واشنطن
تحتدم المنافسة بين المرشحة الديموقراطية للانتخابات الرئاسية الأميركية كامالا هاريس، ومنافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، مع بقاء 3 أيام على الانتخابات المقررة في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، والتي تأتي وسط تطورات وأزمات عالمية متلاحقة أبرزها الحرب بين إسرائيل وكل من حركة “حماس” و “حزب الله” في قطاع غزة ولبنان، والحرب الروسية الأوكرانية.
وأظهر أحدث استطلاع للرأي أجرته صحيفة “ذا تايمز” الأميركية، أن هاريس تتقدم في 4 ولايات متأرجحة هي ويسكونسن وميشيغن وبنسلفانيا ونيفادا، بينما تتساوى مع ترامب في ولاية أريزونا، فيما أظهر استطلاع آخر أجراه موقع “يوغوف” تقدم المرشح الجمهوري على منافسته الديموقراطية في جورجيا ونورث كارولينا.
حملة محمومة لكسب الأصوات
ومع الاقتراب من الدخول في الصمت الانتخابي قبيل بدء الانتخابات، كثف المرشحان من حملاتهما الانتخابية لاسيما في الولايات المتأرجحة، في ظل محاولة التركيز على إظهار نقاط ضعف المنافس وجعل الملفات الداخلية من اقتصاد وهجرة غير شرعية في الصدارة، من أجل كسب المزيد من أصوات ما يوصفون بـ”الرماديين”.
وأظهرت جميع استطلاعات الرأي التي أجريت خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تقدم هاريس بفارق ضئيل عن ترامب، حيث سجلت تقدماً بنسبة 49% مقابل 46% على منافسها، وفق استطلاع أجرته صحيفة “نيويورك تايمز/ سيينا” في الفترة بين 29 أيلول/ سبتمبر و 6 أكتوبر، كما تقدمت باستطلاع آخر أجرته وكالة رويترز مطلع أكتوبر بنسبة 46% مقابل 43%، أظهر أيضاً أن ترامب هو المرشح الأوفر حظاً للفوز بثقة ناخبين محتملين يهتمون بمجموعة من القضايا الاقتصادية.
وتتمتع الانتخابات الرئاسية الحالية في الولايات المتحدة، بكثير من الاهتمام والتشويق، في ظل طموح هاريس لأن تصبح أول امرأة تتولى مقاليد الحكم، في حين يُمني ترامب النفس بأن يصبح ثالث رئيس أميركي يتمكن من العودة إلى السلطة بعد أن فقدها.
وأفادت وسائل إعلام أميركية، بأنه تم فرض إجراءات أمنية مشددة في العاصمة واشنطن، قبل أيام قليلة على بدء الانتخابات، كما نشر البيت الأبيض سياجاً على جميع مداخله، بينما قررت الشركات الواقعة في محيطه حماية نوافذها بوضع ألواح خشبية، حيث يخشى ثلثا الأميركيين من حصول أعمال عنف بعد إعلان النتائج، فق استطلاعات الرأي.
أين الملف السوري؟
ورغم تركيز المرشحين على القضايا الداخلية خاصةً الاقتصاد، بقيت الملفات الخارجية حاضرة في خطاباتهما الانتخابية، وسط عدم إيلاء اهتمام كبير بالملف السوري وسط سخونة الملفات الأخرى في لبنان وقطاع غزة وأوكرانيا، إلا أن الكثير من الخبراء والمحللين لا يتوقعون حدوث تغيير جوهري في السياسة الأميركية تجاه سوريا سواءً فاز ترامب أو هاريس، في ظل تعقيد المشهد وتصاعد الأزمات عالمياً، وتصريحات المسؤولين الأميركيين المتكررة حول رفض التطبيع مع الحكومة السورية قبل دخولها الفعلي في عملية سياسية حقيقة تقود لانتقال ديموقراطي، واستمرار التواجد في سوريا مع استمرار خطر تنظيم “داعش”.
وعلى الرغم من عدم إيلاء أهمية للملف السوري بالسياسة الأميركية خلال فترة حكم الرئيس الحالي جو بايدن، لا يتوقع الباحث في مركز “ويلسون” الأميركي، جو معكرون، حدوث تغيير كبير في تلك السياسة في حال فوز هارس بالانتخابات، ما عدا ربما تغيير بالأسلوب والتكتيك”.
ويقول في تصريحات لموقع “963+”، إنه “في حال فوز ترامب فلا يتوقع أن يتبع سياسة كالتي اتبعها في ولايته السابقة، بحيث لن يكون هناك انسحابات من المنطقة”، متوقعاً ألا تتغير السياسة في الملف السوري بغض النظر عن الفائز على اعتبار أن هذا الملف ليس أولوية”.
وسبق لهاريس أن انتقدت القرار الذي اتخذه ترامب عندما كان رئيساً في عام 2019، بالانسحاب من سوريا، إبان هجوم القوات التركية وفصائل المعارضة السورية الموالية لها على مناطق في الشمال السوري، قبل أن يتراجع لاحقاً عن القرار ويعيد القوات الأميركية إلى قواعدها في شرق البلاد.
وينتشر في شرق سوريا 900 جندي أميركي ضمن قوات التحالف الدولي لمحاربة “داعش” بالتعاون مع قوات سوريا الديموقراطية (قسد) التي تصفها واشنطن بـ”الشريك في الحرب ضد الإرهاب”.
إيران والعراق
وكان ترامب، قد أظهر خلال ولايته السابقة موقفاً أكثر تشدداً تجاه إيران والفصائل الموالية لها في العراق وسوريا، فأعلن في عام 2018، عن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقع بين القوى الكبرى وإيران، وأعاد فرض العقوبات على طهران.
كما استهدفت في عهده غارة أميركية، قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة “الحشد الشعبي” العراقي أبو مهدي المهندس في كانون الثاني/ يناير 2020، قرب مطار العاصمة العراقية بغداد، ما أدى لمقتلهما.
ويرى جو معكرون، أنه “إذا عاد ترامب في حال فوزه بالرئاسة، إلى سياسة المواجهة مع إيران، فإنه سيكون لذلك تداعيات على العراق وحالة الاستقرار فيه ووجود الجيش الأميركي هناك”.
ملفات دولية معقدة
خارجياً أيضاً، أكد المرشحان الجمهوري ومنافسته الديموقراطية، استمرار الدعم الأميركي لإسرائيل، مقابل الدعوة لوقف الحرب في قطاع غزة ولبنان في إطار ما يقول محللون إنها “محاولة تبني خطاب متوازن لكسب أصوات اليهود والعرب”.
ويتهم كل منهما المرشح الآخر بعدم دعم إسرائيل بما فيه الكفاية، حيث قال ترامب قبل أيام، إن “إسرائيل لن تكون موجودة في غضون عامين إذا هُزم”، في حين تصف هاريس خطاب ترامب حول إسرائيل بأنه “معاد للسامية”، كما تشدد على “أهمية وخصوصية التحالف طويل الأمد بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فخلال مراسم إحياء ذكرى هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، غرست مع زوجها اليهودي دوغ إيمهوف شجرة رمان في حديقة سكنها كرمز على ديمومة التحالف مع تل أبيب”.
وفي المقابل يصف ترامب نفسه بانتظام بأنه “أفضل صديق” لإسرائيل، وقال خلال خطابه أمام المجلس الإسرائيلي الأميركي في واشنطن في 19 أيلول/ سبتمبر الماضي: “سنجعل إسرائيل عظيمة مرة أخرى” وصرّح أن “هجوم 7 أكتوبر كان أحد أحلك الساعات في تاريخ البشرية”.
وفيما يتعلق بالحرب الأوكرانية، فقد أعلنت المرشحة الديموقراطية، أنها ستواصل سياسة الرئيس الحالي جو بايدن في مساعدة أوكرانيا، معبرة بوضوح عن “رغبتها في رؤية روسيا مهزومة”، فيما أعرب ترامب مراراً عن رفضه لاستمرار الحرب، والدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا، واصفاً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنه “مندوب مبيعات ناجح”، بعد حصوله على دعم كبير من إدارة بايدن.
وقال ترامب في إحدى خطاباته في سبتمبر الماضي، إنه “ما كان ليسمح باندلاع الحرب في أوكرانيا لو كان رئيساً، وأنه سينهي الحرب بسرعة كبيرة في حال فوزه بالرئاسة”، مشدداً على ضرورة تحمل الدول الأوروبية العبء الأكبر من دعم كييف ضد الهجوم الروسي.
وبشأن العلاقة مع الصين، يظهر المرشح الجمهوري بشكل متكرر، رفضه لـ”هيمنة الصين على السوق العالمية”، وذكر في 20 أكتوبر الماضي، أنه “إذا عاد إلى البيت الأبيض فإن الصين لن تجرؤ على استفزازه لأن الرئيس شي جين بينغ يعرف أنه “مجنون”، وقال إنه “سيفرض رسوماً جمركية على الصين إذا سعت لحصار تايوان”، مضيفاً: “أود أن أقول لجيبن بينغ إذا ذهبت لتايوان سأفرض عليك ضريبة بنسبة 150% إلى 200%”.