حماة
تشهد مناطق شمال مدينة حماة السورية تصعيداً عسكرياً متسارعاً، مع اقتراب “هيئة تحرير الشام” وفصائل المعارضة المدعومة من تركيا من تخوم المدينة، مما يثير المخاوف من تحوّل هذا التصعيد إلى مواجهة شاملة. وتحتل بلدتا قمحانة وخطاب مكانة استراتيجية تجعل السيطرة عليهما نقطة تحول في المعارك الدائرة، بحسب ما قاله مصدر من فصائل المعارضة لموقع “963+”.
أهمية المنطقتين جعرافياً
تقع بلدتا قمحانة وخطاب شمال مدينة حماة مباشرة، وتُعتبران خط الدفاع الأول عن المدينة من جهة الشمال. تتسم المنطقة بموقع جغرافي حيوي كونها تقع تحت سفح جبل زين العابدين، الذي يشرف على الأرياف المحيطة بحماة وحمص. الجبل يكشف المناطق الريفية الممتدة، مما يمنح القوات المسيطرة عليه أفضلية تكتيكية في مراقبة التحركات العسكرية.
تبعد قمحانة نحو ثلاثة كيلومترات فقط عن الجبل، بينما تقع خطاب على مسافة أبعد قليلاً، إلا أنها تظل ذات أهمية مماثلة في تأمين خطوط الإمداد وحماية المدينة.
وبحسب المصدر، فإن “هيئة تحرير الشام” والفصائل المعارضة دفعت بتعزيزات كبيرة إلى محيط قمحانة وخطاب، بعد أن سيطرت على جبل زين العابدين.
من جهة أخرى، حشدت القوات الحكومية آلاف العناصر في المنطقة، مدعومة بالطيران الروسي، الذي شن غارات استهدفت عدة بلدات شمال حماة وفي ريف إدلب الجنوبي، ليل السبت ـ الأحد.
العملية العسكرية التي أطلقتها “هيئة تحرير الشام” تحت اسم “ردع العدوان” كانت قد شهدت تقدماً سريعاً في الأيام الماضية حيث سيطرت خلالها على مدينة حلب ثم محافظة إدلب، وأمس السبت أعلنت سيطرتها أيضاً على عدة بلدات وقرى مثل في ريف حماة، وهي: كفرنبودة، اللطامنة، ومورك، ما دفع القوات الحكومية لتعزيز دفاعاتها حول حماة.
اقرأ أيضاً: الأسد يجري اتصالات دولية وتل أبيب تنسق مع واشنطن تحسباً لانهيار الحكومة السورية
أهمية رمزية وعسكرية للمنطقة
تاريخياً، كانت قمحانة وخطاب شاهدتين على معارك في السنوات الأولى من الحرب السورية خصوصاً بين 2014 و2017، حيث فشلت الفصائل المعارضة في اختراق تحصينات القوات الحكومية.
ويُعتبر الاستيلاء على هاتين البلدتين التي تتجمع فيها حالياً قوات الحكومة، بحسب المصدر، بمثابة خطوة مفصلية تتيح لـ”هيئة تحرير الشام” وحلفائها التقدم باتجاه مدينة حماة نفسها، التي تعد واحدة من أبرز معاقل الحكومة في وسط سوريا. وإذا ما سقطت حماة، فإن الطريق نحو حمص والمناطق الجنوبية قد يكون مفتوحاً أمام المعارضة.
وتداولت مواقع إخبارية أمس السبت، أخباراً عن دخول “الهيئة” والفصائل إلى مدينة حماة، بعد تقدمها في ريفي المحافظة الشمالي والغربي، وسط انسحاب القوات الحكومية من مواقعها هناك، إلا أن الأخيرة نفت تلك الأخبار وأعلنت انتشارها بالمدينة.
وجاءت التطورات في حماة في أعقاب سيطرة المعارضة على مدينة حلب ومحافظة إدلب بالكامل، مما استدعى ردود فعل إقليمية ودولية.
وتوعّد الرئيس السوري بشار الأسد بـ”دحر الإرهابيين وداعميهم”، في أول تعليق له على تقدّم فصائل المعارضة في مدينة حلب وريفها وسيطرتها على كامل محافظة إدلب وأجزاء واسعة من ريف حماة الشمالي.
وبحث الأسد في اتصالات هاتفية مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والرئيس الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان، آخر التطورات في سوريا وملفات إقليمية أخرى، وذلك مساء أمس السبت.
وأكد السوداني أنّ أمن سوريا والعراق هو أمر مشترك بين البلدين، مشدداً على استعداد بغداد لتقديم كل الدعم اللازم لدمشق لمواجهة الإرهاب وكافة تنظيماته، مشيراً لتمسك بلاده باستقرار سوريا وسيادتها ووحدة أراضيها.
ومن جهته أكد بن زايد وقوف بلاده مع الحكومة السورية ودعمها في “محاربة الإرهاب وبسط سيادتها ووحدة أراضيها واستقرارها”.
كما أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية مساء اليوم، أنّ الوزير عباس عراقجي سيزور سوريا غداَ الأحد، ويأتي ذلك بعد سيطرة “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة سابقاً” وفصائل موالية لتركيا على معظم مدينة حلب شمال البلاد.
اقرأ أيضاً: ماذا علقت واشنطن وباريس والجامعة العربية على أحداث سوريا؟
في المقابل، أعلنت الولايات المتحدة عدم ارتباطها بهجوم المعارضة، لكنها حثت على وقف التصعيد.
من جانبها، أكدت فرنسا ضرورة حماية المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني، فيما أصدرت جامعة الدول العربية بيانًا يدعو إلى الحفاظ على سيادة الأراضي السورية ومنع الفوضى.