خاص ـ واشنطن
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية بين كامالا هاريس ودونالد ترامب، تتجه الأنظار إلى مدى تأثير نتائجها على ملفات الشرق الأوسط الشائكة. ففي حين تميل هاريس إلى تبني نهج بايدن القائم على الموازنة بين دعم المفاوضات وحماية أمن إسرائيل، يسعى ترامب لاستعادة سياساته الحازمة، بما في ذلك دعمه الكامل لإسرائيل وتشدده تجاه إيران. وبينما يرى ساسة عرب في الولايات المتحدة، أن الديموقراطيين سيواصلون التركيز على دعم الحوار الإقليمي دون تغييرات كبيرة، يرى آخرون أن عودة ترامب قد تجلب سياسة ثابتة وأكثر حسماً، خصوصاً فيما يتعلق بتوسيع اتفاقات السلام الإبراهيمية والتعامل مع تهديدات إيران بحزم أكبر.
وقبل يوم فقط من موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقرر في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، تشهد الساحة الأميركية منافسة محتدمة بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، نائب الرئيس السابق، والرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب.
وتأتي هذه الانتخابات في ظل أزمات عالمية ملتهبة، أبرزها الحرب المستمرة بين إسرائيل وكل من حركة “حماس” و”حزب الله”، بالإضافة إلى الصراع الروسي الأوكراني، ما يجعل مواقف المرشحين من السياسة الخارجية محط اهتمام بالغ.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته صحيفة “ذا تايمز” الأميركية تقدم هاريس على ترامب في أربع ولايات متأرجحة هي ويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا ونيفادا، في حين تعادلا في أريزونا. لكن استطلاع آخر لموقع “يوغوف” بيّن تفوق ترامب في ولايتي جورجيا ونورث كارولينا، مما يضيف مزيداً من الإثارة إلى المشهد الانتخابي.
ورغم اهتمام المرشحين بالقضايا الداخلية، خصوصاً الاقتصادية منها، ظلَّت قضايا الشرق الأوسط حاضرة بشكل لافت، خاصةً فيما يتعلق بالصراع في قطاع غزة ولبنان والأزمة النووية الإيرانية، حيث يحمل كل مرشح رؤية مختلفة لإدارة هذه الملفات.
تباين الآراء
أكدت الصحفية المقيمة في الولايات المتحدة، رولا الرياشي، لموقع “963+”، على أن هناك اختلافاً واضحاً في سياسات المرشحين تجاه الشرق الأوسط، مشيرةً إلى أنه “في حال فوز الديمقراطيين، يُتوقع أن تستمر سياستهم القائمة على دعم التفاوض في الملف الفلسطيني، مع استمرار الدعم لإسرائيل في عملياتها ضد لبنان”.
بينما عبّرت عن اعتقادها بأنه في حال عودة ترامب إلى البيت الأبيض، فإن “نهجه سيكون أكثر انحيازاً لإسرائيل، حيث يفضل إنهاء الحرب دون التطرق لمسألة إقامة دولة فلسطينية”.
وكان ترامب في عهده، قد اتخذ قرارات حاسمة، مثل نقل السفارة الأميركية إلى القدس والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان، “والتي يُتوقع أن يواصل العمل وفقها إذا فاز”، بحسب الرياشي.
ومن وجهة نظر الصحفية، فإن “سياسات الولايات المتحدة تجاه العراق لن تختلف بشكل كبير بين المرشحين، مع استمرار خطة إنهاء مهمة التحالف الدولي ضد “داعش”، إلا في حال حدوث مستجدات أمنية”.
من جانبه، أوضح المستشار السابق في الخارجية الأميركية، حازم الغبرا، لـ”963+” أن “الانتخابات الحالية فريدة من نوعها لأن هاريس تحمل خبرة كنائب رئيس، في حين يسعى ترامب إلى العودة للبيت الأبيض بتصورات سياسية قد تكون مشابهة لسياساته السابقة تجاه الشرق الأوسط”.
وقد تشهد سياسة هاريس المتوقعة، في حال فوزها، “استمرارية لنهج بايدن مع بعض التعديلات الطفيفة”، وفق الغبرا.
ولكنه أشار إلى أن إدارة بايدن “فشلت في تقديم حلول عملية للأزمات، خصوصاً في غزة ولبنان، مما أثار انتقادات حول مدى فعالية سياسات الحزب الديمقراطي في المنطقة”.
ووصف الديبلوماسي نهج الرئيس السابق تجاه الشرق الأوسط بـ”الثبات”، حيث اعتمد على قرارات حاسمة كاغتيال قاسم سليماني والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مضيفاً أن هذه القرارات “تعكس سياسة واضحة وقوية تجاه القضايا الإقليمية”.
ويعتقد الغبرا أن “ترامب سيكون أكثر قدرة على اتخاذ القرارات وتنفيذها بفاعلية، خاصة في ملفات مثل الاتفاقات الإبراهيمية، والتي يرى أن بايدن ابتعد عنها في بداية عهده ثم عاد لتبنيها مجدداً”.
ملفات ساخنة
وفيما يخص إيران، أشارت الرياشي إلى اختلاف بارز بين الطرفين، حيث يميل الديمقراطيون إلى التفاوض، بينما يظهر ترامب توجهاً متشدداً تجاه طهران، خاصة بعد انسحابه من الاتفاق النووي السابق وسعيه لتطبيق عقوبات إضافية.
وفي هذا الصدد، يتوقع الغبرا أن تتسم إدارة ترامب المقبلة، في حال فوزها، “بمزيد من الحزم تجاه إيران، مستغلةً توسع طهران في المنطقة بعد السابع من أكتوبر”.
وحول العلاقات مع تركيا، لفتت الرياشي “لتوتر العلاقة سابقاً بين ترامب وأردوغان بسبب صفقات السلاح والخلافات الاستراتيجية”.
من جهة أخرى، شدد الغبرا على أن العلاقات الأميركية التركية “شهدت بعض الاستقرار في عهد بايدن، حيث حافظ على تركيا كحليف رئيسي ضمن حلف الناتو”.