دمشق
تتراكم الأزمات المعيشية على كاهل الفرد السوري في مناطق سيطرة الحكومة على مدار العام، ومع اقتراب فصل الشتاء تدخل المعاناة فصلا جديدا يتمثل في تأمين وقود التدفئة، بعد رفع أسعار المازوت والغاز المنزلي، ما يتسبب بارتفاع المواد الأساسية جميعها، وسط ضعف القدرة الشرائية للسكان.
بلا “مازوت ومونة للشتوية” تستعد صفاء الجاسم وهي سورية تقطن حي القدم في العاصمة دمشق، لاستقبال العام الجديد هذا ما قالته لموقع “963+”، وتعلّق على قرار رفع أسعار المحروقات الذي أصدرته الحكومة السورية: “ليس القرار بغريب، لا يمكننا التكهن بارتفاع سعر أي سلعة أو خدمة في البلاد، فلا الغاز ولا المحروقات ولا الخبز بمنأى عن الغلاء في هذه الظروف الخانقة، ولا ندري من الملام”.
وتشتكي الجاسم: “50 ليتر لن تكفي لأسبوع، فلا يقتصر استخدامنا للمازوت على إيقاد المدفئة بغرض الحماية من البرد فقط… فغالبا ما نستخدمها لتسخين الماء للاستحمام والطبخ أحيانا في الشتاء”.
وتضيف الأرملة الدمشقية ذات الأعوام الأربعين وهي أمٌّ لثلاثة أبناء وفتاة: “مخصصاتي من مازوت التدفئة لا تفوق الـ 50 ليتر وهذه الكمية لن تكفي لأكثر من 7 أيام، فالعام الماضي كانت الكمية 90 ليتر ونفدت خلال 15 يوما”.
وتابعت: “نستخدم المدفئة شتاءً للتدفئة والطبخ وتسخين الماء، فما من كهرباء لتسخين مياه الحمام وما من غاز يكفي للطهي”.
وبتهكم تتحدث صفاء لـ “963+” عن تحضيراتها للشتاء والعام الجديد قائلة: “لم أتمكن من صنع المونة خلال الصيف، فما أجنيه من بسطة البهارات لا يكفي لجلب ما يفوق الاحتياج اليومي، فكيف سأتمكن من شراء حاجيات المكدوس والمربى وما شابهها من أصناف كنّا ندّخرها فيما مضى للشتاء”.
ومن حين لآخر تصدر الحكومة السورية قرارات تنص على رفع أسعار الخدمات الأساسية، وخاصةً المشتقات النفطية، ناهيك عن المواد التي تتأثر بشكل مباشر بارتفاع أسعار المحروقات مثل الخبز وأجور النقل والحَرث، حيث تتضرر جوانب الحياة بأسرها، ما يزيد معاناة السوريين ويضيّق سبل حياتهم ومعيشتهم.
ورفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في الحكومة السورية أسعار مبيع بعض أنواع المحروقات، وزاد بعضها نحو 1000 ليرة على السعر السابق.
ووفق النشرة الصادرة عن الوزارة اليوم الجمعة، حددت سعر مبيع ليتر البنزين “أوكتان 95” بـ 13500 ليرة سورية (ما يعادل 85 سنت من الدولار الأميركي) بدلا من 12573 ليرة، كما حددت سعر مبيع الليتر الواحد من البنزين “أوكتان 90” بـ 11500 ليرة سورية بدلا من 10966.
وبحسب النشرة الجديدة، وصلت قيمة تعبئة السيارة وفق الكمية التي تسمح بها الوزارة لكل مركبة والمحددة بـ 25 ليترا إلى 287 ألفا و500 ليرة سورية، ما يعادل قيمة الحد الأدنى للأجور في مناطق سيطرة الحكومة.
ورفعت الوزارة أيضا سعر مبيع مادة المازوت الحر إلى 11500 ليرة سورية لليتر الواحد بدلا من 11183 ليرة.
وفي نشرة أخرى أصدرتها اليوم أيضا، رفعت الوزارة أسعار مبيع أسطوانات الغاز المنزلي والصناعي، حيث وصل سعر مبيع أسطوانة الغاز المنزلي سعة 10 كيلوغرامات ضمن وخارج “البطاقة الذكية”، والتي تُباع للمستبعدين من الدعم والدوائر الحكومية والموافقات وموظفي وزارة النفط والثروة المعدنية إلى 150 ألف ليرة سورية، بدلا من 130 ألف ليرة.
وأما أسطوانة الغاز الصناعية من داخل وخارج البطاقة الرقمية بسعة 16 كيلوغرامات، فبلغ سعرها 240 ألف ليرة بدلا من 206 آلاف ليرة.
وفي السياق، نفى مصدر في مصفاة بانياس للنفط صحة الأخبار المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول انتهاء أزمة المحروقات المستمرة منذ أشهر، وازدياد إنتاجها في الفترة المقبلة.
وأشار المصدر في تصريح للإعلام المحلي إلى أنّ “ما هو متداول لا أساس له من الصحة، ومصفاة بانياس لم تصرح به لأحد، بالإضافة إلى أن كميات الإنتاج كما هي ولا توجد في الوقت الحالي أعمال صيانة”.
وتصدر الحكومة نشرات أسعار دورية كل 15 يوما، تتضمن تحديثا بحسب الأسعار العالمية للمحروقات.
وتوزع مخصصات المحروقات على المقيمين في مناطق سيطرتها بشكل مقنن، ما يجبرهم على اللجوء للسوق السوداء لتغطية احتياجاتهم منها، حيث تختلف الأسعار وفق توفر المواد المدعومة أو عدمه، إذ تتضاعف حين حدوث أزمات متكررة في المحروقات، بينما تعاود الانخفاض حين توفرها.