيارة
يرى محمد عامر، الباحث المتخصص في الشأن التركي، أن اختيار أنقرة كأول محطة خارجية للشرع سيكون “خطوة غير موفقة”، موضحاً أن الشرع كان عليه زيارة دولة عربية أولاً لإيصال رسالة بأن “سوريا الجديدة متصالحة مع محيطها العربي”.
وأضاف عامر لـ”963+” أن المطلوب من الشرع حالياً هو إظهار التوازن، وأخذ مخاوف الدول العربية من النفوذ التركي والجماعات المتشددة بعين الاعتبار.
أبرز الملفات المطروحة
وفقاً لعامر، من المتوقع أن تُناقش الزيارة قضايا متعددة بين الجانبين، أبرزها ترسيم الحدود البحرية التركية السورية، وهو ملف يرى الباحث أنه ينبغي أن يُترك للحكومات المنتخبة وليس للإدارة المؤقتة.
كذلك، يُتوقع بحث ملف عودة اللاجئين السوريين من تركيا، بالإضافة إلى التعاون الأمني والعسكري، لا سيما تشكيل الجيش السوري الجديد وطبيعة العناصر الداخلة فيه.
من جهته، أشار الدكتور آصف ملحم إلى أن مشاريع إعادة الإعمار ستكون حاضرة على طاولة النقاش، حيث تسعى أنقرة للحصول على حصة كبيرة من هذه المشاريع، بما في ذلك السيطرة على مواقع استراتيجية لإنعاش اقتصادها.
الملف الكردي
قد يكون ملف الأكراد من أبرز القضايا التي ستأخذ حيزاً كبيراً من المباحثات. ويرى ملحم أن تركيا ستسعى لاستخدام الإدارة السورية الجديدة لمواجهة قوات “قسد”، موضحاً أن “أنقرة تدرك أن أي هجوم على مناطق قسد سيُعتبر انتهاكاً لسيادة سوريا وقد يواجه معارضة دولية”.
في المقابل، حذّر محمد عامر من رضوخ الإدارة السورية الجديدة للضغوط التركية بشأن الأكراد، مؤكداً أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى أزمات مستقبلية.
اقرأ أيضاً: إعادة الإعمار في سوريا بعد سقوط نظام الأسد .. تحديات وآفاق
تفاهمات محتملة
من جهته، أوضح الدكتور أيمن الدسوقي، أستاذ العلاقات الدولية والخبير الاستراتيجي في مركز تريندز للبحوث والدراسات، أن هناك احتمالية لتوصل الأطراف إلى صفقة تُنهي النزاع حول الأكراد.
وتوقع الدسوقي في تصريحات لـ”963+” أن تشمل الصفقة “منح الأكراد حكماً ذاتياً واسع النطاق في شمال شرقي سوريا دون قوة عسكرية، مع دمج قوات قسد في الجيش السوري الجديد”.
وكان القائد العام لقوات سوريا الديموقراطية، مظلوم عبدي، قد صرح في وقت سابق بأن اجتماعاً إيجابياً جرى بين قيادتي قسد والسلطة الجديدة في دمشق، حيث تم الاتفاق على وحدة وسلامة الأراضي السورية ورفض مشاريع التقسيم.
اقرأ أيضاً: وفد سوري رسمي برئاسة الشيباني يزور تركيا غداً
وفي خطوة جديدة، تبعت اجتماع الرياض، أعلن وزير الخارجية في الحكومة السورية الجديدة أسعد الشيباني، أنه سيزور تركيا على رأس وفد رسمي يوم غد الأربعاء.
وقال الشيباني في منشور على منصة “إكس” اليوم الثلاثاء، “سنمثل سوريا الجديدة غداً في أول زيارة رسمية إلى الجمهورية التركية التي لم تتخل عن الشعب السوري منذ 14 عاماً”.
ولم يذكر الوزير خلال المنشور من هم أعضاء الوفد الزائر، إلا أن وسائل إعلام سورية قالت إنه سيضم أيضاً وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس جهاز الاستخبارات أنس خطاب.