خاص – دمشق
بعبارة “أعوذ بالله” يجيب أحمد (اسم مستعار)، مدرس اللغة العربية على سؤالنا إن كان موظفاً بمدرسة حكومية في حي كفرسوسة بالعاصمة السورية دمشق.
يعمل أحمد في مدرستين وفق نظام الساعات هما مدرسة عباد الرحمن الشرعية والصبا الخاصة، بالإضافة للدروس الخاصة في منازل الطلاب، وبذلك يؤمن تكاليف الطعام والشراب والملبس لعائلته، وفق ما يروي لموقع “963+”.
يجري أحمد مقارنة بسيطة ليوضح سبب نقص المعلمين في المدارس الحكومية، حيث يتدنى مستوى الطلاب بشكل كبير ويرتفع عددهم في الصف الدراسي إلى 40 طالباً فيما لا يزيد العدد عن 20 في المدارس الخاصة، المجهزة بمستلزمات العملية التعليمية من تدفئة وقرطاسية والتي تفتقد بالمدارس الحكومية.
يتقاضى المعلم في المدارس الحكومية 5 آلاف ليرة سورية (نحو 0.33 دولار أميركي) عن كل حصة تعليمة بينما يرتفع الأجر بالمدارس الشرعية إلى 16 ألفاً (حوالي 1 دولار) وفي المدارس الخاصة يصل لـ10 أضعاف ويبدأ من 50 ألفاً في حين ترتفع الأجور في المعاهد الخاصة إلى أكثر 75 ألف ليرة سورية، بحسب أحمد.
نقص المعلمين في المدارس الحكومية، دفع إداراتها لتعويضهم بخريجين جدد وطلاب جامعيين، الذين لا يجدون لهم مكاناً في المدارس الخاصة.
يقول بشار، وهو خريج قسم الكيمياء في كلية العلوم، إنه “اتجه منذ تخرجه قبل عامين لإعطاء الدروس الخصوصية حيث يدرس مواد الكيمياء والفيزياء لطلاب الثانوية العامة والرياضيات لباقي المراحل الدراسية في عدة مناطق بريف دمشق”.
يؤكد بشار الذي يقيم بمنطقة صحنايا جنوبي دمشق، أن “تراجع مستوى الطلاب الكبير أشعل سوق الدروس الخصوصية، كما أن عزوف عشرات المدرسين عن التعليم واختيارهم الهجرة أو الانتقال لمهن أخرى أوجد له فرصة جيدة للدخول في سلك التعليم”، ويقول: “لا أحد حرجاً من زيارة منازل الطلاب أو استقبالهم في بيتي، وأقدم دروس أون لاين لاستقطاب أكبر عدد من الطلاب”.
المعلمة اعتماد، مدرسة اللغة الإنجليزية في مدينة داريا جنوب غربي دمشق، تعتبر أن “جزءاً من مهنتها يجب أن يكون إنسانيا”، حيث قررت بعد الحصول على وظيفة دائمة في إحدى مدارس المدينة المتابعة فيها رغم تدني الأجور.
توضح اعتماد أنه في حال تركت التعليم بالمدرسة الحكومية فإن حوالي 400 طالب سوف يحرمون من دروس اللغة الإنجليزية لعام كامل على أقل تقدير في ظل عدم رغبة المعلمين في الالتحاق بالمدارس الحكومية.
وكان مدير تربية ريف دمشق عبد الحليم اليوسف، قد أكد في وقت سابق وجود نقص في الكوادر التعلمية في جميع المحافظات وليس فقط في ريف دمشق، وقال إنه “يتم تعبئة المدارس بتكليف عدد من طلاب الجامعة أو الخريجين بدلاً من المعلمين الأساسيين، بحسب الاختصاص المطلوب، موضحاً أن قلة الأجور هي أحد أسباب عزوف المعلمين عن الالتحاق بالمدارس الحكومية.
ومطلع العام الدراسي الحالي أعلنت الحكومة السورية عودة أكثر من 3 ملايين و700 ألف تلميذ وطالب إلى مدارسهم، موزعين على نحو 15 ألف مدرسة في مختلف المحافظات.
وبلغ العدد الكلي للطلاب 3708694 منهم 1864199 إناث و1844495 ذكوراً، ومن العدد الإجمالي هناك 3372829 في التعليم الحكومي والباقي في التعليم الخاص، بحسب وزارة التربية.
الأطفال السوريون بالأردن.. 50 ألفاً هائمون بعيداً عن مقاعد الدراسة
وأدت الحرب المستمرة في سوريا منذ أكثر من 13 عاماً، إلى أضرار كبيرة في البنى التحتية الأساسية والمؤسسات الخدمية والتعليمية ودمار بعضها بشكل كامل، إلى جانب هجرة الكثير من الكفاءات الطبية والتعليمية وغيرها إلى خارج البلاد، في ظل الحرب والأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تعيشها البلاد.
وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير صدر العام الماضي، إن مدرسة واحدة من كل 3 مدارس في سوريا دمرت أو استخدمت لأغراض عسكرية، كما يوجد 2،4 مليون طفل على الأقل من أصل 6،1 مليون طفل في سن الدراسة خارج المدارس.