خاص – سلطان الإبراهيم
كثفت إسرائيل من هجماتها خلال الفترة الأخيرة على عدة مناطق في ريف حمص وسط سوريا مستهدفةً بالدرجة الأولى مدينة القصير ومحيطها التي تحولت إلى أبرز معاقل “حزب الله” اللبناني في البلاد منذ عام 2013، ما يطرح تساؤلات حول طبيعة الأهداف التي يتم قصفها، ومستقبل التصعيد الإسرائيلي في المنطقة في ظل التقارير عن استمرار الحزب باستخدامها كساحة للنفوذ وطريق لنقل الأسلحة.
وتتمتع مدينة القصير في ريف حمص الغربي، بموقع استراتيجي هام على طريق حمص – بعلبك (شمال لبنان) الدولي، وتبعد عن الحدود اللبنانية 15 كيلومتراً، ومنحها أهمية مضاعفة ربطها منطقة البقاع اللبنانية بمحافظة حمص عبر معبر جوسية الحدودي، الذي تعرض أيضاً لقصف إسرائيلي في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
مواقع عسكرية وجسور
وشن الطيران الحربي الإسرائيلي مساء أمس الأربعاء، عدة غارات على مواقع عسكرية مشتركة بين “الفرقة الرابعة” في القوات الحكومية السورية و”حزب الله” اللبناني، في كل من ربلة والضبعة وحواجز الخشب ووجه الحجر والمشتل والعدرا ومحيط حاجز جسر الجوبانية بريف مدينة القصير، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، بحسب ما أفاد مصدر عسكري سوري لموقع “963+”.
القصف الإسرائيلي طال أيضاً جسور العاصي والدف وعرجون والموح وبيت خضر، التي تربط الأراضي السورية مع لبنان، في تكثيف واضح وغير مسبوق للقصف ضد الجسور والطرق في المنطقة التي شهدت في أوقات سابقة غارات على معابر حدودية وشاحنات، قالت إسرائيل إن “حزب الله” يستخدمها في نقل الأسلحة.
وفي 31 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قتل 10 أشخاص على الأقل بينهم مدنيون، جراء غارات إسرائيلية على مدينة القصير ومناطق في ريفها، استهدفت بحسب مواقع إخبارية سورية مستودعات أسلحة لـ”حزب الله”، وقال الجيش الإسرائيلي حينها في بيان، إن “طائرات حربية تابعة لسلاح الجو، وبتوجيه من هيئة الاستخبارات العسكرية، استهدفت مستودعات أسلحة ومقرات قيادة تستخدمها “قوة الرضوان” ووحدة التسليح التابعتين لحزب الله في منطقة القصير السورية”.
وسبق ذلك في 28 أكتوبر، مقتل 3 أشخاص بينهم لبناني، وإصابة 7 آخرين، إثر غارة إسرائيلية استهدفت معبر مطربا الحدودي مع لبنان في ريف القصير، ما أدى أيضاً إلى خروجه عن الخدمة، وذلك بعد أقل من أسبوع على غارة إسرائيلية على معبر جوسيه المجاور، ما أسفر عن مقتل 4 عناصر من “الأمن العسكري” التابع للقوات الحكومية وخروج المعبر عن الخدمة، ليضاف إلى أكثر من 30 هجوماً إسرائيلياً على المناطق الحدودية والمعابر الواصلة بين سوريا ولبنان.
وكانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، قد أفادت في تقرير أمس الأربعاء، أنه تم تسجيل 29 غارة جوية إسرائيلية على الأقل استهدفت الريف الجنوبي لمحافظة حمص، وما لا يقل عن 18 غارة على نقاط العبور الحدودية بين لبنان وسوريا، مشيرةً إلى أن أغلب الغارات استهدفت منطقة القصير وريفها.
معقل أساسي لـ”حزب الله”
ومنذ استعادة القوات الحكومية بمساعدة “حزب الله” السيطرة على المدينة وريفها من فصائل المعارضة المسلحة في حزيران/ يونيو 2013، تؤكد تقارير أنها تحولت إلى معقل أساسي للحزب وطريق إمداد رئيسية للأسلحة القادمة من إيران، وأثار وضع الحزب في عام 2019، شروطاً للسماح لسكانها بالعودة إليها موجة استياء واسعة بين السوريين، على اعتبار أن الإعلان يؤكد سيطرته المطلقة عليها ويلغي أي دور للحكومة في المنطقة.
للمرة الثانية خلال أيام.. إسرائيل تستهدف السيدة زينب جنوب دمشق
وأثار انتشار أخبار على مواقع التواصل الاجتماعي لم يتم التأكد من صحتها، عن مقتل عبد الكريم نصر الله، والد الأمين العام الراحل لـ”حزب الله” حسن نصر الله في غارة إسرائيلية على موقع سري في مدينة القصير، في أعقاب زيارة مبعوث المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي له، موجةً من التساؤلات وحالة من الاستياء بشأن تحويل “حزب الله” المدينة بالفعل إلى معقل أساسي، وصحة التقارير عن سعيه لجعلها مكاناً موازياً لضاحية لبنان الجنوبية في سوريا.
حزام ناري وقطع خطوط الإمداد
ودعم هذه الروايات الانتشار الكبير للحزب في المنطقة، ومقتل قادة بارزين له هناك، آخرهم سليم عياش المحكوم بخمس عقوبات سجن مدى الحياة بتهم تتعلق بالإرهاب، ومدان بجريمة مقتل رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري في تفجير بيروت عام 2005، إلى جانب التقارير عن توجه مئات العوائل من الحزب إلى المنطقة، وإسكانهم في منازل أبناء المنطقة النازحين إلى مناطق أخرى، منذ اندلاع الحرب في لبنان.
وكان المدير التنفيذي للمركز العربي للأبحاث والدراسات والمتخصص في الشأن الإيراني هاني سليمان، قد قال في تصريحات لموقع “963+” في وقت سابق، إن “إسرائيل لن تحاول فقط تصفير وقطع خطوط الإمداد بين إيران وحزب الله عبر قصف المعابر وطرق الإمداد، بل ستواصل تحييد وتقويض قدرات الفصائل الموالية لإيران بالأراضي السورية”.
ويرى محللون، أن إسرائيل تعمل على إنشاء حزام ناري على الحدود السورية اللبنانية بدءاً من الجنوب الغربي في ريف القنيطرة وصولاً إلى الغرب في ريف حمص، حيث يقول الجيش الإسرائيلي إن “حزب الله” يستخدم المعابر الحدودية لنقل الصواريخ إلى لبنان، وذلك بعد أن كان قد أعلن في أكتوبر الماضي، أن المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان أصبحت ضمن الأهداف الإسرائيلية.
لكن الضربات الإسرائيلية الأخيرة في القصير التي استهدفت مواقع لـ”الفرقة الرابعة” إلى جانب مواقع “حزب الله” يضع القوات الحكومية أمام معطيات جديدة بحسب مراقبين، تتمثل في أنها أصبحت ضمن بنك الأهداف الإسرائيلية بشكل علني في حال استمرار الحزب باستخدام المنطقة كساحة نفوذ ونقل الأسلحة من خلالها إلى المعابر الحدودية غربي حمص.