بعد انتهاء العمليات العسكرية في سوريا مع سقوط النظام المخلوع والتي امتدت لأكثر من 14 عاماً، ما تزال الذخائر ومخلفات الحرب غير المنفجرة والمنتشرة بكثرة بين المنازل والأحياء السكنية في أنحاء البلاد تشكل هاجساً وتهديداً مباشراً لحياة ملايين المدنيين.
وقبل أيام فقط، وقع انفجار ضخم في مدينة اللاذقية على الساحل السوري ناجم عن صاروخ من مخلفات الحرب كان يتواجد داخل مخزن للخردة المعدنية بالطابق الأرضي من مبنى مؤلف من أربعة طوابق، ما أدى لانهيار المبنى ومقتل وإصابة 34 شخصاً بينهم نساء وأطفال.
وكانت قد أعلنت الأمم المتحدة في شباط/فبراير الماضي، أنه منذ الإطاحة بالنظام المخلوع تم تحديد 138 منطقة ملغمة في إدلب وحلب وحماة ودير الزور واللاذقية، والتخلص من 1400 جهاز غير منفجر بمختلف المناطق السورية.
الخطر الأكبر
قال محمد سامي المحمد، منسق برنامج إزالة مخلفات الحرب في الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، إن كافة المناطق السورية ملوثة بمخلفات الحرب، ولكن أكثرها تلوثاً التي شهدت معارك واشتباكات وعمليات قصف.
وتختلف النسب من محافظة إلى أخرى حيث تتوزع على أرياف اللاذقية وحماة وإدلب وحلب والرقة وحمص ومدينة دير الزور وريفها وبعض أحياء دمشق وريفها ودرعا والحسكة.
وأضاف المحمد في تصريحات بالعدد الرابع لصحيفة “963+”: “منذ 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 وحتى كانون الثاني/ يناير المنصرم، نفذ الدفاع المدني السوري 744 عملية تطهير لمخلفات الحرب تم خلالها التخلص من 1236 ذخيرة غير منفجرة، بالإضافة إلى تحديد 136 حقل ألغام ونقاط لوجود الألغام بما فيها المضادة للدبابات وأخرى للأفراد في إدلب وحلب وحماة ودير الزور واللاذقية”.
وبالتوازي مع هذه الأعمال، قدمت الفرق 357 جلسة تدريب عملي للسكان قبل عودتهم إلى المناطق التي نزحوا منها، وحددت فرق المسح 176 منطقة خطرة مؤكدة. وأشار المحمد إلى مقتل 57 مدنياً بينهم 8 أطفال وامرأة، وإصابة 100 مدنياً بينهم 36 طفلاً بجروح منها بليغة، في انفجارات مخلفات حرب وألغام بعدة محافظات، وذلك خلال الفترة الممتدة بين 27 نوفمبر 2024 إلى 17 فبراير 2025، مؤكداً أن فرق الدفاع المدني لا تقوم بإزالة الألغام حتى الآن وينحصر عملها فقط بإزالة الذخائر غير المنفجرة من مخلفات القصف.
وبدأت فرق الذخائر غير المنفجرة (UXO) التابعة للدفاع المدني بحسب منسق البرنامج عملها بإزالة مخلفات الحرب عام 2016، حيث قامت إلى الآن بالتخلص من أكثر من 25 ألف ذخيرة متنوعة ضمن ظروف عمل صعبة للغاية أدت لسقوط 4 قتلى من الدفاع المدني السوري.
والخطر الأكبر الناتج عن انتشار الألغام والذخائر غير المنفجرة هو الخسائر البشرية والإصابات التي تؤدي إلى فقدان الأطراف وترك عاهات دائمة، كما يعيق انتشار المخلفات عودة السكان إلى مدنهم وقراهم، ويقوض المشاريع التنموية وإعادة الإعمار ويعمق فجوة الاحتياجات الإنسانية، إلى جانب حرمان مجموعات سكانية بأكملها من المياه والأراضي الزراعية، وخلق حالة من القلق والخوف لدى المجتمعات المحلية ما يدفعهم للتنقل إلى مناطق أكثر أمناً ما يؤدي إلى حالات نزوح داخلية.
خطط وأولويات
أكد العميد المتقاعد رزق الخوالدة الباحث العسكري والاستراتيجي في حديثه للعدد الرابع لصحيفة “963+”، على أهمية وضع أولويات عمل للمناطق الأكثر خطورة التي تؤثر على أمن وحياة الأهالي بحيث يتم معالجتها بالدرجة الأولى من خلال التواصل مع كافة شرائح المجتمع السوري والعسكريين من النظام المخلوع للحصول على خريطة تتضمن تحديد حقول الألغام وانتشارها.
يضاف إلى ذلك، تنفيذ خطط وطنية للتعامل مع الأسلحة ومخلفات الحرب المنتشرة بين أيدي المواطنين وفتح باب التعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والأمم المتحدة من أجل تنفيذ برامج تعاونية في هذا المجال وتقديم المساعدة في إزالة حقول الألغام والألغام الفردية مع إعطاء خطة توعوية.
من جهته، تحدث علي الصالح أحد سكان جبل الزاوية بريف إدلب عن مخاوف سكان شمال غربي سوريا التي شهدت معارك وعمليات قصف عنيفة خلال السنوات الماضية من التحرك أو العمل بالأراضي الزراعية على وجه الخصوص نتيجة انتشار الألغام ومخلفات الحرب التي أودت بحياة ابن عمه أثناء قيامه بفلاحة أرضه كما تعرض شقيقه لإصابة خطيرة. ويقول: “لا نعلم أين تتواجد الألغام والذخائر، الدليل الوحيد للمعرفة هو انفجارها بأحدهم كما هناك الكثير من الأشخاص الذين يعملون على جمعها وبيعها كخردة مما يشكل خطراً على المنطقة بأكملها”.
نشرت هذه المادة في العدد الرابع من صحيفة “963+” الأسبوعية والصادرة يوم الجمعة 28 آذار/مارس 2025.
لتحميل كامل العدد الرابع من الصحيفة النقر هنا: الصحيفة – 963+