في إطار التحولات السياسية في سوريا، شهدت دمشق أمس الأحد، زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الذي التقى قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع لمناقشة مستقبل سوريا، مع التركيز على إعادة بناء مؤسساتها وتعزيز استقرارها. كما يتم الحديث عن زيارة سيقوم بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى دمشق. محللون سياسيون يرون أن نجاح هذه العملية يعتمد على الدعم الدولي والتنسيق مع الدول العربية، خاصة دول الخليج، في حين تعكس زيارة أردوغان المرتقبة إلى دمشق رغبة تركيا في تعزيز دورها كوسيط استراتيجي في المنطقة وتحقيق الاستقرار في سوريا.
الشرع أشار إلى التحديات الكبيرة التي تواجهها سوريا، مثل دمار البنية التحتية وتشتت الشعب السوري، وأكد على ضرورة التوافق الدولي لاستقرار البلاد. من جهته، شدد فيدان على دعم تركيا لسوريا في هذه المرحلة، مؤكداً أهمية التوافق الداخلي لإعادة إعمار البلاد وعودة اللاجئين.
التقييم الإقليمي للتحركات التركية في سوريا
فيما يتعلق بالتحركات التركية في سوريا، صرح عدي رمضان، الكاتب والمحلل السياسي المقيم في إيطاليا، بأن “تقييم الدول العربية للتحركات التركية يعتمد بشكل أساسي على السياسة التي تفرضها الإدارة الأميركية”.
وفيما يتعلق بفرص نجاح الإدارة السورية الجديدة في إقامة علاقات متوازنة مع دول الجوار العربي، أكد رمضان أن ذلك “يتوقف على نية الإدارة السورية الجديدة في تقليص الهيمنة التركية”.
كما أشار محللون إلى أن مساعي فيدان لفرض الوصاية التركية على دمشق لم تفلح، حيث ناور الشرع وترك سيناريوهات العلاقات مفتوحة، حتى معرفة مواقف الدول العربية والغربية الأخرى.
وقال رمضان لموقع “963+”: “التعاون الإقليمي مع تركيا سيكون ممكناً إذا ما أعطت الولايات المتحدة الضوء الأخضر، خاصة إذا كانت هناك إرادة من الدول العربية للتعامل مع الملف التركي”.
اقرأ أيضاً: من ضمنها نزع السلاح.. الشرع وفيدان يتباحثان في مستقبل سوريا – 963+
وأوضح أن “الدول العربية تشترط أن تكون هي المستثمر الأكبر في عملية إعادة إعمار سوريا، وهو ما يتطلب بناء علاقات قوية مع الدول العربية، خاصة دول الخليج التي تمتلك رأس المال اللازم لهذا الغرض”.
ولكن هشام جوناي، الصحفي والمحلل السياسي التركي، حذر من أن “التدخلات الدولية قد تؤثر سلباً على عمليات التحول في سوريا”. وأشار لـ”963+” إلى أن هناك حاجة “لتنسيق دقيق بين تركيا والدول العربية لتحقيق النجاح في إعادة بناء سوريا”.
وأضاف: “من الضروري أن تحقق تركيا انسجاماً في سياستها مع الدول العربية، بالإضافة إلى الوصول إلى تفاهم مع الولايات المتحدة حول السياسات في سوريا، بما في ذلك قضية الوحدات الكردية”.
من جهته، أكد محمود علوش، الباحث المقيم في إسطنبول، أن “تركيا ستلعب دوراً رئيسياً في إعادة إعمار سوريا”، مشيراً إلى أن زيارة وزير الخارجية التركي إلى دمشق “تعكس اهتمام تركيا العميق بتحول سوريا ورغبتها في إنجاح هذه المرحلة الحاسمة”، في حين تشير تقارير صحفية إلى أن تلك التحركات تصب في مصلحة تركيا ولغاياتها الشخصية.
وقال علوش لـ”963+”: “تركيا تواجه تحديات متعددة في توزيع عمليات التحول السوري، لكن نجاح هذا التحول يمثل مصلحة مشتركة للطرفين السوري والتركي، وفشله سيؤدي إلى عواقب كبيرة على تركيا”.
وأوضح علوش أن تركيا تسعى إلى تعزيز دورها في إعادة إعمار سوريا، “لكن هذا يتطلب تنسيقاً دقيقاً مع الدول العربية الفاعلة في سوريا”. وأضاف أن “تركيا يمكن أن تساعد في معالجة ملف اللاجئين السوريين على المدى البعيد، ولكن هذا يتطلب إعادة ترميم الاقتصاد السوري وإعادة إعمار البلاد”.
زيارة أردوغان المرتقبة لدمشق؟
تداولت وسائل الإعلام أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد يزور دمشق في غضون الأسبوعين المقبلين، في زيارة وصفها البعض بـ “التاريخية”. وبحسب الصحيفة الرسمية “تركيا”، قد تشمل الزيارة أداء الصلاة في الجامع الأموي ولقاء مع أحمد الشرع. تأتي هذه الزيارة في وقت حساس، حيث يواصل الطرفان العمل على تعزيز التعاون بينهما في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية.
وتأتي هذه الزيارة بعد تحركات ديبلوماسية مكثفة من قبل تركيا، حيث تم إرسال وفود دبلوماسية إلى دمشق، بما في ذلك زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مما يشير إلى رغبة تركيا في لعب دور محوري في إعادة بناء سوريا. الزيارة المرتقبة لأردوغان قد تعكس رغبة تركيا في تعزيز حضورها في المنطقة، وتكريس دورها كوسيط استراتيجي في حل الأزمة السورية.
وأشار علوش إلى أن زيارة أردوغان إلى دمشق في يناير المقبل “ستكون لها دلالات كبيرة على الصعيدين العاطفي والجيوسياسي”. وقال: “هذه الزيارة تمثل فرصة لتركيا لتعزيز حضورها في منطقة الشرق الأوسط، وتمنحها مزايا اقتصادية”.
وأعرب المحلل السياسي التركي جوناي، عن اعتقاده في أن تأخير الزيارة إلى يناير القادم، “ستكون بعد إحكام السيطرة على الأراضي السورية وتأمينها بشكل كامل، حيث يتم التخطيط لها في الوقت الحالي.”