خاص – دير الزور
اندلعت اشتباكات عنيفة بين مسلحين من العشائر والفصائل الموالية لإيران في مدينة البوكمال بريف دير الزور شرقي سوريا، وسط توترات متصاعدة بين القوات الحكومية والعشائر من جهة وتلك الفصائل من جهة أخرى خلال الفترة الأخيرة، في ظل الحديث عن عمليات تضييق ممنهجة ضدها مؤخراً، وتوجه حكومي لإضعاف نفوذ إيران في سوريا.
وتتوالى التقارير خلال هذه الفترة عن محاولات من قبل الأجهزة الأمنية الحكومية وبإشراف مباشر من القوات الروسية، لإنهاء النفوذ الإيراني في محافظة دير الزور شرقي البلاد، والسيطرة على المعابر النهرية التي تستخدم لنقل الأسلحة لهذه الفصائل، بعد تزايد الغارات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، والمخاوف من تصعيد إسرائيلي أكبر في حال استمرار نقل الأسلحة من إيران عبر العراق إلى سوريا ومن ثم إلى “حزب الله” اللبناني.
وفي التفاصيل، تمكن مسلحون مؤيدون للشيخ أيمن دحام الدندل، وهو أحد شيوخ قبيلة “العكيدات” بمدينة البو كمال بريف دير الزور الشرقي، من أسر 5 عناصر من الفصائل الموالية لإيران، أثناء تسللهم إلى منزل الدندل ومحاولة إشعال النار فيه وبسيارة تعود له، بعد أن انسحب تدريجياً من الولاء لإيران إلى القوات الحكومية، إثر تزايد الهجمات الإسرائيلية ضد هذه الفصائل بدير الزور والتوجه لتحجيم نفوذ طهران هناك، بحسب ما أكد مصدر مقرب من الدندل لموقع “963+”.
وبعد رفض جماعة الدندل تسليم العناصر الخمسة، اندلعت اشتباكات عنيفة بينها وبين الفصائل الموالية لإيران قبل أن ينضم أبناء عشائر أخرى للقتال ضد الأخيرة، بحسب المصدر، الذي أشار إلى أن تلك الفصائل انسحبت من 3 مقرات لها في كل من المحطة ونقطة الكهرباء ومقر الأكاديمية في محيط منزل الدندل بالبوكمال، ليسيطر عليها المسلحون العشائريون.
وقال المصدر، إن الشيخ أيمن الدندل اشترط إنهاء أي تواجد لـ “الحرس الثوري” الإيراني والفصائل الموالية له في مدينة البوكمال من أجل وقف التصعيد وذلك بتحريض من الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية، وسط انتظار لوصول وفد من القوات الحكومية للتفاوض مع الدندل، الذي كان قبل فترة قصيرة في العاصمة دمشق وأجرى اجتماعات مع قادة أمنيين.
تقليص نفوذ إيران
وما يؤكد الحديث عن توجه الحكومة السورية للحد من نفوذ إيران، ما كشفت عنه صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية قبل يومين، نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين لم تسمهم، أن “واشنطن وتل أبيب تسعيان للتعاون مع الرئيس السوري بشار الأسد للحد من نفوذ إيران في سوريا، ومساعدة دمشق على منع إيران من الاستمرار في إمداد “حزب الله” بالأسلحة عبر الحدود السورية”.
وقال المسؤولون، إن “بشار الأسد يدعم فكرة منع إيران من إمداد حزب الله بالأسلحة عبر سوريا، لأنه أصبح مستاءً من الوجود الإيراني في دمشق، وأن الإدارة الأميركية تبدو مستعدة لمنح الأسد بعض المزايا إذا تمكن من إيقاف تدفق الأسلحة لحزب الله، على أساس خطوات إيجابية مقابل خطوات إيجابية”.
وكانت قوات من “الحرس الجمهوري” والأجهزة الأمنية الحكومية وبإشراف مباشر من القوات الروسية، قد داهمت في 4 من تشرين الثاني/ يناير الجاري، معبراً نهرياً سرياً على نهر الفرات بين بلدتي خشام والمريعية بريف دير الزور الشرقي، وأغلقته باستخدام جرافات، حيث يستخدم المعبر كنقطة رئيسية لتهريب الأسلحة بما في ذلك الصواريخ من قبل الفصائل المدعومة من إيران إلى مجموعات تابعة لها في القرى المحيطة، بحسب ما أكد مصدر محلي لـ”963+”.
وأشار المصدر، إلى أن “العملية جاءت بعد تلقي القوات الروسية معلومات عن تهريب أسلحة، وأسفرت أيضاً عن اعتقال 3 قياديين بالفصائل المحلية الموالية لإيران، هم علي الجامل، المسؤول عن تنسيق عمليات التهريب، ومصطفى العكيدي، وأيمن الشعيطي، وجميعهم ينحدرون من محافظة دير الزور”.
ابتعاد عن المحور الإيراني
ويعزز فرضية توجه دمشق نحو “الابتعاد عن إيران”، ما كشفت عنه وسائل إعلام سورية محلية، أن الرئيس السوري بشار الأسد، طالب قبل أيام خلال اجتماع بالعاصمة دمشق مع وجهاء من الساحل بعضهم في “المجلس العلمي الفقهي” بـ”التزام الهدوء والامتناع عن بيع أملاكهم للعناصر الإيرانية واللبنانية” كما أفصح عن “قرار انتقال سوري من المحور الإيراني إلى المحيط العربي، وعن تدخل خليجي سيحدث لتحسين الوضع الاقتصادي خلال مدة أقصاها 3 أشهر”.
ويذهب كثير من المحللين، إلى أن “إسرائيل لن توقف هجماتها في سوريا وتتجه لتصعيدها أكبر، حتى تقطع خطوط إمداد حزب الله بالأسلحة من إيران عبر الأراضي السورية، وأن دمشق تدرك تماماً هذا التوجه الإسرائيلي الجديد، وأنها أصبحت متيقنة تماماً منه، لذلك بدأت تعمل على تقليص وتحجيم النفوذ الإيراني بشكل كبير في مختلف مناطق البلاد”.
وتتزامن التحركات الحكومية السورية ضد الفصائل الموالية لإيران، مع الحديث عن تحركات عربية منسقة لـ ”إبعاد دمشق عن فلك طهران، وإعادتها إلى الحضن العربي، تقودها الأردن بتوجيه من دول خليجية، أكدتها زيارة وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى دمشق ولقائه الرئيس السوري بشار الأسد، حيث كشفت وسائل إعلام مقربة من الحكومة، أن “الزيارة ستثمر عن نتائج مهمة خلال الفترة القادمة”.
يذكر، أن محافظة دير الزور، شهدت مطلع تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، انشقاق ثلاث مجموعات تابعة لـ ”حزب الله” والفصائل المدعومة من إيران، في ظل المخاوف من تصاعد الضربات الإسرائيلية المتكررة التي تستهدف المواقع الإيرانية، حيث تم اعتقال مجموعتين من المنشقين، بينما لا يزال مصير المجموعة الثالثة مجهولاً.