أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، أمس السبت، أن أنقرة تفضل معالجة القضايا العالقة مع دمشق من خلال الحوار الديبلوماسي وفي إطار منظم، نافياً وجود نية لتغيير “النظام” في سوريا، ولا حتى شرط اتفاق الرئيس السوري بشار الأسد مع المعارضة السورية.
تصريحات فيدان جاءت وسط مؤشرات على جمود مسار التطبيع بين البلدين، معرباً عن أن الجانب السوري “يبدو غير مستعد في هذه المرحلة لمناقشة بعض القضايا المهمة”.
عدم جاهزية دمشق للتطبيع
وفي حديثه السبت، أشار فيدان إلى أن “هناك أطرافاً تروّج لفكرة اشتراط تركيا على الرئيس السوري بشار الأسد التوصل إلى اتفاق مع المعارضة السورية”. لكنه شدد على أن هذا “ليس شرطاً تركياً، وإن كان حل المشكلة عملياً يمر عبر خطوات مشابهة”.
وأضاف فيدان أن الأولويات الإيرانية في سوريا لا تشمل تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، كما أن روسيا تركز حالياً على الحفاظ على وقف إطلاق النار، ولا ترى تهديداً كبيراً يتطلب تغييراً في جدول أعمالها.
وفي سياق متصل، اعتبر الباحث والمحلل السياسي التركي جواد جوك، في حديث لموقع “963+” أن “الحكومة السورية ترى المعارضة إرهابية، وليسوا معارضة سياسية. وبالتالي، فإن أي حكومة لا تتفاوض مع الإرهابيين بشكل مباشر”.
وتحدث فيدان عن التهديد المتزايد داخل سوريا، وأرجعه إلى عدم اتخاذ خطوات جادة في قضايا مكافحة الإرهاب واللاجئين. وقال: “قد يتحول هذا التهديد إلى تكلفة متزايدة مع مرور الوقت إذا لم تُتخذ الإجراءات المناسبة”.
اقرأ أيضاً: فيدان: أنقرة تضع الخطوط العريضة لاجتماع مرتقب مع القيادة السورية – 963+
وحول هذه النقطة، يرى المحلل السياسي، أن “قضية اللاجئين لن تُحل إلا من خلال المفاوضات المباشرة مع دمشق”. وأشار إلى أن “تركيا بدأت تنازلات عديدة، إذ لم تعد تشترط إسقاط نظام الأسد، وأصبح استقرار دمشق يصب في صالحها”.
وأشاد فيدان بدور محادثات أستانا في تحقيق وقف إطلاق النار بين الأطراف المتصارعة، لكنه أكد الحاجة إلى تطوير آلية أفضل. كما لفت إلى التعاون المعقد بين إيران وسوريا، مع تعرض الأخيرة لضغوط إسرائيلية شديدة.
وفي تعليق على مستقبل العلاقات بين البلدين، قال جوك: “وحدة الأراضي السورية باتت أولوية تركية. تأخر التوصل إلى حلول ليس في صالح أنقرة، ومع الوقت ستقبل تركيا بالانسحاب من المناطق السورية، وستسعى لإعادة العلاقات إلى سابق عهدها”.
تصاعد الجمود في مسار التطبيع
تأتي هذه التطورات بعد تصريحات فيدان التي نشرتها صحيفة “حريت” التركية، وأكد فيها أن دمشق غير مستعدة للتوصل إلى اتفاق مع المعارضة السورية أو تطبيع العلاقات مع أنقرة. وأوضح أن بلاده ترغب في رؤية إطار سياسي يجمع النظام والمعارضة في بيئة خالية من الصراع.
وقال حينها، إن “تركيا تريد أن ترى حكومة بشار الأسد تنشئ إطاراً سياسياً مع المعارضة يمكنهما الاتفاق عليه في بيئة خالية من الصراع، ومن المهم أن توفر الحكومة بيئة آمنة ومستقرة لشعبها، إلى جانب المعارضة”.
اقرأ أيضاً: فيدان يكشف أهم نقاط تركيا للتطبيع مع الحكومة السورية – 963+
وكان مسار التطبيع بين أنقرة ودمشق قد شهد انتكاسة منذ اللقاء الرباعي في موسكو أيار/ مايو الماضي، الذي اتُفق خلاله على خارطة طريق لإعادة العلاقات. لكن المفاوضات توقفت بسبب خلافات، أبرزها مسألة انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية.
وفي هذا السياق، قال جوك: “القرار ليس أميركياً أو روسيا أو إيرانياً، بقدر ما هو مرتبط بالتقارب المباشر بين دمشق وأنقرة، وهو ما قد يدفع الطرفين نحو تسويات شاملة تشمل اللاجئين والمعارضة المسلحة في إدلب، لأن كل تأخر ليس في صالح تركيا”.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال قبل أسبوع، إنّه متفائل بشأن لقاء نظيره السوري بشار الأسد. وأضاف: “لا يزال لدي أمل في أن نتمكن من الاجتماع معا، ونأمل وضع العلاقات السورية التركية على المسار الصحيح”.
وأضاف: “لقد مددنا أيدينا إلى الجانب السوري فيما يتعلق بالتطبيع، ونعتقد أن هذا التطبيع سيفتح الباب أمام السلام والهدوء في الأراضي السورية”، مشيراً إلى أنّ بلاده لا تهدد سلامة الأراضي السورية، والسوريون لا يهددون وحدة أرضهم أيضا.