بروكسل
قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إن التكتل الأوروبي سيرسل ديبلوماسياً كبيراً إلى دمشق، لإجراء اتصالات مع القيادة السورية الجديدة بعد سقوط النظام السابق، لكنها حددت شروطاً لرفع العقوبات عن سوريا و”هيئة تحرير الشام”.
وجاءت هذه الخطوة بالتزامن مع استعداد فرنسا لإرسال بعثة ديبلوماسية مماثلة إلى سوريا، لإقامة اتصالات مع القيادة الجديدة، بعد قطيعة دامت 12 عاماً.
وذكرت كالاس قُبيل اجتماع وزراء خارجية التكتل الأوروبي في بروكسل اليوم الاثنين، إنّ الوزراء سيبحثون كيفية التعامل مع القيادة السورية الجديدة، فيما لفتت إلى أنّ شطب جماعات معارضة من قائمة الاتحاد الأوروبي للإرهاب، يتوقف على أفعالهم، قبل البحث في الخطوات التالية، في إشارة إلى “هيئة تحرير الشام”.
وأضافت المسؤولة الأوروبية أنّ “خطواتنا ستُحدد بناءً على أفعال النظام الجديد في سوريا خلال الأسابيع المقبلة”، مشددةً على أنّه “من المهم أن يكون هناك توافق بين القوى الإقليمية والدولية بشأن سوريا”.
من جهتها، أكدت وزيرة الخارجية السويدية ماريا مالمر ستينرجارد، على ضرورة دعم السوريين في مسعاهم من أجل الديموقراطية، بينما أكد نظيرها الهولندي كاسبر فيلدكامب، أنّه “من المبكر رفع العقوبات عن هيئة تحرير الشام”، مشدداً على أنّ ذلك يجب أن يكون “مشروطاً”.
حزمة مساعدات بريطانية للسوريين
إلى ذلك، أعلنت الخارجية البريطانية عزمها تقديم حزمة مساعدات بقيمة 63 مليون دولار، لتلبية احتياجات السوريين بعد الإطاحة بنظام الأسد.
كما ستصرف الحكومة البريطانية 50 مليون جنيه إسترليني لمساعدة السوريين “الأكثر ضعفاً في سوريا ولبنان والأردن”.
وأمس الأحد ذكر وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، أنّ بلاده تجري اتصالات ديبلوماسية مع “هيئة تحرير الشام”، في إطار السعي الدولي المشترك لانتقال سلمي للسلطة في سوريا.
وقال لامي حينها، إنّ “هيئة تحرير الشام تظل منظمة إرهابية محظورة في المملكة المتحدة، لكن يمكننا إجراء اتصالات ديبلوماسية، لذلك لدينا تلك الاتصالات وتهدف خصوصاً لضمان إنشاء حكومة تمثيلية وتأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية في سوريا”.
رفع العقوبات
وكانت كالاس قد تحدثت أمس لوكالة “رويترز”، حول أنّ رفع العقوبات الأوروبية لن يتم قبل التزام القيادة الجديد بحماية الأقليات وضمان حقوق المرأة، في إطار حكومة موحدة ترفض التطرف الديني.
وأكدت أنّ الاجتماع سيناقش اليوم، الوضع في سوريا، ما بعد نظام الأسد، لكنه لن يناقش زيادة الدعم المالي المقدم إلى سوريا، باستثناء ما يقدمه الاتحاد عبر الوكالات التابعة للأمم المتحدة.
وقالت الديبلوماسية الأوروبية إنّ “إحدى القضايا المطروحة هي ما إذا كنا نستطيع في المستقبل النظر في تعديل نظام العقوبات، لكن هذا الأمر ليس ضمن جدول الأعمال في الوقت الراهن، وإنما قد يصبح محل نقاش في وقت لاحق عندما نرى خطوات إيجابية”.
ولفتت إلى أنّ نظام العقوبات على سوريا “صارم، ويشمل تحرير الشام التي شاركت بالإطاحة بنظام الأسد مع فصائل معارضة، ما سيعقد الأمور أمام المجتمع الدولي”.
كما أشارت إلى أنّ الاتحاد هو أكبر مانح للمساعدات الإنسانية لسوريا، لافتة إلى أنّ زيادتها “لا يمكن أن يأتي في هيئة شيك على بياض، إنما بعد إجراء مناقشات”.
اجتماع العقبة “إيجابي”
وعن مشاركتها في اجتماع العقبة في الأردن، قالت كالاس إنّ حماية الأقليات في سوريا ضرورة ملحة، وتشكل أولوية كبرى في هذه المرحلة، معتبرةً “سوريا تمضي نحو مستقبل يبعث على التفاؤل لكن يصاحبه عدم اليقين”، لافتة إلى أنّ “ثمة إشارات إيجابية من القيادة السورية المؤقتة”.
كما أوضحت بأنّ هذه الإشارات يجب أن تُترجم إلى أفعال ملموسة، و”سيتم الحكم عليهم بالأفعال وليس فقط بالأقوال. لذا فإن الأسابيع والأشهر المقبلة ستظهر ما إن كانت أفعالهم تسير في الاتجاه الصحيح”.
وشددت على محاسبة رئيس النظام السوري المخلوع بشار الأسد، عن جرائمه خلال فترة حكمه الاستبدادي. ولفتت إلى أن المحكمة الجنائية الدولية قد تنظر في إمكانية محاكمة الأسد، مشددةً على أنه “من دون المحاسبة لا توجد عدالة، ومن دون العدالة من الصعب جداً بناء البلاد”.
حراك ديبلوماسي فرنسي
وإلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، أنّ بعثة ديبلوماسية فرنسية ستزور دمشق، غداً الثلاثاء، موضحاً أنّها مكونة من أربعة ديبلوماسيين، وستعمل على تحقيق ثلاثة أهداف رئيسة، تتمثل في استعادة الممتلكات الفرنسية في سوريا، وإقامة اتصالات أولية مع السلطات الجديدة، وتقييم الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسكان.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس) عن بارو قوله: إنّ الوفد سيبحث مدى تطبيق القيادة الجديدة على الأرض للتصريحات “المشجعة نسبياً”، والتي دعت إلى التهدئة وظهرت بمظهر غير متورط في انتهاكات حقوق الإنسان.
وعن مشاركته في اجتماع العقبة، قال إنّ الاجتماع أسهم في تهيئة الظروف المناسبة للحوار مع السلطات السورية الجديدة، بناءً على الالتزام بـ “احترام الأقليات، وحقوق الإنسان، وحقوق المرأة، ومكافحة الإرهاب”، مشدداً على أنه “لا يمكن قبول أي انتهاك لهذه المبادئ”.
ولفت إلى أنّ باريس ستراقب الأوضاع عن كثب خلال المرحلة المقبلة، مؤكداً أن “اليقظة ضرورية، نظراً لماضي بعض الفصائل الإسلامية المشاركة في الحكم الجديد”، مشدداً على ضرورة “إسكات السلاح واحتواء التهديدات الإرهابية التي لا تزال قائمة، والاستمرار بالسعي نحو تأسيس سلطة انتقالية تمثل جميع المكونات الدينية والطائفية في سوريا، تقود البلاد تدريجياً نحو دستور جديد وإجراء انتخابات شاملة”.