الحسكة
تواصل تركيا تصعيدها العسكري عبر القصف الجوي والبري على مناطق متفرقة من شمال شرقي سوريا منذ الأربعاء الماضي، مستهدفةً المنشآت الخدمية والبنى التحتية الأساسية ومواقع عسكرية لقوات سوريا الديموقراطية (قسد) وقوى الأمن الداخلي (الأسايش)، بموازاة تصعيد روسيا والقوات الحكومية من قصفهم على عدة مناطق في أرياف إدلب وحلب وحماة شمال غربي البلاد.
وجاء التصعيد التركي الروسي، بعد اجتماع لوفد من المخابرات التركية وضباط من المخابرات والشرطة العسكرية الروسية في القاعدة الروسية المعروفة بـ”المنشرة” على الطريق الدولي M4″ ” قرب مدينة سراقب بريف إدلب الجنوبي الشرقي في 22 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، “لبحث التطورات بالشمال السوري، وفتح المعابر بين سيطرة القوات الحكومية وفصائل المعارضة الموالية لتركيا”، بحسب ما كشفت مواقع إخبارية محلية.
وقصفت الطائرات التركية المسيرة صباح اليوم السبت، مركز الدفاع الذاتي التابع لقوات سوريا الديموقراطية في حي “ميسلون” بمدينة القامشلي شمال شرقي البلاد بغارتين جويتين، كما استهدفت بغارتين مركز الإنشاءات العسكرية على الحزام الشمالي في المدينة، وفق ما أفاد مصدر محلي لموقع “963+”.
منشآت خدمية
وأصدرت قوى الأمن الداخلي (الأسايش)، بياناً اليوم السبت، كشفت فيه عن تعرض محيط محطة الكهرباء ومنشأة لمواد البناء على الحزام الشمالي بالمدينة لغارتين بطائرة مسيرة، إضافةً لاستهداف مسيرة أخرى بثلاث غارات المستوصف الطبي في حي ميسلون في المدينة، ما أسفر عن أضرار مادية كبيرة، دون وقوع خسائر بشرية.
وأشار البيان، إلى تعرض محيط الفرن الآلي في مدينة ديريك (المالكية) أقصى شمال شرقي البلاد، لقصف بمسيرة تركية، إلى جانب استهداف مسيرة أخرى معملاً للألبان والأجبان في المدينة، ما أسفر عن إصابة 3 عاملات في المعمل بجروح متفاوتة.
وكانت طائرات مسيرة تركية قد قصفت أمس الجمعة للمرة الثانية خلال ساعات، محطة “سادكوب” للمحروقات في حي علايا بمدينة القامشلي، ومركزاً لقوى الأمن الداخلي (الأساييش) في المنطقة الصناعية للمدينة، وذلك بعد ساعات على قصف جوي عنيف نفذته مقاتلات حربية تركية، استهدف مركز مدينة كوباني بريف حلب الشرقي ومحيط مشفى الأمل وصوامع الحبوب بالمدينة، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة 8 آخرين بجروح خطيرة، بحسب ما أعلنت “الأسايش”.
وأسفرت الهجمات التركية المتواصلة على مناطق شمال شرقي سوريا، عن مقتل 17 شخصاً وإصابة 48 آخرين، بينهم عمال في منشآت خدمية ونفطية، منذ الأربعاء وحتى أمس الجمعة، بحسب بيان لـ”الأسايش”.
وأعربت منظمة “أطباء بلا حدود” غير الحكومية الدولية أمس الجمعة، عن قلقها إزاء التصعيد العسكري التركي في شمال شرقي سوريا، وقالت في بيان عبر حسابها في منصة “فيسبوك”: “يستهدف التصعيد، البنية التحتية المدنية ويلحق الضرر بمرافق الرعاية الصحية مما يؤدي إلى سقوط ضحايا من المدنيين”.
وقالت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا أمس الجمعة في بيان: “تسببت الهجمات التركية على مناطق كوباني وتربسبية (القحطانية) وعامودا، بتدمير قطاع الطاقة، مما ترك أكثر من 250 ألف عائلة دون كهرباء، وتسبب القصف بانقطاع المياه عن الدرباسية التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 50 ألف نسمة”، وحذّرت من تداعيات استهداف منشآت النفط والمصافي على القطاعات الخدمية والصناعية والزراعية “في ظل هذه الظروف الحساسة”.
تصعيد روسي وحرب مسيرات
وبالتزامن، صعدت روسيا والقوات الحكومية السورية من قصفهم على مناطق شمال غربي البلاد، حيث شنّت الطائرات الحربية الروسية يوم الخميس الماضي، 4 غارات جوية استهدفت قرى دير سنبل وأطراف كنصفرة بمنطقة جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، ومنطقة سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، وتلال كبانة بريف اللاذقية الشمالي، ما أسفر عن أضرار مادية، وذلك بعد أيام على غارات استهدفت مدينة إدلب ومناطق عرب سعيد وحرش بسنقول وجوزيف في ريفها الغربي، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، بينهم مدنيون يعملون في قطاف الزيتون.
وأمس الجمعة، انفجرت 7 طائرات مسيرة “انتحارية” للقوات الحكومية في محيط مدينة الأتارب وبلدات الأبزمو وكفر عمة والقصر وكفر تعال في ريف حلب الغربي، مستهدفة ورشات تعمل في قطاف الزيتون، ما أسفر عن إصابة 3 أشخاص بينهم طفل بمدينة الأتارب، وتضرر سيارة ومنزل مجاور لأماكن الانفجارات، بحسب ما أفاد مصدر محلي لموقع “963+”.
وأصدر فريق “منسقو استجابة سوريا” اليوم السبت، بياناً يوثق عدد الهجمات عبر الطائرات المسيرة والصواريخ على مناطق شمال غربي سوريا منذ مطلع العام الجاري وحتى 25 أكتوبر الجاري، أشار فيه إلى أن عدد الاستهدافات عبر المسيرات بلغ 256 استهدافاً، أسفرت عن مقتل 34 شخصاً وإصابة 88 آخرين بينهم نساء وأطفال.
وذكر البيان أيضاً، أن 16 شخصاً بينهم 4 أطفال، قتلوا وأصيب 39 آخرين بينهم 6 نساء و 14 طفلاً، جراء قصف بـ37 صاروخاً على مناطق شمال غربي سوريا خلال الفترة ذاتها، لافتاً إلى أن “استخدام الطائرات المسيرة والصواريخ الموجهة يؤدي لسقوط المزيد من الضحايا المدنيين وزيادة المعاناة الاقتصادية والنفسية للأهالي”.
وكانت وسائل إعلام تركية قد نقلت أمس الجمعة، عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تلميحه إلى نيّة قوّات بلاده تنفيذَ “عملية عسكرية موسعة في شمال وشرق سوريا”، واصفا إياها بالتزام تركيا “بمكافحة الإرهاب من منبعه في سوريا”.
ومع تزايد التصعيد العسكري، تتزايد المخاوف بين المدنيين من حدوث “تسويات” ومقايضات بين روسيا وتركيا على غرار أخرى مشابهة حدثت في أوقات سابقة، تقود إلى تغيير خارطة السيطرة، وما يرافق ذلك مع عمليات عسكرية تقود إلى حركات نزوح جديدة وتعميق المعاناة الإنسانية.