درعا
في خطوة تعكس توجهات القيادة العسكرية السورية لإعادة ترتيب الأوضاع في جنوبي البلاد، عقد قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، أمس الاثنين، اجتماعاً مغلقاً في قصر الشعب بدمشق مع عدد من قادة الفصائل العسكرية البارزين في درعا.
وكشف مصدر في فصائل الجنوب، لموقع “963+”، أن الاجتماع، الذي استمر ثلاث ساعات بحضور وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال مرهف أبو قصرة، “حمل طابعاً حاسماً، واتسم بفرض لغة صارمة تهدف إلى إعادة هيكلة القوى العسكرية في المنطقة”.
وأعلنت إدارة العمليات العسكرية في سوريا عن التوصل إلى اتفاق خلال الاجتماع الأخير مع قادة الفصائل، يقضي بتوحيد الفصائل تحت مظلة الإدارة العسكرية الجديدة وضبط الأمن في المنطقة.
وأكدت الإدارة أنها ستبدأ بسحب السلاح الثقيل من كافة الأطراف، في خطوة تهدف إلى تقليص حالة التوتر وتعزيز الاستقرار. كما تم الاتفاق على تجهيز مواقع مخصصة لاستلام السلاح الذي كان بحوزة النظام السابق، في إطار خطة شاملة لإعادة تنظيم المشهد الأمني والعسكري في الجنوب السوري.
وكان قد حضر الاجتماع عدد من القادة العسكريين من درعا، كان أبرزهم محمود البردان المعروف بـ”أبو مرشد” من مدينة طفس، ومؤيد الأقرع الملقب بـ”أبو حيان” من بلدة حيط، وعلي باش ممثل اللواء الثامن، وأبو علي مصطفى، أحد القياديين المحليين.
ورغم السرية التي أحاطت بالاجتماع، أفاد المصدر أن “النقاش تركز على ضرورة إنهاء حالة التشرذم بين الفصائل في درعا ودمجها ضمن تشكيلات عسكرية موحدة تحت مظلة وزارة الدفاع الجديدة”.
وخلال الاجتماع، فرض الشرع رؤيته الواضحة بضرورة “إلغاء جميع المسميات الفصائلية”، معتبراً أن المرحلة المقبلة “تتطلب توحيد القوى العسكرية في درعا لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة”.
وشدد على أهمية وضع خطة تنظيمية شاملة تشمل دمج الفصائل ضمن فيالق عسكرية تتبع للوزارة مباشرة، وتنظيم السلاح المنتشر بين أيدي الفصائل، مع التأكيد على عدم إقصاء أي طرف لضمان شمولية العملية.
خلافات بين قادة الجنوب
تطرق الاجتماع إلى الانتهاكات التي ارتكبتها الفصائل المسلحة في الجنوب السوري منذ عام 2018. وفي حين أقر بعض القادة بتجاوزات وقعت خلال تلك الفترة، برروا هذه الأفعال بأنها كانت ضرورة للحفاظ على وحدة محافظة درعا وحماية المدنيين من الانتهاكات التي مارستها الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري المخلوع.
وأظهر هذا النقاش خلافات بين القادة حول تقييم المرحلة السابقة، لكنه أكد الحاجة إلى طي صفحة الماضي والتركيز على بناء هيكل عسكري موحد.
ورغم التفاهمات المبدئية التي خرج بها الاجتماع، لا تزال الخلافات بين قادة الفصائل تلقي بظلالها على المشهد في درعا. الأسماء المطروحة لتولي القيادة في الجنوب تعكس تنافساً حاداً بين القادة المحليين، مثل مؤيد الأقرع المعروف بـ”أبو حيان”، وأحمد العودة قائد اللواء الثامن، ومحمود البردان المعروف بـ”أبو مرشد”، والعقيد أبو منذر الدهني، وأبو عمر الزغلول قائد لواء أسود السنة سابقاً.
وتعود جدور هذه الخلافات إلى التباين بين القادة الذين دخلوا من الأردن قبل سقوط النظام عام 2018، والقادة الذين كانوا متمركزين في درعا خلال تلك الفترة وتعاونوا مع القوات الروسية والإيرانية.
وأبرز هذه الخلافات يتمحور حول حل اللواء الثامن، المعروف سابقاً بـ”شباب السنة”، والذي يترأسه أحمد العودة. العودة أعرب عن رفضه القاطع لحل اللواء، معتبراً أن ذلك يمثل تهديداً لدوره القيادي في المنطقة، مؤكداً رغبته في الحفاظ على هيمنته على الوضع في درعا.
وهذه المواقف جاءت في ظل غياب العودة عن الاجتماع الأخير الذي عقده قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع في قصر الشعب، حيث رفض الشرع دعوته وفضل حضور علي باش كممثل عن اللواء الثامن.
موقف حازم
وأظهر الشرع، موقفاً حازماً خلال الاجتماع، حيث رفض دعوة أحمد العودة للحضور، مفضلاً دعوة علي باش كممثل عن اللواء الثامن”، بحسب المصدر.
اقرأ أيضاً: اجتماع بين إدارة العمليات العسكرية و”غرفة عمليات الجنوب” بدرعا – 963+
وعكس هذا القرار رغبة القيادة العسكرية في إعادة توزيع الأدوار في الجنوب، مع إرسال رسائل واضحة لجميع الأطراف بأن أي محاولة لرفض الاندماج أو عرقلة الخطط الجديدة ستواجه برد حاسم.
وتأتي هذه التحركات في وقت تسعى فيه القيادة العسكرية لإعادة فرض السيطرة على درعا، التي تتمتع بموقع استراتيجي هام، خاصة على الحدود مع الجولان السوري.
وكانت قد عقدت إدارة العمليات العسكرية في سوريا، الأسبوع الماضي، اجتماعاً مع “غرفة عمليات الجنوب” في محافظة درعا، حيث تركزت المباحثات على حل الخلافات الداخلية في المحافظة وجمع السلاح المنتشر بين الأهالي، مع التأكيد على منع أي محاولات لجر المنطقة إلى صراعات جديدة.
وأوضح القيادي أبو مرشد البردان لموقع “963+” حينها، أن الاجتماع ناقش أيضاً خطوات دمج الفصائل تحت مظلة وزارة الدفاع المزمع تشكيلها، مشيراً إلى تسارع الجهود لتحقيق هذه الأهداف في إطار إعادة هيكلة القوى العسكرية في سوريا.
اقرأ أيضاً: اجتماع لمناقشة آلية عمل الحكومة الجديدة في الجنوب السوري – 963+
واختتم أمس الاثنين، اجتماع وصف بـ”المهم” في مدينة نوى بريف درعا الغربي، جنوبي سوريا جمع ممثلين عن إدارة العمليات العسكرية مع عدد من وجهاء وأعيان المدينة.
وقال القيادي أبو البراء، المسؤول الأمني في الجنوب السوري، في حديث لـ“963+” أن الاجتماع “تمحور حول آلية عمل الحكومة الجديدة في الجنوب السوري، مع التركيز على المسائل الأمنية والخدمية، بالإضافة إلى سبل سحب السلاح المنتشر بين الأهالي في المنطقة”.
وأكد أن إدارة العمليات العسكرية بصدد فتح مفارز أمنية تهدف إلى استرجاع الممتلكات المسروقة من المراكز الحكومية التي تعرضت للنهب في وقت سابق.
وفي الـ11 من هذا الشهر، كانت قد اجتمعت “غرفة عمليات الجنوب السوري” التي تضم فصائل مسلحة في محافظات درعا والسويداء والقنيطرة، مع الشرع، في العاصمة دمشق.
وأفادت وسائل إعلام محلية، حينها بأنّ “الاجتماع هدف لتشكيل وزارة الدفاع وضم جميع الفصائل المسلحة إليها”.
واتفق الشرع مع “غرفة عمليات الجنوب السوري”، على تعزيز التنسيق بين القوى الفاعلة، كما شدد الاجتماع على أهمية تعزيز العمل المشترك بين جميع الجهات العسكرية والمدنية لضمان تحقيق الأمن والحفاظ على مكتسبات الوطن، وفقاً لغرفة العمليات.