استهدفت إسرائيل بشكل متزايد المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان، خاصة تلك المرتبطة بنقل الأسلحة والمواد اللوجستية الموجهة لـ”حزب الله” اللبناني. وتركزت هذه العمليات منذ اندلاع الحرب في غزة ودخول الحزب على خط المواجهة، حيث كثفت إسرائيل غاراتها على المعابر الحدودية الرسمية وغير الرسمية، مثل معبري “المصنع” و”جوسيه”، مما أسفر عن قطع طرق رئيسية بين البلدين وتفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة.
وتصاعدت الغارات الجوية على المنطقة الحدودية بين سوريا ولبنان منذ اندلاع الحرب في غزة بين إسرائيل و”حماس”، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، ودخول “حزب الله” على خط المواجهة.
وآخر الغارات الإسرائيلية على المنطقة الحدودية كانت مساء أمس السبت، حيث قُتل فيها ثلاثة أشخاص، بينهم لبناني، وأصيب آخرون، بغارة جوية على معبر “مطربا” في ريف حمص وسط سوريا، الحدودي مع لبنان، والذي سبق أن تم استهدافه وخروجه عن الخدمة قبل نحو شهر.
وبحسب ما تداولت وسائل إعلام، أن القصف الإسرائيلي استهدف سيارة قرب المعبر. وكثفت إسرائيل من هجماتها على المعابر الحدودية الرسمية وغير الشرعية بين سوريا ولبنان، وتبرر ذلك بمنع محاولات “حزب الله” اللبناني نقل أسلحة.
خنق “حزب الله”
هدد الجيش الإسرائيلي في وقت سابق، بضرب المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان، بسبب ما يقول إنها “تُستخدم في عمليات تهريب أسلحة وذخائر من سوريا باتجاه حزب الله”.
وفي 4 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، قصف الجيش الإسرائيلي منطقة المصنع الحدودية، ما أدى إلى قطع المعبر الحدودي الرئيسي بين لبنان وسوريا، وقال حينها إنه دمّر نفقاً أرضياً تحت الحدود اللبنانية ـ السورية، كان “حزب الله” يستخدمه “لنقل الكثير من الوسائل القتالية” لاستخدامها في الحرب ضد إسرائيل، وأشار إلى أنه “لن يسمح بتهريب هذه الوسائل القتالية ولن يتردد في التحرك إذا اضطر لذلك”.
ومعبر المصنع الذي خرج في الأيام الأولى للحملة الجوية على معاقل “حزب الله”، هو بوابة لبنان الرئيسية براً إلى الدول العربية، وتمر عبره البضائع والمنتجات الزراعية المصدرة، عدا عن حركة المسافرين من وإلى سوريا.
والخميس الماضي، شنت طائرات حربية إسرائيلية غارات استهدفت، وفق ما وصفها الجيش، “بنى تحتية عسكرية تابعة لحزب الله” في معبر جوسيه الحدودي، المعروف باسم القاع من الجانب اللبناني، في منطقة البقاع.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي على حسابه على “إكس”، أمس السبت، إنه “مثلما استغل حزب الله معبر المصنع المدني لنقل وسائل قتالية من سوريا إلى لبنان لاستخدامها في عمليات ضد مواطني إسرائيل وقوات الجيش، فقد يخطط لنقل أسلحة عبر معبر جوسيا الذي يخضع لسيطرة الحكومة السورية ويشرف عليه الأمن العسكري السوري”.
وأضاف: أفيخاي أدرعي أنه “يتم نقل الأسلحة من خلال الوحدة 4400، ومهمتها نقل الأسلحة والتعاون في حزب الله، بهدف استعمالها ضد الجبهة الداخلية الإسرائيلية وقواتنا القتالية في جنوب لبنان”.
وأكد أن الجيش الإسرائيلي سيواصل “جهوده لإحباط نقل الأسلحة من قبل حزب الله، ويدعو السلطات السورية واللبنانية إلى منع استخدام المعابر المدنية لأغراض إرهابية”.
وبذلك، فقد تسببت الغارة الإسرائيلية التي استهدفت على بعد مئات الأمتار من مكتب الأمن القومي السوري، بقطع معبر حدودي أمام حركة السيارات والشاحنات بين البلدين، ليصبح جوسيه بذلك المعبر الثاني المقطوع من إجمالي ثلاثة معابر رئيسية. وفق ما أكد وزير الأشغال العامة والنقل، علي حمية.
ويربط سوريا ولبنان 6 معابر شرعية، أبرزها معبر المصنع. فيما يعد معبر جوسيه بوابة بين البقاع الشمالي اللبناني وريف حمص، ويعتبر “رئة لبنان”.
وتنتشر على الحدود اللبنانية السورية لاسيما في البقاع العديد من الطرق والمعابر غير الشرعية، والتي تعتبر طرقاً أساسية لتهريب السلاح والبشر والبضائع واستخدمت لسنوات.
أزمة إنسانية
بعد قطع الطريق بين لبنان وسوريا في ضربة إسرائيلية، أظهرت مقاطع مرئية سير هاربين من الحرب في لبنان إلى الأراضي السورية على أقدامهم. وتفاقم الوضع بعد تدمير معبر جوسية أمام حركة السيارات، وحذرت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين من خطورة الوضع، مشيرةً إلى أن إسرائيل تعيق حركة النازحين.
وذكر مكتب مفوضية الأمم المتحدة في جنيف أن حوالي 430 ألف شخص قد فروا إلى سوريا فقط منذ تصعيد الهجمات الإسرائيلية على لبنان. ومع ذلك، فقد تعرضت المعابر الحدودية أيضاً للهجمات، ما زاد من المخاطر على اللاجئين وموظفي الأمم المتحدة.
وقالت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، رولا أمين، في إفادة صحفية بجنيف، إن “هذا يعوق ويهدد بالفعل شريان حياة رئيسي يستخدمه الناس للهروب من النزاع في لبنان والعبور إلى سوريا”.
وأضافت: أن “الهجمات على المعابر الحدودية تشكل مصدر قلق كبير، فهي تقطع الطريق إلى بر الأمان أمام الفارين من الصراع”.
وأوضحت أن الغارة على جوسية وقعت على بعد 500 متر من مكاتب الهجرة، دون أي إنذار مسبق. وأشارت إلى أن “هذا يعني أن على الناس التفكير مرتين قبل محاولة عبور الحدود ومدى أمان الطريق الذي يسلكونه”.
ويُنذر استهداف المعابر الحدودية التي من المستبعد أن يتم التهريب عبرها، لتفاقم معاناة النازحين من الحرب في لبنان، والذين قد يتعرضون لسلب ونهب واحتجاز على المعابر غير الشرعية، في وقت نشطت فيه حالات الخطف قرب الحدود اللبنانية مع سوريا.
وبحسب الأرقام الرسمية اللبنانية، فإنه فر أكثر من 500 ألف شخص إلى سوريا منذ أواخر أيلول/سبتمبر الماضي. تقول الأمم المتحدة أن 70% من النازحين عبر الحدود كانوا سوريين، بينما البقية كان معظمهم من اللبنانيين.
ويتزامن تركيز إسرائيل على المعابر الواصلة بين سوريا ولبنان، مع مواصلة قصفها على معاقل “حزب الله” وعمليات التوغل البري “المحدودة” في جنوب لبنان.