عقد قائد قيادة العمليات العسكرية السورية أحمد الشرع الملقب بأبو محمد الجولاني، مع “غرفة عمليات الجنوب” برئاسة أحمد العودة، اجتماعاً بالعاصمة دمشق، لبحث الأوضاع في البلاد بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد والتشاور لتشكيل وزارة دفاع، لكن عدم التواصل والتشاور مع فصائل “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا، أثار تساؤلات بشأن إمكانية تشكيل جيش موحد، ومستقبل العلاقة بين الطرفين.
“غرفة عمليات الجنوب” قالت في بيان أمس الأربعاء، إن “قياديين منها اجتمعوا مع الشرع في دمشق لبحث التنسيق بين الجهود العسكرية والمدنية في ظل الحكومة الجديدة كأمر بالغ الأهمية لوضع حد للاضطرابات وتقديم الخدمات للمواطنين”، مشيرةً إلى أن “النجاح في إدارة سوريا عسكرياً ومدنياً يتطلب تضافر الجهود وتعاون جميع الأطراف”.
وكشفت مصادر سورية معارضة لوسائل إعلام عربية، أن الشرع التقى أيضاً يوم الأربعاء في دمشق، وفداً من “جيش سوريا الحرة” المدعوم من الولايات المتحدة، والمنتشر في منطقة الـ55 كيلو في التنف على المثلث الحدودي السوري الأردني العراقي، في إطار المشاورات لتشكيل وزارة دفاع تضم فصائل المعارضة المسلحة.
“تحرير الشام” يطالب بحل “الجيش الوطني”
وكانت مصادر خاصة قد كشفت لموقع “963+” يوم الإثنين الماضي، أن “هيئة تحرير الشام طلبت بعد سيطرتها على العاصمة دمشق وإسقاط حكم الرئيس السوري السابق بشار الأسد، بحل فصائل الجيش الوطني المدعوم من تركيا، كخطوة نحو حل جميع الفصائل والوصول إلى جيش سوري موحد”.
الخبير العسكري والاستراتيجي العميد السوري المتقاعد محمد محمد من دمشق، يشدد على “ضرورة أن يكون هناك استشارات ومشاورات لخبراء واختصاصيين بشأن لتشكيل وزارة الدفاع، بما يسهم بتقديم المشورة، للوصول إلى جيش سوري موحد سوريا بأمس الحاجة له حالياً يضم كافة الأطياف والمكونات المجتمعية السورية ولا يقتصر على الفصائل”.
ويصرح لموقع “963+”، أن “البلاد بحاجة إلى جيش وطني ملتزم بالهوية الوطنية، والدفاع عن سوريا ككل بعيداً عن الانتماءات والأجندات الخاصة التي تتناقض مع الهوية الوطنية، ويأمل من القيادة الجديدة أن تتخذ القرارات بما يخدم مصلحة البلاد ويحافظ على الهوية الوطنية”.
وبدأت الخلافات بعد مطالبة تحرير الشام من فصائل الجيش الوطني إخلاء المواقع التي سيطرت عليها بريف حلب الشمالي”، مضيفاً أن “عملية ردع العدوان التي أطلقتها الهيئة أدت لتوسيع سيطرتها بحلب وإدلب، ما أثار غضب “الجيش الوطني” الذي اعتبرها تهديداً مباشراً لنفوذه، خاصةً بعد مطالبتها لبعض الفصائل بإخلاء مواقعها شمالي حلب، بحسب ما كشف مصدر في فصائل المعارضة لـ”963+” في وقت سابق.
عقبات أمام تشكيل جيش موحد
وإلى جانب عدم التشاور مع فصائل “الجيش الوطني” وما قد ينتج عن ذلك من تبعات وتحديات، يبرز تحد آخر يتعلق بالمخاوف بشأن نقل “الحالة الفصائلية” إلى وزارة الدفاع المزمع تشكيلها وعدم القدرة على الوصول إلى وزارة وجيش مهني يضم جميع الأطياف، وإمكانية احتوائها على قياديين وعناصر متطرفين أو متهمين بارتكاب جرائم وانتهاكات.
وخلال اتصال أجراه موقع “963+” مع أحد قياديي “الجيش الوطني السوري” لاستطلاع موقف “الجيش” بشأن عدم مشاورة “هيئة تحرير الشام” لقياداته حول تشكيل وزارة دفاع تضم جميع الفصائل وتشكيل جيش موحد، رفص إبداء أي تعليق في هذا الشأن، لكن قال إنهم “يسعون كما بقية الفصائل إلى بناء سوريا المستقبل التي تسود فيها الحرية”.
وبحسب محمد، فإن “أي شكل من أشكال الخلاف أو التناقض بين المكونات من جيش وطني أو هيئة تحرير الشام، لا يجب أن يصل إلى مرحلة الاختلاف التي تؤدي لنتائج تتعارض مع المصلحة الوطنية، فالشعب السوري اليوم أحوج ما يكون للقواسم المشتركة للوصول إلى جيش وطني قادر على حماية البلاد”.
وجاء الاجتماع بين الشرع و”غرفة عمليات الجنوب” بالتزامن مع عقد الحكومة المؤقتة برئاسة محمد البشير، اجتماعها الأول بمقر رئاسة الوزراء بدمشق بحضور رئيس الحكومة السابقة محمد غازي الجلالي ووزراء فيها، حيث جرى تسليم السلطة للحكومة الجديدة، التي كانت قيادة العمليات العسكرية قد كلفت البشير بتشكيلها بعد السيطرة على دمشق، دون التشاور مع الأطراف المعارضة الأخرى. وقالت أربعة مصادر من المعارضة وثلاثة دبلوماسيين لرويترز، إنهم يشعرون بالقلق إزاء شمول العملية حتى الآن.
وشهدت مناطق سيطرة الفصائل شمالي سوريا على مدى السنوات الماضية عمليات اقتتال متكررة فيما بينها لأسباب مختلفة أبرزها تتعلق باختلاف التوجهات والمرجعيات والولاء، ومناطق السيطرة والنفوذ، وكان آخرها شن فصيلي “العمشات” و “الحمزات” المدعومين من تركيا منتصف تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، هجوماً على مواقع فصيل “لواء الشمال” بريف حلب الشمالي، تخلل ذلك اشتباكات عنيفة ما أسفر عن قتلى وجرحى.