شهدت منطقة المرصنات في محافظة الأنبار تظاهرات نظمها العشرات من عناصر النظام السوري السابق الذين فروا إلى العراق خلال سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024. وطالب الجنود خلال احتجاجاتهم بالسماح لهم بالعودة إلى سوريا.
كما أظهرت مقاطع فيديو العناصر وهم يهتفون مطالبين السلطات العراقية بتسهيل عودتهم إلى بلادهم. وحتى الآن، لم تصدر الحكومة العراقية أي تعليق رسمي يوضح أسباب منع هؤلاء الجنود من العودة.
ومع انهيار قوات النظام السوري السابق في الساعات التي سبقت سقوط النظام، سمحت السلطات العراقية بدخول مئات الجنود السوريين الفارّين من الجبهات عبر منفذ القائم الحدودي.
ووفقاً لتقارير صحفية، بلغ عدد هؤلاء الجنود حوالي 2000 عنصر، بينهم ضباط وجنود، وتم إيواؤهم في مخيم مؤقت بمنطقة المرصنات، التي تبعد نحو 70 كيلومتراً عن قضاء الرطبة في محافظة الأنبار. ويعاني المخيم من نقص حاد في الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه، وضعف شبكات الاتصالات، مما يزيد من معاناة الجنود وصعوبة تواصلهم مع ذويهم.
موقف الحكومة العراقية
أكد المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، أن دخول الجنود السوريين تم بموافقة السلطات العراقية، مشيراً إلى أن عودتهم مرهونة بتشكيل حكومة سورية جديدة والتوصل إلى توافق معها.
وأوضح العوادي أن العراق لا ينوي منح اللجوء لهؤلاء الجنود، لكنه يعمل على ضمان سلامتهم إلى حين استقرار الأوضاع في سوريا. وأضاف أن الحكومة العراقية تسعى إلى معالجة هذه القضية بما يتماشى مع القوانين الدولية والاتفاقات الثنائية.
وذكرت تقارير صحفية، أن بغداد دخلت في مفاوضات مع السلطات في دمشق بشأن السماح للجنود بالعودة إلى بلادهم من دون مساءلة، وأضافت أن “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني تطرّق إلى قضيتهم خلال الزيارات والمحادثات التي أجراها في الأيام الماضية بشأن أزمة سوريا، وأيضاً تواصل مع الحكومة السورية الجديدة بهدف تنظيم وجدولة رجوعهم إلى بلدهم”.
ويرى واثق الجابري، الكاتب والباحث السياسي ورئيس مركز كتاب العراق، أن تعامل العراق مع عناصر النظام السوري السابقين، “يأتي ضمن إطار سياسته المتوازنة في العلاقات الإقليمية”.
وأوضح الجابري، في حديث لموقع “963+”، أن العراق تبنى نهجين في تعامله مع الحرب السورية: “الأول سياسي ديبلوماسي هدفه الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، والثاني أمني ركز على حماية الحدود العراقية السورية وتحصينها”.
وأضاف الجابري أن “عناصر قوات النظام السابق الفارين يجب أن يُعاملوا كمواطنين وليس كأطراف سياسية”، مؤكداً أن “العراق مستعد للتوسط مع الحكومة السورية الجديدة لضمان عودتهم بأمان”.
“حتى استقرار الأوضاع”
من جانبه، أشار الباحث في الشأن السياسي والصحفي العراقي علي عبد الزهرة، إلى أن “عناصر النظام السابقين الذين فروا إلى العراق سيبقون ضيوفاً إلى حين استقرار الأوضاع في سوريا”، مشدداً على أن أي عودة في الوقت الحالي “قد تعرض حياتهم للخطر”.
وأضاف الزهرة لـ”963+” أن “موقف العراق من الحرب السورية يتسم بالحذر، حيث يسعى إلى إنهاء المظاهر المسلحة وتحويل الأوضاع إلى مسار سياسي، في ظل تهديد الجماعات الإرهابية للأمن القومي العراقي”.
وكان قد دعا مجلس الأمن الدولي خلال اجتماع بشأن سوريا أمس الثلاثاء، إلى “عملية سياسية يقودها السوريون وتلبي تطلعاتهم في دولة مدنية ديموقراطية”.
وقال بيان صدر عن أعضاء مجلس الأمن بالإجماع، إن “العملية السياسية في سوريا ينبغي أن تلبي تطلعات السوريين وتحميهم أجمعين، وتمكنهم من تحديد مستقبلهم بطريقة سلمية ومستقلة وديموقراطية”، وفق ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس).
كما ناشد البيان، سوريا وجيرانها الامتناع عن أية أعمال من شأنها أن تقوّض الأمن الإقليمي”، مشدداً على “التزام أعضاء المجلس القوي بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها، ودعوة جميع الدول لاحترام ذلك”.