خاص – إسطنبول
وسط المشهد المعقد للصراع في سوريا والتقلبات في السياسة الدولية حيالها، تظل التساؤلات قائمة حول موقف الولايات المتحدة الأميركية وتحديداً سياسات إدارة دونالد ترامب، الفائز بالانتخابات الرئاسية في الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، لا سيما أنه سبق وأمر بسحب قواته من مناطق سورية عام 2019 قُبيل إقصائه انتخابياً عن السلطة، قبل التراجع عن قراره لاحقاً وإعادة التموضع مرة أخرى تحت ضغط مستشاريه.
وفي حوار خاص أجراه موقع ”963+“ مع رئيس “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية”، هادي البحرة، نستعرض رؤيته حول فرص تبدل هذه السياسات وانعكاساتها المحتملة على الوضع السوري فضلاً عن التحديات التي تواجه المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية وحلفائها، شمال وغرب وشرق البلاد، في ظل التغييرات الإقليمية والدولية.
لا تغيير في السياسة الأميركية
يرى البحرة، أنه على المدى القصير وفي ظل الواقع العسكري القائم على الأرض في المنطقة بما فيها سوريا، لن يكون هناك تبدل في السياسات الأميركية المتبعة في المجالات السياسية والديبلوماسية، أو الاقتصادية والقانونية، بل على الأرجح ستشهد تشدداً في تنفيذها، كما ستشهد المنطقة سياسات أكثر حزماً نحو الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام احتمالات متعددة، منها يمكن أن يؤدي لخلق فرص لتفعيل العملية السياسية الخاصة بسوريا، ومنها قد يؤدي إلى منح الحكومة السورية فرصة للمقايضة على النفوذ الإيراني مما سيضعها في مواجهة إيران ولكنها ستخضعها في نفس الوقت لاستحقاقات أمام الولايات المتحدة والدول العربية التي قد تمنحها فترة أطول في السلطة، لكن ذلك يبقى مرهوناً بقدرتها على تنفيذها، ولن يؤدي لحل سياسي شامل وقابل للاستدامة يخرج سوريا من معاناتها.
اجتماع جديد لـ”مسار أستانا” حول سوريا.. هل يسفر عن صفقات جديدة؟
أما عن تقليص الوجود العسكري أو إنهائه في الأراضي السورية، قال البحرة لـ“963+”: إنه “لن يكون هناك انسحابات للقوات الأميركية من شمال شرقي سوريا دون التوصل لتفاهمات سياسية مسبقة بين الولايات المتحدة وتركيا، أو بين الولايات المتحدة وروسيا، كما ستستمر إدارة الرئيس المنتخب ترامب في رفض التطبيع مع النظام السوري أو رفع العقوبات عنه، إلى جانب عدم السماح ببدء أعمال إعادة الإعمار قبل تحقيق تقدم غير قابل للرجوع في العملية السياسية على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254 بشأن سوريا”.
ترامب أمام أزمات متعددة
يقول رئيس “الائتلاف لقوى الثورة والمعارضة”، إن الواقع الذي ستواجهه الإدارة الأميركية الجديدة التي سيترأسها ترامب بعد استلام مهامه أواخر كانون الثاني/ يناير المقبل سيكون صعباً، لأنه أمام أزمات عالمية متعددة تعمقت وتوسعت خلال مرحلة الرئيس جو بايدن بسبب السياسات الخاطئة التي اتبعتها إدارته، حيث تفرعت تلك الأزمات وباتت أكثر تعقيداً وتشابكاً مع بعضها البعض دولياً وإقليمياً، كما أن تلك السياسات الخاطئة أضعفت من هيبة الدولة الأميركية وأدت إلى اصطفافات وتحالفات جديدة ولدتها ذات السياسات اتجاه الأزمات وتعقيداتها ولا يوجد وصفة سحرية سريعة لحلها ولا يمكن للولايات المتحدة حلها منفردة، بل يقتضي الانخراط الدولي مع الأطراف الأساسية في ذات النزاعات والصراعات، وسترتب حل الكثير من هذه الأزمات في آن واحد بسبب تشابكها أو تشابك الدول المؤثرة فيها.
مذكرة تفاهم بين منصتي “القاهرة” و “موسكو”.. توافق أم اصطفافات جديدة؟
غزة ولبنان أولوية
ويضيف رئيس “الائتلاف السوري”، أن الملف السوري بحد ذاته لن يكون ذو أولوية عند ترامب، لكنه دون شك متشابك مع جزء من ملفات دولية وإقليمية أخرى ذات أولوية لدى إدارة الأخير، ويوضح، أن الأولوية لدى إدارة ترامب ستكون التوصل لحل بخصوص غزة، لكن هذا غير ممكن دون التعامل مع أزمة توسع النفوذ الإيراني في المنطقة، مما سيعطي التعامل مع الملف الإيراني أسبقية متزامنة مع ملف غزة، وللحد من النفوذ الإيراني يتطلب التعاطي مع ملفات دول كل من، لبنان وسوريا واليمن والعراق، لتحقيق اتفاقية المرحلة الأولى في غزة والتي تشمل وفق ما أعلن ”وقف إطلاق النار ونزع سلاح حماس وتبادل المعتقلين والرهائن وترتيبات الحوكمة في غزة“ وذلك تمهيداً لبدء مفاوضات فلسطينية وعربية مع إسرائيل لإيجاد حل شامل للقضية الفلسطينية.
ملفات معقدة وصفقات وتسويات
ويلفت البحرة إلى أن ذلك غير ممكن دون تعاون روسي وصيني وأوروبي “وبالتالي هو غير وارد أيضاً دون التوصل لتوافقات روسية أميركية بخصوص الحرب في أوكرانيا”، وفق قوله.
وفي نهاية الحوار الذي أجراه موقع “963+” قال المعارض السوري: “يجب أن لا يغيب عن البال ما الذي يمكن أن يحدث من تغيرات وتطورات عسكرية خلال فترة “البطة العرجاء”، أي المدة الممتدة من الآن حتى العشرين من كانون الثاني/ يناير، وهو موعد تسليم الحكم للرئيس المنتخب دونالد ترامب، والتي قد تغير الواقع على الأرض مما قد يؤدي إلى فرض تعقيدات إضافية عند بدء مرحلة الصفقات والتسويات السياسية بعد تسلم الإدارة الجديدة “نوايا ورغبات الدول شيء والواقع الذي يتوجب التعامل معه شيء آخر“، بحسب تعبير البحرة.