يواصل المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكشتاين، تحركاته المكثفة لبحث فرص التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حزب الله”، بموجب مقترح أميركي يقضي بانسحاب الحزب من المناطق الحدودية وانتشار الجيش اللبناني هناك، وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، وسط تفاؤل بقرب التوصل لاتفاق.
ووصل هوكشتاين مساء أمس الأربعاء، إلى إسرائيل قادماً من العاصمة اللبنانية بيروت بعد أن أجرى فيها محادثات مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري بشأن بعض البنود الخلافية في المقترح الأميركي، وقال للصحفيين في أعقاب الاجتماع إن “المباحثات كانت إيجابية للغاية”، وذلك بعد حديثه الثلاثاء عن “إحراز تقدم بشأن إنتاج صياغة جيدة لنص الاتفاق المزمع”.
وسبق زيارة المبعوث الأميركي إلى لبنان وإسرائيل، غارات إسرائيلية مكثفة على الضاحية الجنوبية لبيروت، واغتيال إسرائيل مسؤول العلاقات الإعلامية في “حزب الله” محمد عفيف، الذي أصبح مؤخراً الناطق الرسمي باسم الحزب، عبر غارة على مقر قيادة “حزب البعث” اللبناني في رأس النبع في قلب بيروت، ما فهم على أنه رسالة ضغط إسرائيلية قبيل محادثات هوكشتاين مع المسؤولين اللبنانيين.
شكوك بإمكانية التوصل لاتفاق بين إسرائيل وحزب الله
ورغم تصريحات هوكشتاين، عن أن “هناك فرصة كبيرة للوصول إلى اتفاق لوقف النار، والسعي لتضييق الهوة بين إسرائيل وحزب الله” وأجواء التفاؤل التي تسود بين الأوساط اللبنانية، إلا أن هناك شكوك بإمكانية التوصل لاتفاق، في ظل تقارير إسرائيلية عن إصرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على مواصلة الحرب حتى “القضاء على قدرات حزب الله”، ومطالبة وزيري الدفاع يسرائيل كاتس، والخارجية جدعون ساعر، بـ”حرية مهاجمة الحزب في إطار أي اتفاق يتم التوصل إليه”.
ويتساءل المحلل السياسي اللبناني سعد كيوان خلال تصريحات لموقع “963+”، عن “إمكانية تقديم هوكشتاين أجوبة للنقاط الخلافية بشأن نقاط ترسيم الحدود وطلب إسرائيل الدخول إلى لبنان في حال حصول خرق للاتفاق من قبل حزب الله، ولجنة المراقبة الدولية ومشاركة ألمانيا وبريطانيا فيها، التي بقيت عالقة والتي وصفها بري بـ”بعض التفاصيل ويمكن تجاوزها” وذلك رغم أن الأجواء في إسرائيل كانت تميل إلى الإيجابية بشأن التوصل لاتفاق”.
الاتفاق المزمع يتضمن نزع سلاح حزب الله
ويذهب أغلب المحللين إلى أن “الهوة الواسعة بين إسرائيل و”حزب الله” بشأن عدة ملفات خاصةً المتعلقة بنزع سلاح الحزب وحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، تعكّر صفو الأجواء الإيجابية والتفاؤلية التي يحاول هوكشتاين إشاعتها خلال المفاوضات، في ظل إصرار تل أبيب على انسحاب عناصر الحزب إلى شمال نهر الليطاني ونزع سلاحه الثقيل، والتشكيك بإمكانية استجابة الحزب لمثل هذه المطالب”.
اقرأ أيضاً: إعلام إسرائيلي يكشف مسودة اتفاق مع لبنان
ووسط إصرار الجانب اللبناني على “وجوب أن تكون جميع بنود أي اتفاق محتمل منبثقة عن القرار الأممي 1701، وعدم إدخال أي نص جديد على القرار، تبقى هناك العديد من النقاط الخلافية بين الجانبين أبرزها خطة انتشار الجيش اللبناني في الجنوب، وأماكن انتشاره وارتباط ذلك بأمور عسكرية ولوجستية، وقدرته على تقليص نفوذ “حزب الله” هناك”، خاصةً أن المقترح الأميركي الأخير للاتفاق يتضمن عبارة “تدمير” سلاح الحزب.
إلى جانب ذلك، فإن عمل قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان “اليونيفل”، ومدى توسيعه ليبدو وكأنها تعمل وفق البند السابع، يمثل أحد أبرز النقاط التي يطالب الجانب اللبناني بتوضيحها، إلى جانب البند المتعلق بلجنة المراقبة الدولية وما هو عملها، كما تتحدث وسائل إعلام لبنانية، عن “إصرار حزب الله على احتفاظ لبنان بالسلطة الحصرية لجهود إعادة الإعمار، بما يضمن للحزب إتاحة الفرصة لإيران لتمرير الأموال له تحت غطاء الإعمار”.
انسحاب “حزب الله” إلى شمال الليطاني
ويرى كيوان، أن “حزب الله سيتراجع إلى شمال نهر الليطاني في حال تم الاتفاق، لأنه بحسب ما رشح من الخطاب الأخير لأمينه العام نعيم قاسم يبدو منهك سياسياً وعسكرياً، كما أنه خسر العديد من قياداته السياسية والعسكرية” معتبراً أن “تراجعه شمالاً والإبقاء على سلاحه سيخلق مشكلة داخلية بعد أن أصبح دولة داخل لبنان الذي أصبح عاجزاً وانهارت جميع مؤسساته وبات أسيراً لقرارات الحزب الذي يعمل خارج الدستور واتفاق الطائف”.
“البديل الوحيد هو تسليم حزب الله لسلاحه للدولة اللبنانية، وبخلاف ذلك فإن استعماله لسلاحه ضد اللبنانيين سيؤدي إلى انفجار داخلي خطير”، بحسب كيوان، الذي قال إنه “في حال التوصل لاتفاق بعد استلام دونالد ترامب مهامه رسمياً كرئيس للولايات المتحدة، فهل سيكون على حساب حزب الله، أم أنه يفتح النار ضد إيران”.
على الجانب الآخر، ورغم وصف القناة الـ13 الإسرائيلية، المؤشرات القادمة من لبنان بـ”الجيدة”، إلا أن وسائل إعلام كشفت عن “مطالبات في الأوساط الأمنية والعسكرية بضرورة بقاء الجيش في جنوب لبنان لـ60 يوماً بعد إنجاز أي اتفاق، لضمان تفكيك البنى التحتية لحزب الله”.
دور الحكومة السورية بأي اتفاق بين إسرائيل ولبنان
وتتحدث وسائل إعلام إسرائيلية، عن نقطة أخرى ضمن أي اتفاق محتمل، تتعلق “بضمان وقف نقل الأسلحة عبر الأراضي السورية إلى حزب الله”، ما يقود إلى الحديث عن دور للحكومة السورية في الاتفاق، ومدى إمكانية التزامها ببنوده المتعلقة بوقف مرور الأسلحة للحزب عبر أراضيها.
اقرأ أيضاً: تحالفات جديدة في سوريا.. جيفري يتحدث عن اهتمام بالأسد
ويرى المحلل السياسي في صحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية زفي بارئيل، أن “رفض روسيا الانخراط المباشر في ملف منع مرور الأسلحة عبر سوريا إلى حزب الله، يجعل التعاون مع الرئيس السوري بشار الأسد محوراً أساسياً لإنجاح أي ترتيبات أمنية مستقبلية ويجعله في موقع “الشريك” القادر على تسهيل أو عرقلة أي اتفاق”.
لكن المحلل السياسي السوري من دمشق مصطفى رستم، يعتبر أن “مناقشة الجبهة السورية لا يمكن أن يكون ضمن تسوية معلنة، وإن تم الحديث عن مثل هذا الملف فسيكون عبر قنوات التواصل الدولية والإقليمية مع سوريا، وليس ضمن ورقة مفاوضات تخص لبنان”.
ويقول في تصريحات لموقع “963+”، إن “أي حديث عن هكذا نقطة يجب أن يمر عبر قنوات الدولة السورية وليس بموجب اتفاق مع حزب الله أو غيره، وفي حال التوصل لمثل هكذا اتفاق فإن سوريا ستقبل بذلك وفق ضوابط تحفظ جسم المقاومة، وتأخذ مكتسبات معينة في ملفها”.
ويشير المحلل السوري إلى أن “طرح الملف كورقة مباشرة في أي مفاوضات غير ممكن، لأن المفاوضات أساساً ليست مع سوريا ولا تعنيها بالشكل الورقي، بل في البعد السياسي والجوسياسي لإحاطتها بلبنان برياً ولدورها كجسر عبور للمقاومة”، فيما يعتبر بارئيل أن “الأسد قد يجد في أي اتفاق محتمل فرصة لتعزيز مكانته الإقليمية والدولية، خاصةً مع وجود إدارة أميركية قد تكون أكثر ميولاً لعقد صفقات كبرى”.