خاص – درعا
يعد معبر نصيب-جابر الحدودي مع الأردن شرياناً اقتصادياً حيوياً لسوريا، خاصةً لمحافظة درعا الجنوبية، التي يعتمد سكانها بشكل كبير على الزراعة والتجارة. ومنذ إعادة فتحه عام 2021، حقق المعبر إيرادات متصاعدة وصلت هذا العام إلى 1000 مليار ليرة سورية، وفقاً لصحيفة “الوطن” المقربة من الحكومة، مقارنة بـ620 مليار ليرة فقط في عام 2023.
ورغم أن هذه الأرقام تعكس زيادة في حركة التجارة والتصدير، إلا أن الأثر الاقتصادي على أهالي درعا كان متبايناً، حيث استفادت فئة محدودة من المزارعين والتجار، في حين تضرر معظم السكان من ارتفاع الأسعار وانخفاض توفر المنتجات الزراعية في السوق المحلية.
التصدير يضغط على الأسواق المحلية
التصدير عبر معبر نصيب، الذي يتضمن منتجات مثل الحمضيات، الخضروات، زيت الزيتون، والرمان، أدى إلى نقص واضح في كميات بعض المحاصيل داخل الأسواق المحلية.
حمد حوراني، من سكان مدينة نوى، في درعا، أوضح لـ”963+” أن “الأسعار ارتفعت بشكل كبير مع انخفاض الكميات المتوفرة”، مشيراً إلى قفزة في سعر تنكة الزيت من 800 ألف ليرة إلى مليون ليرة سورية، وسعر كيلو الرمان من 4 آلاف إلى 11 ألف ليرة”.
وأرجع حوراني، السبب إلى أن “التجار يفضلون شراء الزيت مباشرة من المعاصر بغرض تصديره، ما قلل من الكميات المخزنة التي كانت تغطي احتياجات السوق المحلية”.
وبينما استفاد بعض المزارعين من ارتفاع الطلب على منتجاتهم للتصدير، فإن الغالبية تأثرت سلباً بارتفاع تكاليف الإنتاج.
محمد الجاسم، مزارع من بلدة طفس، أكد لـ”963+” أن “الزراعة المحلية تعاني من غلاء أسعار الأسمدة والمبيدات والمحروقات”، مشيراً إلى أن الاعتماد على السوق المحلية فقط كان سيتسبب بخسائر أكبر.
وأوضح أن التصدير يقتصر على محاصيل محددة مثل البندورة والرمان وزيت الزيتون، فيما تراجعت إنتاجية بعض المحاصيل الأخرى بسبب أمراض زراعية أثرت على جودة وكمية الإنتاج.
تحديات النقل وارتفاع التكاليف
التسهيلات التي حصلت عليها الشاحنات السورية من الجانب الأردني، مثل تقليص مدة الانتظار من 15 يوماً إلى يومين فقط وتمديد ساعات العمل في المعبر، ساعدت في زيادة التصدير، لكنها لم تحل المشكلات بالكامل.
الشاحنات السورية لا تزال مضطرة لتفريغ حمولاتها في شاحنات أردنية عند الحدود، ما يرفع تكاليف النقل بنسبة 30%، وفقاً لتصريحات صالح كيشور، رئيس اتحاد شركات شحن البضائع الدولية.
وأضاف: “هذه التكاليف الإضافية تنعكس مباشرة على أسعار المنتجات المصدرة، مما يزيد من الضغوط الاقتصادية على المزارعين والمستهلكين المحليين”.
ورغم زيادة الإيرادات الناتجة عن حركة الشحن اليومية التي تتراوح بين 150 و200 شاحنة، يرى سكان درعا أن هذه المكاسب لم تنعكس إيجابياً على معيشتهم.
الصحفي حليم محمد من ريف درعا، أوضح لـ”963+” أن “الحكومة تضخم أرقام الإيرادات كنوع من الدعاية”، معتبراً أن زيادة 280 مليار ليرة سورية عن العام الماضي “ليست كافية لتحسين الواقع الاقتصادي بشكل ملموس”.
وأشار إلى أن التحسن في التصدير أدى إلى رفع أسعار السلع الزراعية الأساسية محلياً، “مما فاقم معاناة الأهالي الذين يعتمدون على هذه المنتجات في غذائهم اليومي”.
ومع ذلك، يرى البعض أن استمرار التصدير قد يشجع المنتجين على توسيع أنشطتهم الزراعية مستقبلاً، بشرط حل مشكلات التكاليف المرتفعة وضمان استقرار الإنتاج.
وبينما يحتفي المسؤولون بتحقيق إيرادات غير مسبوقة في معبر نصيب، يظل التأثير على أهالي درعا محط جدل. فالتصدير الذي يسهم في دعم خزينة الدولة ألقى بظلاله على الأسواق المحلية، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل يفوق قدرة الكثير من السكان.
أهمية المعبر
وكان الجانبان السوري والأردني قد أعلنا، الشهر الماضي، عن توسيع وتأهيل المرافق الموجودة، في معبر “نصيب- جابر” الفاصل بين البلدين، وحل المشكلات التي تتعلق بالطاقة الاستيعابية للساحة الموجودة في نصيب، قياسًا بعدد الشاحنات المحملة بالبضائع.
وأعلنت الصحيفة أن تنفيذ أعمال الترميم والصيانة في المعبر اقتربت إلى 60% من إجمالي الأعمال المقرر تنفيذها.
وقبل اندلاع النزاع في آذار/مارس 2011، شكّل معبر نصيب الواقع في محافظة درعا منفذاً تجارياً حيوياً بين سوريا والأردن. وكان يُستخدم كذلك لنقل الصادرات من لبنان براً إلى الأسواق العربية.
ومع اقتراب المعارك بين القوات الحكومية والفصائل المعارضة منه، أغلقت الأردن المعبر من جهتها مطلع نيسان/أبريل 2015 قبل أن تسيطر الفصائل المعارضة عليه. وتمكنت قوات الحكومة السورية في تموز/يوليو من السيطرة على المعبر وعلى كامل حدودها مع الأردن، بموجب اتفاق أبرمته روسيا بين طرفي النزاع، وأعقب هجوماً شنته القوات الحكومية على المنطقة الجنوبية، سيطرت بموجبه على كامل محافظتي درعا والقنيطرة.
وفي 29 أيلول/ سبتمبر 2021، أعادت السلطات الأردنية فتح مركز جابر/نصيب الحدودي مع سوريا أمام المسافرين وحركة الشحن بعد حوالى شهرين من إغلاقه بسبب المعارك التي جرت في جنوبي سوريا بين القوات الحكومية وفصائل معارضة.