حلب
تشهد مدن وبلدات في ريف محافظتي حلب وإدلب شمالي سوريا موجة نزوح كبيرة، مع استمرار التصعيد العسكري المكثف الذي بدأ قبل يومين، بين “هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة سابقاً” وفصائل “الجيش الوطني”، من جهة والقوات الحكومية السورية من جهة أخرى، حيث تتعرض المناطق السكنية لقصف جوي ومدفعي من الطيران الروسي والسوري في إدلب، إضافة إلى اشتداد المعارك بين القوات الحكومية والفصائل المسلحة في حلب.
وتركز النزوح في ريف حلب الغربي وشرق إدلب، حيث دفعت المعارك العنيفة وتبادل القصف آلاف المدنيين إلى الفرار نحو مناطق أكثر أمناً.
ووفقاً لتقديرات ميدانية، نزح نحو 14 ألف شخص خلال يومين، في ظل استمرار القتال بمحيط إدلب وريف حلب الغربي.
وأعلنت “إدارة العمليات العسكرية”، اليوم الجمعة، دخولها إلى مدينة حلب بعد تقدم كبير في ريفي حلب وإدلب، جراء عملية عسكرية أطلقتها قبل يومين تحت اسم “ردع العدوان”، وتزامن ذلك مع قصف من القوات الحكومية السورية والروسية، بالطائرات الحربية، استهدف مناطق في إدلب.
اقرأ أيضاً: فصائل المعارضة تدخل حلب والقوات الحكومية تقصف إدلب
بحث عن الآمان
قال جميل شلو، من مدينة الأتارب، لموقع “963+”: “نزحنا بسبب القصف المدفعي والجوي الذي استهدف المدينة منذ بداية العملية العسكرية”.
وأضاف: “وصلت برفقة أسرتي المكونة من ستة أفراد إلى مخيم النور قرب قرية إشكان بريف جنديرس، دون أن نحمل أي احتياجات أساسية، وسط ظروف اقتصادية صعبة”.
وتسببت إطلاق عملية “ردع العدوان” في نزوح آلاف العائلات من القرى والبلدات والمدن المتاخمة لخطوط التماس بين فصائل المعارضة والقوات الحكومية وحلفاؤها خشية التعرض للقصف المدفعي والجوي.
وتوجهت قوافل النازحين عشية إطلاق المعركة العسكرية إلى المناطق الأكثر أمناً والتي لا يطالها الاستهداف البري والجوي من القوات الحكومية وحلفاؤها، لا سيما مخيمات أطمة وباب الهوى في ريف إدلب، وجنديرس وعفرين في ريف حلب الشمالي حسب ما أفاد مصدر محلي لـ “963+”.
ولا تقتصر عمليات النزوح على العوائل المنحدرة من المناطق التي كانت تخضع لفصائل المعارضة أساساً في ريف حلب الغربي وإنما طالت عوائل نازحة من القرى والبلدات المحيطة في مدينة حلب منذ عام 2020.
اقرأ أيضاً: روسيا وإيران تحذران من تصعيد التوتر في سوريا – 963+
نزوح متكرر
إذا كان جميل قد نزح للمرة الأولى، فقد واجه حسان قدور (47 عاماً)، نزوحاً للمرة الثانية. وتحدث قدور لـ “963+” عن نزوحه الجديد قائلاً: “نزحت من قريتي بشنطرة إلى دارة عزة، ثم اضطررت للانتقال مع عائلتي إلى مخيم النور قرب جنديرس خوفاً من القصف. لم نتمكن من حمل احتياجاتنا، رغم انخفاض درجات الحرارة”.
وساهمت منظمات محلية في تسهيل حركة النزوح وإجلاء المدنيين، حيث تم تأمين مراكز إيواء في مناطق متعددة مثل جنديرس وعفرين، فيما تمكنت بعض العائلات الميسورة اقتصادياً من استئجار منازل في مناطق أكثر أمناً.
وتصاعد القصف الجوي والمدفعي خلال اليومين الماضيين، واستهدفت الطائرات الروسية والسورية مدينة الأتارب ودارة عزة بريف حلب.
ووفق منظمة الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء”، راح ضحية قصف الأتارب “16 مدنياً بينهم خمسة أطفال وامرأتان، فيما أسفرت قصف دارة عزة عن مقتل أربعة مدنيين وإصابة 21 آخرين، بينهم سبعة أطفال”.
وفي ظل استمرار العمليات العسكرية في شمال سوريا، تتزايد معاناة المدنيين النازحين وسط ظروف إنسانية صعبة، مع غياب الحلول السياسية التي يمكن أن توقف نزيف الدم وتهدئ الأوضاع في المنطقة.