وأطلقت “هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة سابقاً” رفقة فصائل معارضة ، عملية عسكرية تحت اسم “ردع العدوان” على محورين الأول بريف حلب الغربي والثاني بريف إدلب الشرقي ضد القوات الحكومية السورية وفصائل موالية لإيران.
وأعلنت فصائل المعارضة السورية، ضمن “إدارة العمليات العسكرية”، اليوم الجمعة، عن دخولها إلى مدينة حلب بعد تقدم كبير في ريفي حلب وإدلب، وتزامن ذلك مع قصف من القوات الحكومية السورية والروسية، بالطائرات الحربية، استهدف مناطق في إدلب.
وذكرت “هيئة تحرير الشام” وفصائل مدعومة من تركيا، بأنها سيطرت على أكثر من 70 نقطة وقرية منذ انطلاق العملية العسكرية ضد قوات الحكومة السورية يوم الأربعاء الماضي.
وفي تطور موازٍ، شهدت مدينة حلب اليوم الجمعة سقوط قذائف صاروخية استهدفت أحياء سكنية في منطقة حلب الجديدة والوحدة 15 بالسكن الجامعي في حي الفرقان، ما أسفر عن سقوط أربعة قتلى بينهم طالبان جامعيان من محافظة درعا.
وتشارك في هذه العملية العسكرية، عدة فصائل أبرزها “الهيئة” المنضوية ضمن غرفة عمليات “الفتح المبين” التي تضم تشكيلات عسكرية مختلفة، إلى جانب “الجبهة الوطنية للتحرير” و”جيش العزة”، و”القوة المشتركة”.
ويعد هذا التقدم هو الأول من نوعه منذ آذار/مارس 2020، عندما اتفقت سوريا وروسيا وتركيا، على وقفٍ لإطلاق النار أدى إلى إنهاء المواجهات العسكرية في شمال غربي البلاد. وقد سبقه تحركات وتحشيدات عسكرية مكثفة لـ “هيئة تحرير الشام”، في أرياف حلب واللاذقية وحماة وإدلب.
اقرأ أيضاً: هل ينسف “الجيش الوطني” و “تحرير الشام” اتفاقات وقف النار شمالي سوريا؟
مصلحة إسرائيلية أميركية
في تصريحات خاصة لموقع 963+، يرى المحلل السياسي أحمد الدرزي، المقيم في دمشق، أن “هناك مصلحة أميركية إسرائيلية من ما يحصل بشمال غرب سوريا، ويستشهد بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، واتهامه الأسد بأنه يلعب بالنار”، موضحاً أن “الولايات المتحدة وإسرائيل تريد من ذلك أن تفرض على دمشق قطع سلسلة إمداد السلاح باتجاه جنوب لبنان إلى حزب الله”.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد حذّر في خطاب مصور، الرئيس السوري، بشار الأسد، من “اللعب بالنار”، متوعداً بمواصلة العمليات العسكرية حتى تحقيق النصر، مشيراً إلى إيران وسوريا كأهداف محتملة، وحينها خرجت تكهنات باحتمال تنفيذ إسرائيل هجوماً عسكرياً في سوريا بعد انتهاء عملياتها في لبنان.
مصلحة تركية
ويقول الدرزي إن “هناك مصلحة تركية متداخلة مع الجانب الإسرائيلي والأميركي للضغط على الأسد للقبول بالتطبيع وفق الشروط التركية والدفع بدمشق للتموضع مع أنقرة في مواجهة قوات سوريا الديموقراطية (قسد) بشمال شرقي البلاد، في المرحلة القادمة”. كما لم يستبعد المحلل السياسي، شنِّ هجومٍ عسكري على شمال حلب في منطقة الشهباء وتل رفعت للقضاء على التواجد العسكري لقوات سوريا الديموقراطية هناك.
وكان مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديموقراطية، فرهاد شامي، قد صرح لوسائل إعلام محلية، أن “قسد” تتابع عن كثب التطورات والمعارك في مدينة حلب، وأن قواتها ستتحرك بحسب التطورات وعند الحاجة، مشيراً إلى أن هدفها هو حماية الأرض والشعب، على حدّ تعبّيره.
وبحسب الدرزي أيضاً، فإن مصلحة تركيا تكمن في أن المناطق التي يمكن أن تسيطر عليها “الهيئة” وحلفائها، قد تسمح بإعادة اللاجئين السوريين إليها من الأراضي التركية.
من جهته، يرى المحلل السياسي والمعارض السوري، حسام نجار المقيم في بولندا في حديث خاص لـ +963 أن “الدور التركي واضح و جلي و هناك توافق دولي على هذا الأمر، ويشير لاحتمالية حل يلوح بالأفق للضغط على كل الأطراف للجلوس على طاولة المفاوضات من باب امتلاك أوراق ضغط والعمل على تسوية القضية السورية بشكل تبقى إدارة المناطق لمن يسيطر عليها وتشكيل الدستور بناء على هذا الأمر”.
وتعليقاً على ما يقال أن هناك صفقة تركية سورية روسية للقضاء على “هيئة تحرير الشام” بجرها لحرب والقضاء عليها فيما بعد وعودة إدلب للحكومة السورية، مقابل بقاء القوات التركية في أماكن تواجدها في الوقت الراهن، يعقب نجار قائلاً: “إنهاء الهيئة هو أمر مستبعد الآن فقد كانت الفرصة مهيأة سابقاً بشكل أكبر و لم يقم أحد بهذا الأمر، لأن الجولاني هو الأداة التي يستخدمها الجميع و تخدم أغراضهم”.
اقرأ أيضاً: تصعيد عسكري في شمال سوريا: قراءات متباينة للأبعاد والخلفيات
“الموقف الروسي سياسياً وعسكرياً يحتاج لبعض الوقت”
وفي قراءة أخرى للمشهد، يستبعد الدرزي، أن يكون هناك تنسيق روسي كما يشاع في هذه العملية، فيقول:” الروس تعرضوا للاستهداف وهناك قتلى في صفوفهم، وهذه العملية تهديد أيضاً لقاعدة حميميم الروسية، كما أن فصائل المعارضة تضم إرهابيين من أوزباكستان والشيشان والقوقاز والإيغور، وهؤلاء جزء من تهديد الأمن القومي لروسيا والصين”.
ويضيف المحلل السياسي، بأن التدخل الروسي محدود بسبب الفعالية المحدودة لقواتها في سوريا بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، حيث لا تتواجد سوى 4 طائرات SU 24 في مطار حميميم، منوهاً إلى أن “الموقف الروسي عسكرياً وسياسياً يحتاج لبعض الوقت”.
ويتابع، أن “تركيا تريد بهذه العملية أن ترسل برسالة لروسيا بأنها لا تزال تمتلك الكثير من الأوراق في سوريا لتغيير الوضع القائم لصالحها، خاصة بعد أن رفضت موسكو أي عملية عسكرية تركية في سوريا، ووصفت تركيا على لسان مبعوثها الخاص لسوريا، ألكسندر لافرنتييف، بأنها دولة احتلال”.
بينما السياسي المعارض المقيم في بولندا، فيُرجع التدخل الروسي الخجول في هذه العملية، لأسباب عديدة أهمها انشغال موسكو بالحرب الأوكرانية و ثانيها التحرك الخاطف والسريع لفصائل المعارضة وسرعة السيطرة على المناطق، فيضيف: “من المعلوم أن الروس هم للطيران فقط بينما الفصائل الإيرانية وحزب الله هي التي تقاتل على الأرض”.
ويعتقد نجار، أن “استدعاء الرئيس السوري، بشار الأسد، لروسيا في هذا التوقيت، هو لإيصال الروس الرسائل الإسرائيلية له والتأكيد عليه بالابتعاد عن إيران وحزب الله واطلاعه على خطة التسوية أو مسودة التسوية في سوريا المزمع تنفيذها”.
وكانت وسائل إعلام سورية وروسية، قد تحدثت عن زيارة مفاجئة وغير معلنة للأسد، إلى موسكو، للقاء نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، لبحث الأوضاع في شمال غربي سوريا.
اقرأ أيضاً: هل صلاحية النفوذ الإيراني في سوريا انتهت؟
واستبعد الدرزي إقامة أي تحالفٍ في الوقت الراهن بين القوات الحكومية “وقسد” لصد هجمات “الهيئة” وحلفائها. وقال في هذا الصدد إن “دمشق تراهن الآن على القدرات النوعية، وليس من المستبعد أن تعتمد على قوى عراقية ولبنانية”
مظاهرات حاشدة ضد “هيئة تحرير الشام” بريفي حلب وإدلب
يشار إلى أن التطورات الميدانية المتسارعة على جبهات حلب وإدلب، جاءت بعد خروج احتجاجات شعبية بريفي إدلب وحلب، ضد “هيئة تحرير الشام” ومتزعمها أبو محمد الجولاني، حيث طالب المحتجون على مدى أشهر بإسقاط الهيئة ومتزعمها، وحل الأجهزة الأمنية التابعة لها، والإفراج عن المحتجزين في سجونها.