خاص – بغداد
تتزايد المخاوف في الأوساط العراقية من تزايد الاستهدافات الإسرائيلية للبلاد وإمكانية جرها إلى الصراع بين تل أبيب وطهران، خاصةً بعد إعلان الجيش الإسرائيلي تحديد بنك أهداف عراقية تشمل مواقع للفصائل الموالية لإيران وأخرى لا تتبع لها، ومواصلة تلك الفصائل إعلاناتها عن استهداف مواقع وأهداف إسرائيلية عبر الطائرات المسيرة.
وبعد أيام على اندلاع الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة “حماس”، بدأت “المقاومة الإسلامية بالعراق” وهي تجمع من فصائل موالية لإيران، استهدافاتها لأهداف في إسرائيل وقواعد أميركية في سوريا والعراق، رغم إعلان الحكومة العراقية منذ بدء الحرب، رفض انجرار البلاد إلى أي صراع إقليمي أو استخدام أراضيها لاستهداف وقصف دول مجاورة.
وكشفت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” يوم الأحد الماضي، نقلاً عن مسؤولين لم تسمهم، أن الجيش الإسرائيلي، حدد “بنك أهداف” لمواقع عراقية وأخرى تابعة للفصائل الموالية لإيران، في حال استمرار الهجمات من قبل تلك الفصائل على إسرائيل، ومواصلة نقل الأسلحة من إيران إلى الأراضي العراقية”.
وأثار التقرير الإسرائيلي، حالة من القلق في الأوساط العراقية بحسب وسائل إعلام عراقية، بشأن طبيعة “بنك الأهداف”، خاصةً في ظل تضمنه تلميحاً لإمكانية تعدي الضربات الإسرائيلية في حال تنفيذها للأهداف الخاصة بالفصائل الموالية لإيران، إلى أهداف عراقية حيوية، يخشى أن تشمل المنشآت النفطية ومحطات الطاقة الكهربائية.
ونقلت الصحيفة عن المسؤولين الإسرائيليين أيضاً، أن “صور الأقمار الاصطناعية كشفت قيام إيران بنقل صواريخ باليستية ومعدات ذات صلة من أراضيها إلى الأراضي العراقية، مع الهدف المفترض لاستخدامها في هجوم وشيك متوقع على إسرائيل”، مضيفين أن “تل أبيب تراقب وتحدد الأهداف ذات الصلة بالميليشيات التي تدعمها إيران، إضافةً لأهداف عراقية”، محذرةً بغداد “من أنه يجب كبح جماح تلك الميليشيات ومنعها من استخدام أراضيها لشن هجمات”.
وكانت “المقاومة الإسلامية بالعراق”، قد أعلنت الأحد في بيانين منفصلين، عن “استهداف هدفين إسرائيليين حيويين في غور الأردن، والجولان السوري عبر الطيران المسير”، وقالت إن “عملياتها تأتي استمراراً لنهج المقاومة ضد الاحتلال، ونصرة لأهل فلسطين ولبنان”.
ووسط تزايد الهجمات من قبل تلك الفصائل والتهديدات الإسرائيلية بشن هجمات داخل العراق، قال فادي الشمري المستشار السياسي لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في بيان الأحد، إن “الحكومة العراقية اتخذت سلسلة من التدابير الأمنية والعسكرية، خشية من استغلال أجواء العراق”، مضيفاً أن “بغداد أوضحت مراراً رفضها أي محاولة لاستغلال أراضيها أو أجوائها في عمليات عسكرية أو أمنية، ومن أجل منع توسع الصراع، اتخذت سلسلة من التدابير العسكرية والأمنية، إلى جانب إجراء حوارات داخلية مباشرة وغير مباشرة لضمان الالتزام بسياساتها”.
جغرافيا بديلة
أستاذ السياسات العامة في جامعة بغداد إحسان الشمري، يعتبر أن “تحديد إسرائيل بنك أهداف في العراق أمر متوقع في ظل استمرار الفصائل المسلحة الحليفة لإيران باستخدام العراق كمنصة لاستهداف إسرائيل، خاصةً أن إحدى تلك الهجمات تسببت في مقتل إسرائيليين اثنين وإصابة آخرين”.
ويقول لموقع “963+”، إن “ما يرجح هذه الاحتمالية هو أن إيران تستخدم العراق كجغرافيا بديلة للرد ولتخفيف الضغط على حزب الله اللبناني، إلى جانب إطلاق الفصائل المسلحة شعار “وحدة الساحات” لا يزال هو الحاضر، وهذا يرجح أن يكون العراق جزءاً من الصراع”.
الإعلان الإسرائيلي عن تحديد “بنك أهداف” في العراق، تزامن مع إعلان إيران أنها “تخطط لرد معقد على إسرائيل يتضمن رؤوساً حربية أقوى وأسلحة أخرى، بمشاركة الجيش الإيراني الذي قتل 4 من جنوده بهجوم إسرائيل الشهر الماضي، بعد أن كان “الحرس الثوري” فقط هو من يتولى مسؤولية الرد سابقاً”، وفق ما نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية عن مسؤولين إيرانيين وعرب من مصر والبحرين وعمان.
وقال المسؤولون، إن إيران “أبلغت دولاً إقليمية أنها لا تخطط للحد من ردها على الصواريخ والطائرات بدون طيار، كما فعلت الهجمتان السابقتان، وأن أي صواريخ تستخدم سيكون لها رؤوس حربية أكثر قوة”، مبينين أن “الرد الإيراني سيأتي بعد الانتخابات الأميركية في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، حيث أن طهران لا تريد التأثير بهجومها على الانتخابات”.
انخراط في الصراع
وما يزيد المخاوف من أن “تحوّل إيران الأراضي العراقية إلى ساحة معلنة لانطلاق الهجمات ضد إسرائيل، وبدء الأخيرة هجمات في العراق، هو إعلان الفصائل الموالية لإيران أنها هي من تمتلك قرار الحرب بالعراق، كما أنها هي من منحت الثقة ودعمت الحكومة العراقية الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، لذلك فهي تمتلك الحاضنة السياسية”، بحسب الشمري.
ويشير إلى أن “الفصائل المدعومة من إيران أرسلت رسائل بأنها هي المتحكمة في العراق، وعليه فإن إسرائيل بدأت تنظر إلى أن العراق أصبح ضمن “بنك أهدافها”، لافتاً إلى أن “خارطة “دول الشر” التي نشرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تضمنت العراق”.
ويردف أستاذ العلاقات العامة في جامعة بغداد، أن “العراق الآن هو جزء من الصراع ولا يمكن إنكار هذه الحقيقة، لكن يتوقع أن تكون الأراضي العراقية ضمن الجغرافيات المتتالية بالاستهداف الإسرائيلي، رغم أن الحكومة الرسمية تحاول أن تتجنب الانخراط بالصراع”.
وتثير هذه المعطيات والتطورات المخاوف والقلق في الأوساط الإقليمية والدولية، من عودة الأحداث إلى المربع الأول وخطر نشوب حرب شاملة رغم الجهود المبذولة للتسوية والحديث عن تفاهمات واتفاقيات يجري الإعداد لها، كما أنها تسلط الضوء على التحذيرات المتكررة من جهات متعددة بينها الأمم المتحدة، من تحول الصراع في قطاع غزة ولبنان إلى صراع إقليمي شامل تنخرط فيه دول عديدة، خاصةً مع استمرار تصريحات المسؤولين الأميركيين بـ”عدم ترك إسرائيل لوحدها في مواجهة أي هجمات إيرانية”، والتي كان آخرها من المندوبة الأميركية بالأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد الأسبوع الماضي، وقالت فيها إن “إيران ستواجه عواقب وخيمة إذا هاجمت إسرائيل”.