أطلقت فصائل المعارضة المسلحة و”هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة سابقاً” أمس الأربعاء عملية عسكرية ضد القوات الحكومية السورية وفصائل موالية لإيران بريفي حلب وإدلب شمال غربي البلاد، وسيطرت على عشرات القرى والبلدات، ما أثار تساؤلات بشأن جدوى اتفاقات وقف إطلاق النار الموقعة هناك برعاية تركية روسية.
وسيطرت “هيئة تحرير الشام” وفصائل المعارضة خلال الساعات القليلة الماضية على 36 قرية وبلدة في ريفي حلب الغربي وإدلب الشرقي، وأصبحت على بعد 5 كيلومترات من مدينة حلب، كما اقتربت بشكل كبير من الطريق الدولي حلب – اللاذقية “M4″، وبدأت عملية عسكرية أخرى على محاور ريف إدلب الجنوبي الشرقي، بحسب ما أكد مصدر محلي لموقع “963+”.
وتشارك في العمليات العسكرية إلى جانب “هيئة تحرير الشام” حركتا “نور الدين الزنكي” و “أحرار الشام” الإسلاميتان، وفصائل من “الجيش الوطني السوري” الموالي لتركيا أبرزها “الجبهة الشامية ولواء الصقور وجيش العزة وجيش المجد والقوة المشتركة (فصيلا العمشات والحمزات) وحركة التحرير والبناء”، وفق ما أفاد مصدر مقرب من فصائل المعارضة لـ”963+”.
التطورات العسكرية المتسارعة والتقدم السريع لفصائل المعارضة و “تحرير الشام” لاسيما في ريف حلب الغربي، وسيطرتها على “الفوج46” أبرز مواقع القوات الحكومية، سلطت الضوء على هشاشة الأوضاع الأمنية في المنطقة، وقدرة الأطراف الضامنة (روسيا وتركيا) لاتفاقات وقف إطلاق النار و “خفض التصعيد” الموقعة على ضمان تطبيقها، ومدى التزام الأطراف المتصارعة بذلك.
اقرأ أيضاً: الصراع شمال غرب سوريا.. تصعيد روسي ومصالح تركية
هل تواصل الفصائل هجومها وصولاً إلى حلب؟
القيادي في حركة “نور الدين الزنكي” عبد السلام عبد الرزاق، قال في تصريحات لموقع “963+”، إن “استمرارية المعركة مرتبطة بالتطورات القتالية وتحقيق الأهداف في ردع النظام السوري وإبعاده عن المناطق التي يعتدي عليها يومياً، وتحرير مناطق جديدة وإعادة أهلها النازحين إليها”.
وبشأن إمكانية سيطرة “هيئة تحرير الشام” وفصائل المعارضة على مدينة حلب، أشار عبد الرزاق إلى أن “ذلك يرتبط بالظروف العسكرية والقتالية على أرض الميدان، ولا يمكن التنبؤ به”، موضحاً أن عدد قتلى القوات الحكومية بلغ منذ بدء العملية العسكرية أمس الأربعاء نحو 50 قتيلاً بينهم 15 ضابطاً، إضافةً لأسر 20 آخرين.
وطرحت التطورات الأخيرة تساؤلات بشأن إمكانية تغير خارطة السيطرة في شمال غربي سوريا، بشكل يرتبط بتطورات إقليمية ودولية ومسارات سياسية معينة، لاسيما أنها تأتي بعد أسابيع على الاجتماع الـ22 من “مسار أستانا” بشأن سوريا الذي ترعاه الأطراف الضامنة (روسيا وتركيا وإيران)، رغم تعهد هذه الأطراف في البيان الختامي للاجتماع بـ”الحفاظ على التهدئة ووقف إطلاق النار في سوريا”.
اقرأ أيضاً: آمال أنقرة وتعنّت دمشق.. تركيا تلوّح بورقة الجيش الوطني
العملية العسكرية “ورقة ضغط تركية ضد إيران”
العميد المتقاعد أحمد رحّال، اعتبر أن “تركيا مستفيدة من العملية العسكرية التي أطلقتها الفصائل وهيئة تحرير الشام، على اعتبار أن ذلك يدفع روسيا وإيران للتفاوض معها لوقف التصعيد وبالتالي الحصول على مكاسب وتقوية الموقف التركي”، وقال في تصريحات لموقع “963+” إن “العمليات ستجبر النظام السوري على تغيير موقفه من الدعوات التركية للتطبيع، رغم معارضة أنقرة لتلك العمليات”.
وأضاف، أن “المناطق التي تم الهجوم عليها في ريف حلب الغربي، هي مناطق سيطرة للفصائل الموالية لإيران و”حزب الله” اللبناني ولا يتواجد فيها أي عنصر روسي، كما أن تواجد قوات النظام فيها لا يتجاوز عشرة في المئة، ما يطرح سؤال بشأن التغاضي عن العملية العسكرية من جانب تركيا وأطراف أخرى من أجل استخدامها كورقة ضغط ضد إيران، خاصةً في ظل حديث عن محاولات أميركية للدفع باتجاه بدء هجوم ضد ميليشيات إيران”.
وكان سيرغي فارابيوف، المحاضر في جامعة موسكو الروسية، قد قال قبل أيام في تصريحات لموقع “963+”، إن “الوضع في إدلب ليس في قائمة الأولويات في الأجندة الروسية في الوقت الحالي في ظل الانشغال بجبهات أخرى”، فيما قال الكاتب السياسي السوري المعارض درويش خليفة في تصريحات سابقة لـ”963+” إن “موسكو غضت الطرف عن ملف إدلب محاباةً لتركيا، مقابل حصولها على امتيازات استراتيجية تمثلت بتسهيل مرور صادراتها عبر البحر الأسوط”.
اقرأ أيضاً: هل ترغب تركيا حقاً في الإطاحة بالجولاني كما تروج دمشق؟
وكانت مصادر من فصائل المعارضة قد كشفت قبل أيام لموقع “963+”، تسريبات عن اجتماع عقد بين الاستخبارات التركية وممثلين عن “هيئة تحرير الشام” وفصيل “الجبهة الوطنية للتحرير” في تركيا، لبحث تنفيذ عملية عسكرية ضد القوات الحكومية والفصائل الموالية لإيران شمال غربي سوريا وتغيير خارطة السيطرة هناك.
وقالت المصادر، إن “ممثلا الجبهة الوطنية للتحرير التي تضم عدة فصائل أبرزها فيلق الشام وجيشا النخبة والنصر، وهيئة تحرير الشام أبديا استعداد فصيليهما لشن عملية عسكرية واسعة شمال غربي البلاد، وطالب بتقديم دعم عسكري للفصيل وإمداده بالأسلحة والذخائر قبل البدء بالعملية”.
كما تم الاتفاق خلال الاجتماع، على أن “تتولى تركيا مهمة التنسيق مع روسيا بشأن القيام بعملية عسكرية في المنطقة، نظراً للعلاقات المباشرة بين الجانبين ورعايتهما سابقاً للعديد من اتفاقيات التهدئة وخفض التصعيد، بما يخدم مصالح الطرفين ويحافظ على مستوى النفوذ المتفق عليه لكل جانب”.
وبحسب العميد رحّال، فإنه “في ظل الحديث عن حصول هيئة تحرير الشام على أسلحة غربية، فإنه يمكن التحدث عن التقاء مصالح بين الهيئة وكل من الولايات المتحدة وإسرائيل، على إنهاء حزب الله وطرد إيران من سوريا”، مشيراً إلى أن “هناك حديث عن اختلاف بين قيادات “الفتح المبين” المشاركة بالعملية بشأن إعلان وقفها أو التقدم نحو مدينة حلب”.
يأتي ذلك، في وقت استقدمت فصائل “فاطميون” و”لواء القدس” الموالية لإيران تعزيزات عسكرية اليوم الخميس، ضمت أسلحة وذخائر ومئات العناصر من جنسيات مختلفة من العراق إلى محافظة دير الزور شرقي سوريا، تمهيداً لإرسالها إلى جبهات القتال في ريف حلب الغربي، بحسب ما كشف مصدر مقرب من الفصائل الموالية لإيران لموقع “963+”.
يشار، إلى أن ياسين أقطاي، النائب السابق للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كان قد أطلق مطلع العام الماضي، دعوة طالب فيها بـ”سيطرة تركيا على أجزاء من مدينة حلب السورية من أجل إعادة اللاجئين السوريين إليها” وقال إنه “في حال حدوث ذلك سيتم إعادة مليوني لاجئ إلى المدينة”.