خاص – قتيبة عزام / السويداء
منذ آب/أغسطس في العام الماضي، تشهد مدينة السويداء حراكاً مدنياً احتجاجياً، معارض لسياسات الحكومة السورية في المحافظة جنوب سوريا. ومنذ بداية هذا العام تقريباً، وتحديداً في شهري نيسان/أبريل وأيار/مايو الماضيين، لاحظ أهالي السويداء وصول تعزيزات عسكرية وأمنية مكثفة إلى أنحاء المحافظة، فوصلت أرتال ضخمة من الدبابات وسيارات الدفع الرباعي المزودة بأسلحة رشاشة متوسطة، إضافة إلى حافلات تحمل مئات المسلحين.
يقول أهالي مدينة السويداء إن العناصر المستقدمة إلى المحافظة تتبع فصائل عسكرية موالية لإيران، تمركزوا في نقاط عسكرية محددة، تابعة للقوات الحكومية، وفي المطارات العسكرية. وتواترت أنباء تفيد بتحويل مطار خلخلة العسكري في شمال محافظة السويداء إلى قاعدة عسكرية إيرانية.
سبّبت هذه التعزيزات العسكرية امتعاض أهالي السويداء وغضبهم، وبلغ التوتر أشده عند اندلاع اشتباكات في حزيران/يونيو الماضي، بين مجموعات محلية مسلحة وبين عناصر أحد الحواجز الأمنية التابعة للحكومة السورية قرب دوار العنقود، عند المدخل الشمالي لمدينة السويداء.
إيران محتلة
يقول الشيخ بهاء الجمال، الناطق بلسان فصيل القوى المحلية في السويداء، وهو مجموعة محلية مناهضة للحكومة السورية وللوجود الإيراني في المحافظة، لـ”963+”: “منذ أشهر، وصل عدد كبير من عناصر الفصائل الموالية لإيران إلى بعض القطع العسكرية والمطارات في السويداء، ويتم عزلهم عن عناصر الجيش السوري”، مقدراً عددهم بالآلاف.
ويضيف: “أتوا على مراحل، كان بعضهم يأتي لأداء مهمات أمنية، يستقلون سيارات رباعية الدفع مزودة بأسلحة رشاشة متوسطة، و يتمركزون في أكثر من نقطة في الفوج 44 على طريق قنوات، وفي فرع أمن الدولة، وفي بعض ألوية وأفواج الفرقة 15، وفرع الأمن العسكري، وفي مطاري خلخلة والثعلة، وفي تل قليب”.
ثمة إجماع في السويداء على رفض وجود إيران وفصائلها في السويداء، وفي عموم سوريا، “ونشدد على المناطق التي تقطنها أغلبية من طائفتي المسلمين الموحدين الدروز والمسلمين السنة، إضافة إلى مناطق تقطنها أغلبية مسيحية”، كما يقول الجمال، مضيفاً: “إننا نعتبر الإيراني محتلاً”.
لماذا؟
أسباب رفض السويداء الوجود الإيراني فيها عديدة، “وأهم مسببات نفور المجتمع الأهلي بمحافظة السويداء والمنطقة الجنوبية عموماً هو تهريب ’حزب الله‘ اللبناني – وغيره من الفصائل الموالية لإيران – المخدرات إلى دول الجوار، وهذا دخيل على مجتعنا، فالحشيش صار يباع في الشارع بتغطية أمنية، كما تأتي الشحنات معبأة من دمشق إلى محافظة السويداء، وتعبر إلى درعا، فالأردن، وصولاً إلى دول الخليج”، كما يقول الجمال، مضيفاً: “الوجود الإيراني في مناطق سوريا كان أكبر داعم لتهريب المخدرات”.
ثمة أسباب أخرى. يقول الجمال: “رأينا ما حصل في باقي محافظات سوريا، على سبيل المثال في دير الزور وحلب وحمص وريف دمشق، حيث تسعى إيران إلى بناء الحسينيات والمراكز الدينية تمهيداً لمشروع التغيير الديموغرافي في سوريا”. ويضيف أن إيران تخطط لاحتلال سوريا، “ونحن نطالب المجتمع السوري وشرفاء سوريا بطرد الإيرانيين من سوريا”.
يتابع الجمال: “في بداية الحوادث السورية، خططت إيران لبناء الحسينيات في محافظة السويداء، وقد وقف الشيخ الراحل أبو فهد وحيد البلعوس في وجه هذا المخطط، وأوقفه، ونحن هنا في السويداء مستمرون في هذا السبيل، فإن تعرض أهلنا لأي موقف، نحن مستعدون للمواجهة العسكرية معهم، فنحن منذ أيام أجدادنا وسلفنا الصالح ثابتون في مناطقنا ومتجذرون نرفض التهجير أو التغيير الديموغرافي”.
فليقرأوا التاريخ
يعقّب الشيخ مروان رزق، أحد وجهاء الحراك الثوري في السويداء، على كلام الجمال، بالقول لـ”963+”: “ثمة فصائل إيرانية عدة على أرض سوريا، مثل ’زينبيون‘ و’فاطميون‘ و’حزب الله‘، لا نقبل بهم، بأي شكل من الأشكال”.
وكان قد جدد رئيس طائفة المسلمين الموحدين، الشيخ حكمت الهجري، دعمه للحراك الشعبي السلمي المطالب بالتغيير السياسي في السويداء.
وقال الهجري في بيان، الاثنين الماضي، إنه “رغم التردي والفشل والفساد المستشري بكل مفاصل الدولة، ورغم ما يكابده الأهالي من معاناة لا تطاق، لم يقدم القائمون على البلد إلا انفصالهم عن الواقع”.
ختاماً، يقول رباح غانم، أحد أبناء محافظة السويداء والمشاركين في حراك السويداء السلمي، لـ”963+”: “نحن نرفض وجود الفصائل الإيرانية في السويداء رفضاً تاماً، فإيران دولة محتلة، هجرت الشعب السوري وقتلته، ونشرت المخدرات في كل سوريا”.