بيروت
أقرّ الجيش السوري بخسارته حماة، قائلاً إن وحداته قامت “بإعادة الانتشار والتموضع خارج المدينة”، فيما تحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن انسحاب أكثر من 200 آلية عسكرية للجيش السوري، باتجاه حمص، إضافة إلى انسحاب الجيش من مدينتي السلمية في ريف حماة، وتلبيسة في ريف حمص.
ونسبت وكالة الصحافة الفرنسية “فرانس برس” إلى أرون لوند، من “مركز القرن الدولي للأبحاث”، قوله إن خسارة حماة “ضربة كبيرة جداً للحكومة السورية، خصوصاً بعد هزيمتها في حلب. حاول الجيش قلب الوضع لكنه لم ينجح”، مضيفاً: “ستحاول هيئة تحرير الشام الآن التقدم نحو حمص”.
وقال القيادي في المعارضة المسلحة حسن عبد الغني عبر “تلغرام”: “حمص تترقب قدوم قواتنا”، مضيفاً في منشور منفصل “يا أهلنا الأبطال في حمص قد آن أوانكم، أعلنوها ثورة ضد الظلم والطغيان وكونوا كما عهدناكم”.
وفي حمص، بدأ السكان بالمغادرة إلى دمشق أو الساحل السوري، بحسب ما أفاد شهود وكالة “فرانس برس”.
وقال عباس (33 سنة) وهو موظف حكومي: “نشعر بالخوف والقلق أن يتكرر سيناريو حماة في حمص، ونخشى أن يتم التعامل معنا بشكل انتقامي، لا مكان نهرب إليه في حال بدأت المعارك في حمص وسنقاتل حتى الموت”.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن طائرات حربية شنت نحو 10 غارات على أطراف مدينة الرستن الشمالية في ريف حمص، وقرب الجسر الرئيسي الذي يصل حماة بحمص، بعد دخول مجموعات من المسلحين المحليين من أبناء الرستن وتلبيسة إلى كتيبة الهندسة الواقعة عند أطراف الرستن وسحب آليات عسكرية وذخائر.
وانسحبت القوات الحكومية من كتيبة الهندسة ومقارها في مستشفى الرستن على الاوتوستراد حمص -حماة، إضافة إلى النقاط في مدينة تلبيسة، ورفعت سواتر ترابية على اوتوستراد حمص-حماة المؤدي إلى مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي وعزلت مدينتي الرستن وتلبيسة عن المدينة.
تحريرها بالكامل
وكانت فصائل المعارضة قد سيطرت اليوم الخميس على مدينة حماة، رابع كبرى المدن السورية والواقعة في وسط البلاد، بعد أيام على سيطرتها على حلب في إطار هجوم مباغت، ما يضعف أكثر سلطة الرئيس بشار الأسد، وفقاً لتقدير نشرته وكالة “فرانس برس”.
فقد أطلقت فصائل معارضة، بقيادة “هيئة تحرير الشام”، هجومها قبل أكثر من أسبوع انطلاقاً من إدلب في شمال غرب سوريا، واحتفل المقاتلون بدخولهم إلى المدينة، وأطلق بعضهم النار في الهواء، وفق ما أظهرت صور لوكالة “فرانس برس”. وظهرت جثث في الشوارع.
منذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر، خلف القتال والقصف الجوي والمدفعي 826 قتيلاً، بينهم 111 مدنياً، وقال المرصد إن 222 مقاتلاً قضوا منذ الثلاثاء في محيط حماة. وأفادت الأمم المتحدة بنزوح 115 ألف شخص من مناطق القتال في أسبوع واحد.
وأعلن تحالف المعارضة في بيان عبر تلغرام “تحرير مدينة حماة بالكامل”، وقال القيادي في المعارضة المسلحة حسن عبد الغني “قواتنا دخلت سجن حماة المركزي وحررت مئات الأسرى المظلومين”.
منكوبة دائماً
وتقع حماة على بعد 210 كيلومترات شمال العاصمة السورية، وتعود أهميتها الاستراتيجية إلى موقعها بين حلب ودمشق.
وعلى غرار مدن سورية أخرى، شاركت حماة في الحراك الاحتجاجي ضد الحكومة السورية في عام 2011، والذي استحال بعد حملة قمع عنيفة حربا أهلية بمشاركة قوى أجنبية وجماعات جهادية. في ذلك الوقت، خرج مئات الآلاف من السوريين إلى شوارع حماة حيث كانت القوات الحكومية غائبة، ووصل سفراء من الولايات المتحدة وفرنسا للقاء المتظاهرين، ما أثار غضب الحكومة.
في 31 تموز/يوليو من ذلك العام، بدأت القوات الحكومية هجومًا كبيرًا على المدينة أسفر عن مقتل 139 شخصًا على الأقل وفقًا للمعارضة السورية.
قبل عقود على ذلك، في شباط/فبراير1982، شهدت المدينة حملة دموية بعد انتفاضة نفذتها جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت جينها تشكل تيار المعارضة الرئيسي للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، والد الرئيس الحالي، ونفذت عدة هجمات ضد مصالح حكومية.
في شباط/فبراير 1982، قتل أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين كوادر في حزب البعث الحاكم في حماة، ما أثار أعمالاً انتقامية وحشية اثناء هجوم عسكري لقمع الانتفاضة استخدمت فيه المدفعية والدبابات. وتقدر مصادر مختلفة عدد القتلى بين 10 آلاف و40 ألفًا في المدينة التي فرض عليها حصار محكم طوال شهر تقريبًا، وفقاً لوكالة “فرانس برس”.