في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز العلاقات الإقليمية، يستعد وزير الخارجية في الحكومة السورية الجديدة، أسعد الشيباني، للقيام بجولة رسمية تشمل المملكة الأردنية الهاشمية ودولة قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة. تأتي هذه الجولة في إطار مساعٍ حثيثة لتفعيل التعاون الإقليمي، بما يعزز الاستقرار الاقتصادي والأمني في المنطقة. من خلال هذه الزيارة، يسعى الشيباني إلى فتح آفاق جديدة للتعاون الثنائي تخدم المصالح المشتركة وتعزز استقرار المنطقة.
تعزيز التعاون مع الأردن
من المقرر أن تتناول زيارة وزير الخارجية السوري إلى المملكة الأردنية الهاشمية محاور استراتيجية حيوية تُبرز التعاون المشترك بين البلدين. تشمل هذه المحاور: “التركيز على تعزيز التعاون في القطاع الصناعي كوسيلة لدعم التنمية الاقتصادية الإقليمية وجذب الاستثمارات المشتركة، مناقشة التحديات التي تواجه الحدود الشمالية للأردن والتأكيد على أهمية التعاون لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، وبحث سبل تطوير التجارة البينية ودعم مشاريع البنية التحتية المشتركة، بما يسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي وتحقيق التنمية المستدامة.
وأكد المهندس موسى الساكت، الخبير الاقتصادي، أن هذه الزيارة تمثل فرصة كبيرة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، مشيراً إلى التراجع الحاد في التجارة البينية منذ عام 2011، حيث انخفضت من أكثر من 500 مليون دولار إلى حوالي 100 مليون دولار حالياً. وقال الساكت لموقع “963+”: “من الضروري العمل على زيادة حجم التجارة بين البلدين بشكل كبير”.
وأضاف الساكت أن قطاع الزراعة يُعد من المجالات الواعدة للتعاون، موضحاً: “يمكن تصدير الفائض من الإنتاج الزراعي الأردني إلى سوريا بأسعار تنافسية، بالإضافة إلى تنفيذ مشروعات زراعية مشتركة”.
كما أشار إلى إمكانية توسيع نشاط البنوك في سوريا لدعم الشركات العاملة في إعادة الإعمار، مشددًا على أهمية مناقشة رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا.
وفيما يخص الطاقة، قال الساكت: “هناك فرص كبيرة للاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة، حيث تمتلك الأردن خبرة متقدمة في هذا المجال. بالإضافة إلى ذلك، سيُناقش الربط الكهربائي بين البلدين، وهو ملف يحظى بدعم حكومي من الجانبين”. وأكد أيضاً على أهمية تسهيل حركة المعابر الحدودية وتخفيف القيود الجمركية لتعزيز حركة التجارة والنقل.
أبعاد أمنية واستراتيجية
تحدث الخبير العسكري والأمني عمر الرداد عن الأبعاد الأمنية والاقتصادية للزيارة المرتقبة، مشيراً إلى أن الدعوة الأردنية تعكس رؤية استراتيجية لمعالجة الملفات المشتركة.
وقال الرداد لـ”963+”: “الدعوة التي وجهها وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، تضمنت توصية بأن يكون الوفد السوري قطاعياً، بما يشمل خبراء متخصصين في المجالات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والسياسية. هذا يعكس جدية الأردن في السعي لمعالجة القضايا العالقة مع الجانب السوري”.
وأوضح الرداد أن الأردن يتطلع إلى تعزيز الأمن على حدوده الشمالية، مؤكداً: “عانى الأردن خلال السنوات الماضية من تحديات أمنية نتيجة نشاط ميليشيات تهريب المخدرات والأسلحة على الحدود الشمالية. اليوم، يسعى الأردن إلى إغلاق هذه الملفات المرهقة بالتعاون مع القيادة السورية الجديدة”.
وفيما يتعلق بالتحديات الاقتصادية، قال الرداد: “سوريا بحاجة ماسة لإعادة إعمار قطاعاتها المختلفة، بما في ذلك البنية التحتية. الأردن يسعى لأن يكون شريكًا فاعلًا في هذه الجهود، خاصة في مشاريع إعادة الإعمار”.
خطوة محورية نحو التعاون الإقليمي
تمثل زيارة وزير الخارجية السوري إلى الأردن فرصة استراتيجية لتكريس التعاون الثنائي وتعزيز العلاقات بين البلدين في وقت حساس تمر به المنطقة. يعكس النهج المشترك بين عمّان ودمشق التزاماً حقيقيًا بتحقيق الاستقرار الإقليمي والتنمية المستدامة.
ومن المتوقع أن تشكل هذه الزيارة خطوة محورية نحو بناء شراكات اقتصادية وأمنية تساهم في تخطي التحديات الراهنة، مما يعزز استقرار المنطقة ويفتح آفاقًا جديدة للتعاون الإقليمي على أسس متينة من الثقة والمصالح المشتركة.