الحسكة
يعاني سكان محافظة الحسكة السورية شمال شرقي البلاد، من أزمة حادة بمياه الشرب، نتيجة تواجد محطة علوك المصدر الوحيد للمياه التي يعتمد عليها سكان المدينة والأرياف المحيطة بها، في الأراضي التي تسيطر عليها تركيا، والتي تكرر قطع المياه عنها.
وتعد محطة مياه علوك، المصدر الرئيسي لنقل المياه بالصهاريج للمخيمات التي تضم عشرات الآلاف من النازحين داخلياً من عدة محافظات سورية.
ولجأ سكان الحسكة إلى حفر آبار سطحية، مياهها مالحة وغير صالحة للشرب في المدينة والضواحي بشكل عشوائي، مما تسببت بأضرار في البنى التحتية وانخفاض بمنسوب المياه الجوفية، فيما اعتمد آخرون على مياه الصهاريج المتنقلة، ما أدى إلى انتشار أمراض هضمية وحالات تسمم.
مياه الفرات وصلت إلى الحسكة.. هل ستغني محطة العزيزية عن علوك؟
وفي تموز/يوليو الماضي، أدخلت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا محطة مياه العزيزية، حيّز الخدمة، حيث تصل مياهها إلى أحياء العزيزية والصالحية والطلائع، أمّا سكان المناطق الأخرى في الحسكة فيعتمدون على مياه الصهاريج.
وتبلغ كلفة تعبئة الخزان المنزلي (5 براميل) 35 ألف ليرة سورية (أي ما يعادل نحو دولارين أميركيين)، وفق ما أفادت ميديا حسن لموقع “963+”، وهي ربة منزل من سكان حي الكلاسة في الحسكة.
وتقول حسن لموقع “+963” إنّ الاستهدافات التركية الأخيرة على الحسكة، فاقمت أزمة المياه، فضلاً عن انقطاع الكهرباء وشح المحروقات مع دخول فصل الشتاء.
وفي وقت سابق اليوم الثلاثاء، نشرت شبكة “بي بي سي” الإخبارية، تقريراً عن الأضرار التي تسببت بها الغارات الجوية التركية على عدة مناطق شمال شرقي سوريا. وورد في التقرير أنّ “قصف القوات التركية على شمال شرق سوريا المنكوب بالجفاف قطع وصول الكهرباء والمياه لأكثر من مليون شخص، في ما يقول خبراء إنه قد يشكل انتهاكاً للقانون الدولي”.
ونفذت القوات التركية أكثر من 100 هجوم بين تشرين الأول/أكتوبر 2019 وكانون الثاني/يناير 2024، على حقول النفط ومنشآت الغاز والطاقة في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
وكانت المياه شحيحة، لكن الهجمات على البنية التحتية للكهرباء في أكتوبر العام الماضي، أدت إلى انقطاع التيار الكهربائي عن محطة مياه علوك الرئيسية في المنطقة، ولم تعمل منذ ذلك الحين.
وقالت تركيا إنها استهدفت “مصادر دخل وقدرات” الجماعات الانفصالية الكردية التي تعتبرها إرهابية. وقالت إنه من المعروف أن هناك جفافاً في المنطقة، مضيفةً أنّ سوء إدارة المياه وإهمال البنية التحتية هو ما أدى إلى تفاقم الوضع.
وكانت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، قد اتهمت تركيا في مناسبات سابقة، بالسعي إلى “تدمير وجود شعب المنطقة”.
كارثة!
وكان أكثر من مليون شخص في محافظة الحسكة يحصلون على مياههم من محطة علوك، وأصبحوا يعتمدون الآن على صهاريج المياه المضخوخة من مناطق تبعد حوالى 20 كيلومتراً.
وتصل مئات صهاريج المياه يومياً إلى المنطقة، حيث تعطي مديرية المياه في الحسكة الأولوية للمدارس والمستشفيات والأشخاص الأكثر احتياجاً لها. لكن هذه الصهاريج ليست كافية للجميع.
وبحسب “بي بي سي” فإنّها “شاهدت في مدينة الحسكة، السكان وهم ينتظرون وصول صهاريج المياه، ويتوسلون السائقين للحصول على الماء”.
ونقلت عن سائق صهريج ينقل المياه قوله: “المياه هنا أغلى من الذهب. الناس بحاجة إلى المزيد من المياه. كل ما يريدونه هو أن تعطيهم الماء”.
وتعرضت محطات تحويل الكهرباء بين أكتوبر 2023 ويناير 2024، في كل من عامودا والقامشلي والدرباسية للقصف، بالإضافة إلى محطة الطاقة الرئيسية في المنطقة السويدية في محافظة الحسكة.
استهداف محطة السويدية
وقالت “بي بي سي” إنّها تأكدت من حدوث الأضرار، باستخدام صور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو لشهود العيان والتقارير الإخبارية، وزيارات للمواقع.
وتقول الأمم المتحدة إنّ القوات التركية نفذت الضربات في السويدية وعامودا والقامشلي، بينما تؤكد الإدارة الذاتية أنّ تركيا كانت وراء الهجوم في الدرباسية.
دورية أميركية تتفقد أضرار القصف التركي على منشأة نفطية بالحسكة
ومن جهتها، تقول تركيا إنها كانت تستهدف “مصادر دخل وقدرات حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب، ولم يكن المدنيون أو البنية التحتية المدنية من بين أهدافنا ولم يكونوا كذلك يوماً”.
وكان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان قد قال في أكتوبر العام الماضي، إنّ جميع “البنية التحتية والبنية الفوقية ومرافق الطاقة التابعة لحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب، خاصة في العراق وسوريا، كانت أهدافاً مشروعة للقوات العسكرية وقوات الأمن ووحدات الاستخبارات”.