خاص ـ دمشق
أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الثلاثاء، أن الغارة التي نفذتها طائراته أمس الإثنين، على منطقة السيدة زينب جنوبي العاصمة السورية دمشق، استهدفت جهاز الاستخبارات المركزي التابع لـ”حزب الله” اللبناني، في اعتراف نادر يضاف إلى اعترافات أخرى سابقة خلال الفترة الأخيرة من قبل تل أبيب بهجماتها داخل سوريا.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان، إنه “في عملية جوية وبتوجيه استخباري من هيئة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية هاجمت طائرات حربية تابعة لسلاح الجو أهدافاً إرهابية لركن الاستخبارات التابع لحزب الله داخل سوريا”، مضيفاً أن “الركن هو جهاز الاستخبارات المركزي للحزب وهو مركز قدرات جمع المعلومات”.
وأضاف: “ركن الاستخبارات عمل بشكل مستقل وبتوجيه مباشر من قائد ركن الاستخبارات التابع للحزب في لبنان حسين علي هزيمة، الذي قُضي عليه في بيروت إلى جانب هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله، ومحمود شاهين، مسؤول مخابرات الحزب في سوريا قبل نحو شهر”، مشيراً إلى أن الأخير “له صلات وثيقة مع الحكومة السورية والمسؤولين الإيرانيين”.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية “كان” أن “الهجوم استهدف القيادي البارز في حزب الله، هيثم علي الطبطبائي، أحد أهم القادة العسكريين المطلوبين في الولايات المتحدة منذ سنوات، وكان قائد القوات الخاصة لحزب الله في سوريا واليمن”.
وكان مصدر عسكري بالقوات الحكومية السورية، قد قال أمس الإثنين، إنه “عند نحو الساعة 05:18 مساء اليوم، شنّ الطيران الإسرائيلي عدواناً جوياً على محيط السيدة زينب جنوبي دمشق، من اتجاه الجولان السوري المحتل، استهدف عدداً من المواقع المدنية، ما أسفر عن أضرار مادية”، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وذكرت وسائل إعلام محلية أنّ الغارة الإسرائيلية أدت لمقتل عنصرين من “حزب الله” وإصابة 5 آخرين، مشيرة إلى “استهداف ثلاثة مواقع هي حي السيدة زينب، ومحيط فندق مطار دمشق الدولي، ومحيط بلدة نجها”.
قادة “حزب الله” و “الحرس الثوري”
وتجنبت إسرائيل منذ بدء شن هجمات داخل سوريا في أعقاب التدخل الإيراني بالأزمة السورية عام 2012، الإعلان عن هجماتها داخل الأراضي السورية والتزمت الصمت حيال ذلك على مدى السنوات الأولى، إلا أنها بدأت مؤخراً بالإعلان عن أهدافها، والتي تكون تابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني و “حزب الله” اللبناني.
وكانت تل أبيب، قد أعلنت في 21 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، استهداف مسؤول مالي لـ”حزب الله” عبر “غارة دقيقة” في العاصمة السورية دمشق، وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري خلال مؤتمر صحفي: “قمنا بالقضاء على المسؤول عن تجميع الأموال لحزب الله عبر ضربة دقيقة في سوريا”، مضيفاً أن “المستهدف هو خليفة جعفر قصير الذي كان يدير الشبكة المالية للحزب، والذي قضى بضربة إسرائيلية على بيروت مطلع أكتوبر”.
وسبق ذلك مطلع أكتوبر الماضي، إعلان الجيش الإسرائيلي إنه ضرب “نفقاً تحت الأرض” على الحدود اللبنانية السورية الخميس “لمنع تهريب الأسلحة من سوريا إلى الأراضي اللبنانية”.
وتتوافق الإعلانات الإسرائيلية الأخيرة عن تنفيذ الهجمات داخل سوريا، مع الحديث عن “بدء تل أبيب استراتيجية جديدة بشأن تلك الهجمات تقوم على جعل سوريا ساحة رئيسية لاستهداف مصالح إيران والفصائل الموالية لها و”حزب الله” اللبناني، والتوجه لعزل الحزب داخل لبنان ومنع وصول الأسلحة إليه وإضعافه عسكرياً”.
قطع خطوط الإمداد
وكان المدير التنفيذي للمركز العربي للأبحاث والدراسات هاني سليمان، قد قال أمس الإثنين إن “الجبهة السورية هي الهدف القادم لإسرائيل” مستشهداً بتنفيذ إسرائيل قبل نحو شهر عملية إنزال بري في سوريا، رغم أنه منذ فترات لم تنفذ عمليات إنزال بري بالمنطقة، إلى جانب استمرار هجماتها داخل الأراضي السورية، في ظل التقارير عن عودة الإمداد الإيراني لـ”حزب الله” اللبناني بالأسلحة عبر سوريا”.
وأضاف في تصريحات لموقع “963+”، أن “إسرائيل لن تحاول فقط تصفير وقطع خطوط الإمداد بين إيران وحزب الله عبر قصف المعابر وطرق الإمداد، بل ستواصل تحييد وتقويض قدرات الفصائل الموالية لإيران في الأراضي السورية”.
ومع تكثيف الهجمات الإسرائيلية داخل سوريا وتركيزها على “أهداف نوعية” تتعلق بإيران و”حزب الله” وفق ما يعلن المسؤولون الإسرائيليون، قد يسار بحسب محللين، إلى تغيير الاصطلاح الذي أطلقته المؤسسات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية على تلك الهجمات منذ بدئها قبل أكثر من عقد وهو “المعركة بين الحروب”، والذي يرمز إلى “استراتيجية عسكرية وأمنية وقائية حيال النفوذ الإيراني”.
وفسر معهد واشنطن للدراسات هذه الإستراتيجية بأنها “عمليات دفاعية تهدف إلى إبطال التهديدات دون أن ترقى إلى مستوى الحرب، وتتضمن شن هجمات استباقية بموجب معلومات استخباراتية عالية الدقة، بهدف تأخير نشوب الحرب، وإضعاف قوة الخصوم لردعهم، بالإضافة إلى توفير ظروف مثالية لتفوق الجيش الإسرائيلي حال نشبت حرب حقيقية مع إيران”.
تغيير الاستراتيجية
وتقول تقارير، إن “متغيرات طرأت على الغارات الإسرائيلية في سوريا منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، والتصعيد مع “حزب الله” لاحقاً، حيث أصبحت أكثف وأكثر نوعية، ووصلت إلى مناطق غير مسبوقة مثل المربع الأمني في دمشق بعد أن كانت تستهدف ضواحي العاصمة، كما أنها باتت تتعمد تحقيق خسائر بشرية في صفوف الخبراء العسكريين التابعين لـ”الحرس الثوري” الإيراني و “حزب الله”.
وما يؤكد هذا التغير في الاستراتيجية، هو استهداف غارة إسرائيلية في نيسان/ أبريل الماضي، مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق، ما أسفر عن مقتل 7 قياديين في “الحرس الثوري” الإيراني، على رأسهم العميد محمد رضا زاهدي، مسؤول “الحرس” في سوريا ولبنان، حيث مثل الهجوم نقطة تحول مهمة بالاستهدافات الإسرائيلية داخل سوريا.
كما نفذت إسرائيل في أيلول/ سبتمبر الماضي، هجوماً نوعياً آخر على الأراضي السورية، تمثل في استهداف مركز “البحوث العلمية” في مصياف بريف حماة شمال غربي البلاد، والذي تتوقع تل أبيب أنه منشأة تابعة لـ”الحرس الثوري” وتستخدم لتطوير صواريخ لـ”حزب الله” حيث كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن أن الهجوم تضمن قيام قوة خاصة إسرائيلية بعملية إنزال جوي، حيث استولت على مواد من المنشأة المخصصة لصناعة الصواريخ، بالإضافة لقصف مركز البحوث.