قال القائد العام لقوات سوريا الديموقراطية (قسد) مظلوم عبدي، إن قواته المؤلفة من 100 ألف مقاتل مستعدة لحل نفسها والانضمام إلى جيش سوريا الجديد، بشرط ضمان حقوق الأكراد والأقليات، مطالباً بأن تكون سوريا لا مركزية، في تصريحات بدت أكثر مرونة بشأن مستقبل تلك القوات، وفتحت الباب لإمكانية حدوث مقاربات بينهم وبين الإدارة السورية الجديدة في دمشق.
وذكر عبدي خلال حديث لصحيفة “التايمز” البريطانية الثلاثاء الماضي، أن “المقاتلين الأجانب في صفوف قسد الذين انضموا سابقاً للقتال ضد تنظيم داعش مستعدون للمغادرة، وأن قواته لا تشكل خطراً على تركيا”، داعياً إلى تعددية ديموقراطية ومشاركة المجالس المحلية في بعض الصلاحيات بالاتفاق مع السلطة المركزية، وطي صفحة حكم النظام السوري السابق الذي كان دكتاتورياً ومركزياً استبدادياً، وقمع خلاله الأكراد”.
بالتزامن قال مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديموقراطية فرهاد شامي في تصريحات إعلامية، إن “قسد مستعدة للانضمام إلى الجيش السوري الجديد لكن الأمر يحتاج لمناقشات”، مضيفاً أن “تركيا تحاول السيطرة على مزيد من الأراضي السورية، وقسد غير موجودة على الشريط الحدودي التركي إنما قوات الأمن، وحزب العمال الكردستاني موجود داخل الأراضي التركية”.
اقرأ أيضاً: اعتقال ضابط بالنظام السابق مسؤول عن محاكم ميدانية بسجن صيدنايا
إدارة العمليات العسكرية متمسكة بحل الفصائل
إدارة العمليات العسكرية بقيادة أحمد الشرع، كانت قد أكدت على حل جميع الفصائل ونزع سلاحها وحصر السلاح بيد الدولة، وضمها جميعاً إلى جيش سوريا الجديد في إطار وزارة الدفاع، وأجرت لقاءات مكثفة مع قادة من جميع الفصائل في الشمال والجنوب بما في ذلك “غرفة عمليات الجنوب” و”الجيش الوطني” لبحث تسريع حلها وتشكيل الجيش.
وقبل يومين، اجتمع الشرع مع عدد من قادة الفصائل في محافظة درعا، وكشف مصدر في الفصائل لموقع “963+”، أن الاجتماع، الذي استمر ثلاث ساعات بحضور وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال مرهف أبو قصرة، “حمل طابعاً حاسماً، واتسم بفرض لغة صارمة تهدف إلى إعادة هيكلة القوى العسكرية في المنطقة”، قبل أن تعلن إدارة العمليات لاحقاً التوصل لاتفاق يقضي بتوحيد الفصائل تحت مظلة الإدارة وضبط الأمن بالمنطقة.
وأكدت الإدارة أنها ستبدأ بسحب السلاح الثقيل من كافة الأطراف، في خطوة تهدف إلى تقليص حالة التوتر وتعزيز الاستقرار. كما تم الاتفاق على تجهيز مواقع مخصصة لاستلام السلاح الذي كان بحوزة النظام السابق، في إطار خطة شاملة لإعادة تنظيم المشهد الأمني والعسكري في الجنوب السوري، وحضر الاجتماع عدد من القادة كان أبرزهم محمود البردان المعروف بـ”أبو مرشد” من مدينة طفس، ومؤيد الأقرع الملقب بـ”أبو حيان” من بلدة حيط، وعلي باش ممثل اللواء الثامن.
مفاوضات بين إدارة العمليات و”قسد”
القيادي في إدارة العمليات العسكرية السورية أبو صالح الحسن، أكد لموقع “963+”، أن “المفاوضات لا تزال جارية مع الأكراد من أجل أن يكون لهم دور فاعل وأساسي في جيش سوريا الجديد تحت مظلة وزارة الدفاع” مشيراً إلى أنهم جزء لا يتجزأ من سوريا ومكون مهم من مكونات الشعب السوري.
وقال الحسن، إن “تصريحات مظلوم عبدي الأخيرة مبنية على وعود وتفاهمات دولية حول مناطق شمال شرقي سوريا”.
اقرأ أيضاً: بدأ اليوم التالي: رؤية للمرحلة الانتقالية في سوريا الجديدة
الباحث والمحلل السياسي بسام عساف من لبنان، يقول إنه “من الممكن أن يكون هناك اتفاق بين قسد وإدارة العمليات العسكرية في سوريا على اعتبار أن البلاد يمكن لها أن تقوم على أسس جديدة، ومن شأن ذلك أن يسهم بشكل كبير في استتباب الأمور في كامل الجغرافيا السورية”.
الموقف التركي
لكن رغم تأكيد إدارة العمليات العسكرية منذ إسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، على أولوية الحوار ونبذ العنف لبناء سوريا الجديدة، والمرونة التي بدأت تبديها “قسد”، يبقى موقف تركيا المتشدد حيال الأخيرة ورفضها أي وجود لها في مستقبل سوريا عقبة أمام أي اتفاقيات مستقبلية، حيث قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمة أمام نواب حزب “العدالة والتنمية” في البرلمان أمس الأربعاء: “إما أن يلق المسلحون الأكراد أسلحتهم أو يدفنوا معها في سوريا”.
اقرأ أيضاً: رغم مخاطر التهديدات التركية.. الأكراد بين مخاوف الإقصاء والإنصاف الحقيقي
الأكاديمي والمحلل العسكري والاستراتيجي أحمد رحال، يعتبر خلال تصريحات لـ”963+” من إسطنبول، أن “الأمر لا يتعدى مرحلة التصريحات حتى الآن ولا يوجد أي اتفاق، حيث أن قسد تقول إن لديها شروط وهواجس”، إلا أنه يشير إلى أنه “في حال انضوت قسد ضمن وزارة الدفاع وسلمت سلاحها ولم يعد هناك مطالبة بالكونفدرالية، فإن تركيا لن تكون لديها أية مشكلة”.
لكن نشطاء أكراد، يقولون إن “تركيا تستهدف الوجود الكردي وأي خصوصية لهم في سوريا، وتتخذ من مسألة حماية أمنها القومي وتهديدات حزب العمال الكردستاني، كوسيلة وذريعة من أجل تحقيق هذه الأهداف، ويستشهدون بالعمليات العسكرية التي شنتها في مناطق ذات غالبية كردية كعفرين بالشمال الغربي، على مدى سنوات الأزمة السورية”.
فيما يرى عساف، أن “الاتفاق بين إدارة العمليات العسكرية وقسد في حال التوصل إليه ودمج الأخيرة في الجيش السوري الجديد، سينهي أي توترات مع تركيا، التي تعتبر أن مشكلتها الأساسية هي وجود عناصر حزب العمال الكردستاني وتهديدهم لحدودها الجنوبية”، معتبراً أنه “في حال عدم التوصل إلى اتفاق فإن المشهد في شمال شرقي سوريا سيتجه نحو التصعيد ومزيد من التوترات، خاصةً في ظل التهديدات التركية المتكررة”، وأن الأمر يرجع إلى مدى التجاوب والمرونة التي ستبديها قسد”.
وتخوض “قسد” منذ أيام اشتباكات مع فصائل “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا في مناطق سد تشرين وجسر قرقوزاق وريف منبج شرقي حلب، بعد أن أطلقت الأخيرة أواخر الشهر الماضي، عملية عسكرية أسمتها “فجر الحرية” سيطرت خلالها على مدينة منبج وناحية تل رفعت ومنطقة الشهباء شمالي حلب.