خاص – سلطان الإبراهيم/ الحسكة
كشفت الخارجية الكازاخية عن موعد الاجتماع الـ22 من “مسار أستانا” حول سوريا، في ظل تطورات تشهدها الساحة السورية أبرزها التصعيد العسكري من قبل القوات الحكومية وروسيا شمال غربي البلاد، في أعقاب قصف تركي استهدف البنى التحتية ومنشآت الطاقة بالشمال الشرقي، وسط جمود يلف العملية السياسية، ومخاوف من “صفقات” جديدة بين الفاعلين تقود إلى تغيير خارطة السيطرة العسكرية.
وقالت الخارجية الكازاخية في بيان أمس الجمعة، إن “الاجتماع الثاني والعشرين من مسار أستانا سيعقد يومي 11 و 12 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري”، مشيرةً إلى أن “جدول أعمال الاجتماع سيتطرق لمناقشة تطورات الملف السوري والجهود الرامية إلى التوصل لحل سياسي شامل في سوريا وتدابير الثقة وملف المفقودين، إضافة إلى الوضع الإنساني وملف إعادة الإعمار وعودة اللاجئين السوريين”.
الإعلان جاء على وقع الحديث عن عملية عسكرية قد تندلع بين القوات الحكومية مدعومة بالطيران الروسي من جهة، وفصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا و”هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة سابقاً” من جهة أخرى، تخلل ذلك قصف مكثف تشهده المنطقة منذ أسابيع، وحركة نزوح للمدنيين من القرى والبلدات الواقعة على خطوط التماس بريفي حلب الغربي وإدلب الجنوبي والشرقي.
جمود العملية السياسية
وتشهد العملية السياسية في سوريا جموداً شبه كلي، في ظل توقف جلسات “اللجنة الدستورية السورية” إثر خلافات بشأن مكان انعقادها وسط إصرار روسيا على رفض عقدها في جنيف، والأجندات التي يتم التباحث بشأنها من حيث تأسيس “دستور سوري” جديد أو إجراء تعديلات على “الدستور” الحالي.
وفشلت جميع الجولات الإحدى والعشرين السابقة من “مسار أستانا” في وضع رؤية لحل سياسي حقيقي للأزمة السورية، واقتصرت الاجتماعات على بيانات مكررة بشأن “ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية ومكافحة الإرهاب ودعم العملية السياسية” لكن دون أن يثمر ذلك عن أية نتائج ملموسة.
وانطلقت اجتماعات “أستانا” بشأن سوريا لأول مرة بين تركيا وروسيا بدعوة من الأخيرة في عام 2017، “لإجراء تفاهمات بشأن الأوضاع الميدانية في الشمال السوري، قبل أن تتحول لاحقاً إلى “مسار سياسي” جديد، إثر انضمام إيران ووفدين من الحكومة والمعارضة السورية ومراقبين من الأمم المتحدة ودول إقليمية لها.
تفاهمات لتقاسم النفوذ
المعارض السوري المستقل ومؤسس مبادرة السلام السورية عصام زيتون، قال إن “مسار أستانا ابتدعته روسيا بالتفاهم مع النظام وحليفته الأساسية إيران، ليكون بديلاً عن القرارات الدولة الخاصة بالأزمة السورية وعلى رأسها مقررات لقاءات جنيف”.
واعتبر زيتون خلال تصريحات لموقع “963+”، أن “اجتماعات أستانا تحولت من مفاوضات بين النظام السوري والمعارضة، إلى تفاهمات إقليمية لتقاسم النفوذ في سوريا بداية بإنشاء مناطق خفض تصعيد أدت إلى ترحيل كافة الفصائل المسلحة المعارضة إلى مناطق سورية تحت السيطرة التركية”.
ومنذ انطلاق أعمالها قبل نحو 8 سنوات، اتهمت أطراف غربية وسورية معارضة، روسيا وتركيا وإيران بالعمل على تأسيس مسار موازي لـ”مسار جنيف” بشأن سوريا و”محاولة الالتفاف على القرارات الأممية في هذا الشأن، وعلى رأسها القرار 2254 ، وجعل المسار مكاناً لبحث تقاسم النفوذ”.
“تحولت اجتماعات أستانا إلى حدث إعلامي يوحي للسوريين وللعالم بأن نشاطاً سياسياً يجري العمل عليه لحل الأزمة السورية بينما اقتصر المفعول العملي لتلك الاجتماعات على تنسيق تقاسم سوريا بين روسيا وإيران وتركيا”، بحسب زيتون.
وكانت الجولة الـ 21 من اجتماعات “أستانا” بشأن سوريا، قد عقدت في 24 كانون الثاني/ يناير الماضي في العاصمة الكازاخية أستانا، بمشاركة وفود “الدول الضامنة” روسيا وتركيا وإيران، إضافة لوفدي الحكومة والمعارضة السورية، ومراقبين من الأمم المتحدة والأردن ومصر والعراق.
ويأتي عقد الجولة الجديدة، بعد أسابيع على كشف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مشاركته في قمة “بريكس” التي عقدت بمدينة قازان الروسية يومي الحادي والعشرين والثاني والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أنه طلب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، التوسط لإعادة العلاقات مع الحكومة السورية والتواصل مع الرئيس السوري بشار الأسد.
كما استبق أردوغان الاجتماع الجديد من “أستانا” بالدعوة إلى “تفعيل اتفاقية الحزام الأمني التركي بعمق 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية والعراقية لحماية الأمن القومي التركي”، وذلك خلال اتصال مع دونالد ترامب إثر فوزه بانتخابات الرئاسة الأميركية في 5 نوفمبر الجاري، وفق ما كشفت الرئاسة التركية.
ويتوقع المعارض السوري المستقل عصام زيتون، أنه “وبالنظر إلى التطورات الإقليمية الأخيرة، وتحول سوريا إلى جزء من مواجهة مفتوحة وساحة لتصفية حسابات إقليمية ودولية، فإنه ليس من المرجح أن ينتج عن اجتماع أستانا المرتقب أي تغيير ملموس بالنسبة للسوريين”.
وتتزايد المخاوف بين المدنيين في الشمال السوري، من أن تقود الجولة الجديدة إلى “صفقات” بين الأطراف الفاعلة بالأزمة خاصةً روسيا وتركيا وإيران بشأن مناطق النفوذ، تقود إلى تغيير خارطة السيطرة العسكرية، وما يتبع ذلك من أعمال عسكرية وأزمات نزوح جديدة.