الحسكة
يواجه النازحون الفارون من الحرب في لبنان تحديات إضافية بعد إغلاق معبرين رئيسيين يؤديان إلى شمال شرقي سوريا. حيث جاءت هذه الخطوة نتيجة القصف التركي المتواصل منذ 5 أيام على المنطقة، مازاد من صعوبة الهروب من الأهوال التي يعيشونها في بلادهم. عائلات كثيرة، كانت تأمل في العثور على الأمان والسكينة، وجدت نفسها محاصرة بين ويلات النزاعين، الأول في لبنان والثاني المتجدد في سوريا.
وأعلنت إدارة المعابر التابعة للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، عن إغلاق معبري “أم جلود” و”عون الدادات” في ريف حلب الشرقي، بسبب التصعيد العسكري التركي. وهما المعبران اللذان كانا يمثلان أملًا للعائلات الهاربة من العنف، سواء في لبنان أو في المناطق السورية التي تسيطر عليها القوات التركية.
وأكد مصدر مسؤول في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا لموقع “963+”، أن المعبرين تم إغلاقهما بالفعل جراء القصف التركي، دون أن يحدد مدة الإغلاق لاسيما في ظل استمرار التصعيد والهجمات الجوية.
ويصل معبر “عون الدادات” الواقع في ريف منبج الشمالي، بين مناطق “الإدارة الذاتية”، ومناطق فصائل المعارضة الموالية لتركيا في ريف جرابلس شرقي حلب، فيما يقع معبر “أم جلود” الرابط أيضاً مع مناطق فصائل المعارضة في ريف منبج الشمالي الغربي.
“الإدارة الذاتية” تكشف حصيلة الهجمات التركية على شمال شرق سوريا
وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، قد أعلنت في 23 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أنّ حوالي 597,700 شخص فرّوا من لبنان إلى سوريا خلال الفترة ما بين 23 أيلول/ سبتمبر و20 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، فيما أعلنت خلية الأزمة المختصة بشؤون الوافدين من لبنان التابعة لـ”الإدارة الذاتية” أمس السبت، وصول 20 ألفاً و128 شخصاً من لبنان إلى مناطق شمال وشرق سوريا منذ بدء التصعيد العسكري الإسرائيلي في لبنان، مشيرةً إلى أن من بين النازحين 6422 طفلاً و 86 يحملون الجنسية اللبنانية.
وكانت “الشرطة العسكرية” الموالية لتركيا، قد منعت مطلع الشهر الجاري، آلاف اللاجئين السوريين العائدين من لبنان جراء التصعيد الإسرائيلي من دخول مناطق سيطرة فصائل المعارضة بالشمال السوري، واشترطت وجود كفيلين من أهالي المنطقة يحملان هويات صادرة عن “الحكومة السورية المؤقتة”، قبل أن تسمح في وقت لاحق بدخولهم.
وينحدر أغلب هؤلاء اللاجئين، من مناطق خاضعة لسيطرة القوات الحكومية السورية في ريف إدلب شمال غربي البلاد، نزحوا عن بلداتهم وقراهم منذ سنوات، بحسب ما كشف حينها مصدر محلي لموقع “963+”، وفروا الآن من لبنان بسبب ما تشهده من حرب.
وكانت مديرة مكتب لجنة الإنقاذ الدولية في سوريا تانيا إيفانز، قد قالت في بيان بتاريخ 15 أكتوبر الجاري، إن “اللبنانيين والسوريين الذين فروا من لبنان جراء التصعيد الإسرائيلي، يواجهون أوضاعاً كارثية شمالي سوريا”، وأضافت: “من خلال موظفي اللجنة وشركائها على الأرض، نسمع تقارير عن عائلات سورية تريد الوصول لمناطق المعارضة السورية أجبرت على دفع مبالغ مالية كبيرة للوصول إلى وجهتها المقصودة، وبمجرد وصولهم، أفاد العديد منهم بعدم امتلاكهم أي أموال متبقية لشراء الضروريات الأساسية”.
تداعيات التصعيد التركي
لم يكن إغلاق المعبرين سوى جزء من تداعيات التصعيد التركي على مناطق متفرقة من شمال شرقي سوريا منذ الأربعاء الماضي، حيث استهدف القصف منشآت خدمية وبنى تحتية بينها حقول نفط ومحطات كهرباء وأفران، ومقرات لقوات سوريا الديموقراطية (قسد) وقوى الأمن الداخلي (الأسايش).
وقال المجلس التنفيذي في “الإدارة الذاتية” في بيان اليوم الأحد، إن “إجمالي الهجمات التركية على المنطقة بلغ 1031 هجوماً، أسفرت عن مقتل 17 شخصاً وإصابة 65 آخرين من مدنيين وعسكريين”، مضيفاً أن “عدد الهجمات عبر الطائرات المسيرة بلغ 118 هجوماً، فيما بلغ عدد هجمات الطائرات الحربية 20 هجوماً، إضافةً لقصف المنطقة بـ893 قذيفة هاون”.
من الشمال الشرقي إلى الشمال الغربي.. تصعيد تركي روسي في سوريا
وذكر بيان “الإدارة الذاتية”، أن “القصف التركي على المنطقة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي عن أكثر من 150 ألف عائلة، بالإضافة إلى انقطاع المياه عنهم بسبب انقطاع الكهرباء عن محطات المياه”، كما “تسبب القصف أيضاً بعدم وصول المحروقات إلى المراكز الخدمية وخاصة الأفران، بالإضافة إلى نقص كبير في كميات المحروقات، ما أدى لشح المحروقات الخاصة بالتدفئة”.
وكان الرئيس المشترك لهيئة الطاقة في “الإدارة الذاتية” زياد رستم، قد قدّر قيمة الخسائر نتيجة الأضرار التي لحقت بالمنشآت الحيوية جراء القصف التركي بنحو 5 ملايين دولار أميركي، مؤكداً أنهم “لا يزالون في طور إحصاء الأضرار وتقييمها”، وفق ما نقلت وكالة “هاوار”.
وأفادت الوكالة أيضاً نقلاً عن الرئيسة المشتركة لهيئة الطاقة في مقاطعة الفرات (تقسيم إداري متبع في الإدارة الذاتية) عائشة ناصر، أن “القصف التركي على محطة الكهرباء في مدينة كوباني تسبب بحرمان المدينة و366 قرية في ريفها من التيار الكهربائي، إلى جانب توقف آبار المياه ومرافق خدمية أخرى عن العمل جراء انقطاع الكهرباء”.