خاص – بروكسل
نفى الاتحاد الأوروبي تعيين مبعوث خاص إلى سوريا، مجدداً التأكيد على التزامه برفض التطبيع مع الحكومة السورية والتمسك بـ”اللاءات الثلاث” المتمثلة بـ”لا للتطبيع ورفع العقوبات عن دمشق وإعادة الإعمار”، وذلك رغم الحديث عن جهود إيطالية لإحداث اختراق في الموقف الأوروبي من دمشق، وإعادة العلاقات معها.
وكانت صحيفة “إل فوليو” الإيطالية، قد أفادت الأسبوع الماضي، أن الحكومة الإيطالية أقنعت الاتحاد الأوروبي بتعيين مبعوث خاص في سوريا، مشيرة إلى تعيين النمساوي كريستيان بيرغر، في المنصب، وسبق ذلك إعلان المفوضية الأوروبية أنها “تعمل على تعيين مبعوث خاص في سوريا، وسط جهود تبذلها ثماني دول أعضاء بالاتحاد الأوروبي لإعادة التواصل مع دمشق لتشجيع عودة اللاجئين”.
وقال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي لصحيفة “العربي الجديد”، إن “مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد جوزيب بوريل، لم يحسم أمره بشأن تعيين مبعوث في سوريا”، نافياً ما كشفته وسائل إعلام أوروبية عن تعيين السفير النمساوي السابق لدى تركيا ومصر كريستيان بيرغر، في المنصب”.
وأكد المتحدث الأوروبي، أن “التكتل متمسك بسياساته تجاه سوريا، والمتمثلة بـ”لا للتطبيع مع الحكومة ولا لرفع العقوبات عنها، ولا للمشاركة في إعادة إعمار سوريا، حتى تنخرط دمشق في عملية سياسية حقيقية تقود إلى انتقال سياسي ديموقراطي وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.
وأشار إلى أن “استراتيجية الاتحاد الأوروبي بشأن سوريا تستند إلى استنتاجات مجلس الاتحاد الأوروبي لعامي 2017/2018، وقد استكملت استنتاجات شهر نيسان/ أبريل الماضي، الاستنتاجات السابقة، ولكنها لم تحلّ محلها، حيث كانت قصيرة للغاية ومُركزة”، مشيراً إلى أنها “أعادت التشديد على الحاجة لتهيئة الظروف للعودة الآمنة والطوعية للاجئين”، مشدداً على أن مفوضية اللاجئين “لا تزال تؤكد أن الظروف للعودة الآمنة والكريمة والطوعية غير موجودة في سوريا”.
الكاتب الصحفي والمحلل السياسي السوري المقيم في بولندا حسام النجار، قال إن “من يحاول إعادة العلاقات مع النظام السوري هي الدول الأوروبية التي كانت في المحور الشرقي سابقاً كبلغاريا والمجر ورومانيا، وكذلك الحكومات اليمنية المتطرفة و المناهضة للهجرة في ظل الظروف الاقتصادية الأوروبية، و هذه الدول لها تطلعات بأخذ حصة من سوق العمل لدى الدول الصناعية”.
ويضيف في تصريحات لموقع “963+”، أن “النفي الأوروبي لتعيين مبعوث إلى سوريا وتطبيع العلاقات، يأتي بعد تصريحات ألمانية وهولندية من أعلى المستويات عن أن سوريا لا زالت تحت الحكم الاستبدادي، إلى جانب ما توثقه تقارير حقوق الإنسان بشأن عمليات الاعتقال التي تنفذها الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، والأعمال خارج القانون التي تقوم بها مجموعة تعمل لصالحه”.
ويؤكد النفي الأوروبي ما ذهبت إليه وسائل إعلام ألمانية قبل أسابيع، عن “استمرار رفض التكتل وكل من فرنسا وألمانيا للخطة المطروحة من 8 دول أوروبية بقيادة إيطاليا، من أجل فتح قنوات للتواصل مع الحكومة السورية، تمهيداً لحل قضية اللاجئين السوريين في أوروبا وإعادتهم إلى بلادهم.
الوثيقة التي أعدتها الدول الأوروبية الثماني بشأن فتح قنوات مع الحكومة السورية وقدمها وزراء خارجيتها في تموز/ يوليو الماضي، لمسؤول السياسة الخارجية بالتكتل، تضمنت المطالبة بتبني “سياسة أكثر نشاطاً وعملية تجاه سوريا، من أجل زيادة النفوذ السياسي الأوروبي وفعالية المساعدات”، مشيرين إلى أن “السوريين لا يزالون يغادرون بلادهم بأعداد كبيرة مما يزيد الضغوط على الدول المجاورة في فترة يتصاعد فيها التوتر بالمنطقة”.
إلا أن الوثيقة لاقت معارضةً وانتقاداً من دول أوروبية أخرى على رأسها ألمانيا وفرنسا، ما يكشف عن اختلاف في التوجهات بين دول التكتل بشأن العلاقات مع الحكومة السورية، وفق ما أفادت حينها وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس برس).
و”اللافت في الرفض الأوروبي للتطبيع مع النظام، هو سيادة رأي الأقوياء في أوروبا على حساب الضعفاء أي الدول الصناعية على الدول الشرقية، وذلك لمعرفة تلك الدول بأهمية العامل الإنساني البشري في التنمية الاقتصادية التي تحتاجها بلدانها”، بحسب النجار.
وأكد التوجه الألماني برفض التطبيع مع دمشق، المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية سيباستيان فيشر، الذي أعلن خلال مؤتمر صحفي في برلين منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، معارضة بلاده للوثيقة الأوروبية، مؤكداً أن “الحكومة السورية تعيق حالياً أي تقدم في العملية السياسية وفقا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254 وتستمر في ارتكاب أخطر جرائم حقوق الإنسان ضد شعبها، وطالما أن الأمر كذلك، فلا يمكن السعي إلى تطبيع العلاقات معها”، وذلك رغم إعلان أعلى المحاكم الإدارية في ألمانيا في تموز/ يوليو الماضي، أنه “لم يعد هناك خطر عام على جميع المدنيين من الصراع المستمر منذ فترة طويلة في سوريا”.
وتقود إيطاليا إلى جانب 7 دول أوروبية أخرى هي النمسا وكرواتيا وقبرص والتشيك واليونان وسلوفاكيا وسلوفينيا، جهوداً من أجل إعادة العلاقات مع الحكومة السورية المقطوعة منذ عام 2012، وتعيين مبعوث في سوريا، والتواصل مع سفير دمشق لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسل، وفق ما نقلت صحيفة “فانينشال تايمز” البريطانية منتصف تموز/ يوليو الماضي، إلا أن هذه الجهود اصطدمت برفض دول أوروبية كبرى على رأسها فرنسا وألمانيا.
وعينت إيطاليا في 26 تموز/ يوليو الماضي، سفيراً لها في دمشق، وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني لوكالة رويترز، إن “بلاده قررت تعيين المبعوث الخاص لوزارة الخارجية إلى سوريا ستيفانو رافاجنان سفير في دمشق، لتسليط الضوء على الأوضاع بسوريا”، لتكون بذلك إيطاليا أول دولة من مجموعة الدول السبع الكبرى تستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق منذ اندلاع الأزمة السورية.
يشار، إلى أن ملف اللاجئين والمهاجرين وعلى رأسهم السوريون، يمثل أبرز الملفات على الساحة الأوروبية، في ظل تصاعد الأصوات المطالبة بوضع حد للهجرة إلى القارة الأوروبية والعمل على إعادة اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية، خاصةً بعد صعود أحزاب “اليمين المتطرف” إلى الواجهة في أغلب البلدان الأوروبية.