درعا
تشهد محافظة درعا جنوب سوريا تزايداً مقلقاً في عدد حالات الخطف منذ سيطرة القوات الحكومية السورية عليها منتصف عام 2018. ووفقاً لإحصائيات مكتب توثيق الانتهاكات في تجمع “أحرار حوران”، بلغ إجمالي حالات الاختطاف في المحافظة 456 حالة حتى نهاية أيلول/ سبتمبر 2024، مما يعكس تصاعداً حاداً في الفوضى الأمنية التي تهدد الاستقرار في المنطقة الجنوبية. وتشمل هذه الحالات اختطاف أفراد داخل وخارج حدود المحافظة، مع التركيز على الشبان اليافعين الذين يُستهدفون بشكل خاص.
وقال المحامي عاصم الزعبي، مدير مكتب توثيق الانتهاكات، إن “النظام يدعم مجموعات محلية متورطة في الخطف بهدف تحقيق مكاسب مالية عبر ابتزاز أهالي المخطوفين، ويزود هذه العصابات بدعم مالي وعسكري وتسهيلات أمنية تعزز من حصانتهم، مما يحول دون محاسبتهم. كما يُستغل الوضع الأمني الهش في درعا كوسيلة لإضعاف المجتمع المحلي وتهديد استقراره، وفق ما أشار إليه أحد وجهاء المحافظة”.
وفي عام 2023، وثق مكتب “أحرار حوران” 126 حالة خطف في درعا، من ضمنها أربع حالات لأشخاص من خارج المحافظة.
أما في عام 2024، فقد استمرت الأوضاع في التدهور، حيث شهد شهر آب/ أغسطس وحده 31 جريمة قتل و13 حالة اختطاف.
وتوضح الأرقام أن عام 2024 شهد تصاعداً في وتيرة هذه الجرائم، إذ تم تسجيل سبع حالات خطف منذ بداية العام فقط.
ووفقاً للمكتب التوثيق، غالباً ما يطالب الخاطفون بفدية مالية مقابل الإفراج عن المخطوفين، وفي إحدى الحالات أُفرج عن شاب بعد شهر من اختطافه إثر دفع ذويه مبلغًا ماليًا.
وتتراوح مدة الاحتجاز بين أيام وأشهر، ويتعرض المخطوفون خلالها لشتى أنواع التعذيب الجسدي والضغط النفسي، مما يؤدي إلى تزايد حدة التوترات العشائرية التي كثيراً ما تندلع كرد فعل انتقامي، وهو ما يزيد من تفاقم الأوضاع الأمنية الهشة.
ويبدو أن تكرار حوادث الخطف واستمرار الصراعات العشائرية والاقتصادية يؤدي إلى تهديد السلم الأهلي في درعا ويفاقم من حالة انعدام الأمن التي تهيمن على حياة السكان.
وتعمل عدة مجموعات مسلحة محلية كأدوات رئيسية لتنفيذ عمليات الخطف والاغتيال والنهب تحت حماية القوات الحكومية، بحسب ما ذكر الزعبي، إذ تنشط في منطقة أم ولد مجموعة يقودها محمد علي الرفاعي المعروف بلقب “أبو علي اللحام”، والتي تتعاون مع بعض عشائر البدو في درعا والسويداء.
وفي منطقة اللجاة، تنشط عدة عصابات، منها مجموعة عطا السبتي المرتبطة بتنظيم “داعش”، ومجموعة عبد الله وفهد العلي المدعومة من المخابرات الجوية، بالإضافة إلى مجموعة هاشم البيدر التي تعمل بتوجيهات الأمن العسكري.
ومن ناحية أخرى، تتصدر مجموعة محمد علوان، التي استهدفت السائقين الأردنيين في أغسطس، عمليات الخطف على الطرق العامة.
وفي الريف الغربي والشمالي، تبرز مجموعة عبدالناصر كيوان المعروف بـ “عبود الشلبك” في مدينة طفس، وهي تعمل تحت توجيهات رئيس فرع الأمن العسكري، لؤي العلي. كما تنشط في الصنمين مجموعة محسن الهيمد التي ترتبط بتنظيم “داعش” وتورطت في عدة اغتيالات.
وفي مدينة درعا، تواصل مجموعة محمد المسالمة، الملقب بـ “هفو”، أنشطتها لصالح تنظيم “داعش”، بالتعاون مع عماد أبو زريق المرتبط بالأمن العسكري، حيث تجمع بين عمليات تهريب المخدرات والابتزاز المالي.
وتعكس هذه الإحصائيات والتفاصيل تدهور الأوضاع الأمنية في الجنوب السوري، ما يعمق معاناة أهالي درعا.